آراء ومقالات

#أحوازنا-من يحاسب إيران؟!

في شهر فبراير من عام 2014 بدأت روسيا – وهي إحدى الدول العظمى – إجراءات عسكرية استهدفت غزو وضم شبه جزيرة القرم، التي كانت تتبع أوكرانيا في ذلك الوقت ونجحت في ذلك مما استدعى اتخاذ الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي فوراً سلسلة من العقوبات ضد روسيا. وتتضمن تلك العقوبات حظر استيراد أو التعاقد مع موسكو لتوريد أسلحة، إضافة لحظر تصدير منتجات تكنولوجية قد تستخدم في مجال تصنيع الأسلحة وفرض عقوبات السفر على شخصيات روسية. وعندما قامت كوريا الشمالية بإجراءات عسكرية تستهدف المساس بالأمن ليس على مستوى الجارة كوريا الجنوبية فقط، بل على مستوى قارة أوروبا، فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية مجموعة من العقوبات على حكومة بيونج يانج. وتتضمن تلك العقوبات حظر تصدير الأسلحة وبعض البضائع والمعدات التكنولوجية لكوريا الشمالية إضافة لعقوبات مالية وتجارية.

وهناك أيضاً عقوبات عسكرية واقتصادية وتجارية وشخصية على جمهورية أفريقيا الوسطى وبورما (ميانمار) وبوروندي وأفغانستان وروسيا البيضاء والبوسنة والهرسك وجمهورية الكونغو الديموقراطية وليبيا وإريتريا وهاييتي والعديد من دول العالم التي تخضع لعقوبات دولية سواء من جانب الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأميركية، وهناك فترة محددة لسريان تلك العقوبات على أن يتم إعادة النظر فيها للتجديد أو التخفيف أو الإلغاء.

وفي الوقت نفسه عندما قامت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات عسكرية واقتصادية على إيران كانت المفاجأة أن تلك العقوبات تم فرضها فقط لجهود طهران الرامية امتلاك السلاح النووي. وبمجرد كتابة (تعهد وإقرار) من السلطة الإيرانية بعدم المضي قدما في البرنامج النووي تم رفع تلك العقوبات بجرة قلم، وكأن زلة إيران الوحيدة كانت في السعي لامتلاك القنبلة النووية، وكأن الدول العربية عامة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خاصة يرون في إيران مخاطر لا يراها بقية العالم.

منذ عام 1925 تحتل إيران جزء من الجسم العربي يسمى الأحواز وتقوم بممارسة استراتيجية منهجية لتغيير هوية وديموغرافية الإقليم أمام أنظار العالم، ولم يتحرك أحد لفرض عقوبات على إيران، وبعد إعلان قيام دولة الإمارات عام 1971 قامت إيران باحتلال جزء آخر من الجسم العربي يسمى جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولم يتم فرض أي عقوبات مرة أخرى على طهران. وتقوم إيران منذ عام 1979 بتصدير «ثورتها الإسلامية» إلى دول المنطقة تحت غطاء دعم أشقائنا التابعين للمذهب الشيعي للانقلاب على ولاة الأمر، وكأن دول المنطقة تدين بدين آخر غير الإسلام، وكأننا بحاجة لمن يهدينا لدين نفخر بتبعيته واعتناقه منذ نيف وألف وأربعمائة عام ومرة أخرى لم يتحرك أحد لردع إيران.

تتبع طهران منذ سنوات سياسة واضحة تستهدف تطويق دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وذلك بإثارة القلاقل والاضطرابات ودعم الانقلابات على الشرعية في العراق ولبنان واليمن بل وتقوم بمد يد المساعدة لنظام يقوم بقتل أبناء شعبه في سوريا ولم يتحرك أحد لفرض عقوبات على إيران. ثم يقوم مئات الإيرانيين – تحت نظر وسمع السلطات الإيرانية – بحرق وتدمير ونهب محتويات سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة في طهران وقنصليتها في مشهد ومرة أخرى لم تتحرك أي منظمة دولية لفرض أي عقوبات على إيران.

تقوم إيران بزرع الفتنة الطائفية بين السُنة والشيعة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعراق وإقليم كردستان ولبنان والجزائر وأمازيغ ليبيا ونيجيريا وغيرهم، ولا يتم فرض أي عقوبات دولية على طهران بل لا يصدر حتى بيان دولي يحذرها من العواقب الوخيمة لسلوكها. والمحصلة‏‭ ‬استمرار‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬سياستها‭ ‬العدائية‭ ‬واحتلالها‭ ‬للأراضي‭ ‬العربية‭ ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬بحاجة‭ ‬لإجابة:‭ ‬من‭ ‬يحاسب‭ ‬إيران؟‭!

د.عبدالله محمد الشيبه

المصدر: صحيفة الاتحاد الاماراتية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى