الأخبار

كلمة السيد حبيب جبر رئيس حركة النضال العربي لتحرير الأحواز في مؤتمر كوبنهاغن 2018

بسم الله الرحمن الرحيم

الحضورُ الكريم..

أصحابُ المعالي والسيادةِ..

الأخوةُ أعضاءُ المؤتمرِ الكرام..

السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتِه.

أرحبُ بكُم في هذا المؤتمرِ الذي ينعقدُ في كوبنهاغن بالدنمارك، في ظلِّ تطوُّراتٍ دوليةٍ وإقليميّةٍ مؤثّرةٍ ومهمّةٍ على القضيَّةِ الأحوازيّة، فقد ولّى الزمانُ الذّي كان فيهَ شعبُنا الأحوازيِّ، يعاني التجاهلَ والصمتَ العربيِّ والدوليِّ، خلالَ نضالِهِ ضدَّ قهرِ وتسلُّطِ الاحتلالِ الإيراني، وجاءَ الزمنُ الذّي باتت فيهِ صورةُ إيرانَ كدولةٍ إرهابيةٍ، معروفةً ومكشوفةً على المستوى العالميّ، ومعَ هذا الانكشافِ، هناكَ بروزٌ وعلوُّ للقضيّةِ الأحوازيةِ، وهذا التطورُ الذي تعيشُهُ القضيَّةُ الأحوازيّةُ يعتبرُ تتويجاً لتضحياتِ ونضالِ الأحوازيينَ عبرَ أكثرَ من تسعينَ عقداً ، وقبلَ أيامٍ فقط ، ودّعَ أبناءُ الأحوازَ كوكبةً من خيرةِ شبابِ الأحوازِ العربيّ، حيثُ زفَّ إلى مقامِ الشهادةِ اثنينِ وعشرينَ عريساً أحوازياً، شهداءُ تعرّضوا للاعتقالِ والإعدامِ خلالَ مدةٍ أقلَّ من سبعينَ يوماً، وهذه صورةٌ من صورِ الإرهابِ الذّي تُمارسُهُ إيران بحقَّ الشعبِّ العربيّ الأحوازيّ، واسمحُوا لي أن أتقدمَ باسمِكُم وباسمِ أحرارِ وشُرفاءِ العالمِ بخالصِ التضامنِ، معَ عوائلِ الشهداءِ الصابرينَ المصابرين.

أيُّها الحضورُ الكريم:

قبلَ أيامٍ تابعتُم ما جاءَ على لسانِ نيكي هايلي مندوبةِ الولاياتِ المتّحدةِ الأمريكيّةِ في الأممِ المتحدةِ من إدانةٍ في مجلسِ الأمنِ، لمحاولةِ الاغتيالِ الفاشلةِ التي استهدفتني فيها دولةُ الإرهابِ الإيرانية، مع عددٍ من قادةِ حركةِ النضالِ العربيِّ لتحريرِ الأحواز، في دولةِ الدنمارك، ما استدعى موقِفاً مشكوراً من الدنمارك وعلى أرفعِ مستوياتِ المسؤوليّةِ، إدانةً واستنكاراً، واستدعاءً للسفيرِ الإيراني، بعد كشفِ مخططٍ إيراني، يندرجُ في إطارِ سلسلةِ العملياتِ الإرهابيّةِ التي تهددُ بها إيران، دولَ العالمِ الحرِّ، فبعدَما عاثت ميليشياتُها والميليشياتُ المدعومةُ منها فساداً في العراقِ واليمنِ وسورية ولبنان، ها هي تمدُّ أذرعَها القذرةَ، نحو أمنِ أوروبا والعالمِ كلّه، ومن هنا من هذه الدولةِ التي قدّمتِ الرعايةَ والحمايةَ لنا، نؤكّدُ على مشروعيةِ التصدّي للإرهابِ الإيراني، بالوسائلِ السياسيةِ والإعلاميةِ والقانونيةِ المتاحةِ لنا، فلابدَ من فضحِ تلاعبِ هذا النظامِ الحاكمِ في طهران، بمصيرِ الأحوازيينَ، والشعوبِ غير الفارسيةِ، داخلَ المناطقِ التي تحتلُها، إيران، وخارجَها في بقيّةِ دولِ العالم.

ونحن في حركةِ النضالِ العربيِّ لتحريرِ الأحواز، نعرفُ جيداً طبيعةَ عدوِنا الذي يحتلُ أرضناَ ويغتصبُ ثرواتِنا، ويتحكّم بمصيرِ شعبِنا، ولابدَ لنا من تعريفِ العالمِ كلِّه بهذا العدوّ، الذي يحاولُ بثَّ الخرابَ في دولٍ إقليميةٍ، ودولٍ مُحيطةٍ، أما تاريخُهُ الأسودُ في ممارسةِ الإرهابِ في دولِ العالمِ، فمعروفةٌ، وهي جزءٌ من طبيعةِ نظامٍ يحكمُ إيران منذُ ما يُقاربُ أربعةَ عقود، وأمثلةُ تاريخِهِ في الإرهاب كثيرة، نذكرُ منها:

تفجيرُ مقرِّ المارينز في بيروتَ عام 1983، وتفجيرُ المركزِ اليهوديِّ في العاصمةِ الأرجنتينية بوينس أيرس 1994، كما كان وراءَ التفجيرِ في أبراجِ مدينةِ الخبر السعودية عام 1996، وتفجيرِ ضريحِ العسكريين الإمام علي الهادي والإمام الحسن العسكري في سامراءَ عام 2006 ، هذا التفجيرُ الذي أشعلَ فتيلَ الفتنةِ الطائفيةِ في العراقِ، و راحَ ضحيتَها مئاتُ الالافِ من الأبرياء.

وفي عام ٢٠١١ نفذَ هذا النظامُ الإرهابي، محاولةً فاشلةً لاغتيالِ سفيرِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ السابقِ، والوزيرِ الحاليِّ السيد عادل الجبير في واشنطن.

وكان هذا النظامُ المبنيُّ على الإرهابِ، مسؤولاً مباشراً عن عملياتِ اغتيالٍ طالت دولاً عدة، كساحاتِ تنفيذٍ لها، نذكرُ منها:

اغتيالُ رئيسِ الحزبِ الديمقراطيِّ الكردستانيّ الدكتور عبد الرحمن قاسملو في العاصمةِ النمساوية فيينا عام 1989، وكان أبرزُ المشتبهين في ارتكابِ هذه الجريمةِ هو الرئيسُ الإيرانيُّ السابق محمود أحمدي نجاد، فتخيَّلوا أيها الإخوةُ الحضور، مدى أهميةِ ممارسةِ الإرهابِ في تقلُّدِ أرفعِ المناصبِ في هذه الدولةِ.

وأيضاً نذكرُ اغتيالَ الأمينِ العامِّ للحزبِ الديمقراطيِّ الكردستانيّ السيد صادق شرفكندي في برلين عام 1992.

واغتيالُ آخرِ رئيسِ وزراءٍ في عهدِ الشاهِ المخلوع، شابور بختيار عام 1991.

واغتيالُ النائبِ السابقِ لرئيسِ حركةِ النضالِ العربيّ لتحريرِ الأحواز، الشهيد أحمد مولى في مدينة لاهاي الهولندية في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني عام 2017 .

وهذا غيضٌ من فيض، والقائمةُ طويلةٌ والمقامُ لا يتسعُ لرصدِها.

وإذا كانت هذه الاغتيالاتُ السياسيةُ المصنّفةُ دولياً بالعملياتِ الإرهابيةِ، تتمُّ خارجَ حدودِ دولةِ إيران، فكيفَ يمكنُ أن يكونَ الحالُ في الأراضي والمناطقِ التي تحتلُّها إيران، وتتحكّمُ في مصيرِ شعوبِها؟ كالشعبِ الأحوازي والشعوبِ غير الفارسية؟

أيها الأخوةُ الحضور:

تحتَ كذبةِ ” الثورةِ الإسلاميةِ” التي حكمَ بشعاراتِها نظام إيران الإرهابي، شرّع لنفسِهِ توسيعَ رقعةِ إرهابهِ، تحت مسمّى ”تصديرِ الثورة”، وما هذا المفهومُ، سوى ذريعةٍ للتدخّلِ بشؤونِ الدولِ المجاورةِ والمحيطةِ به، وهكذا دأبَ على استدامةِ القلقِ في محيطِه، كمحاولةٍ للهروبِ من المحاسبةِ الداخليةِ، فإيرانُ أيُّها الحضورُ الكريم، دولةٌ تعيشُ على إشغالِ شعبِها بالشعاراتِ والأكاذيبِ، وفي نفسِ الوقت، تسمحُ لطغمةِ الحرسِ الثوري، والطبقةِ السياسيةِ الحاكمة، أن تثري، وتتاجرَ بكل شيء، بما في ذلك تجارةَ المخدرات، وضمنَ هذه البنيةِ الفاسدةِ، تثبتُ التقاريرُ الدوليةُ، ارتباطاً وثيقاً لنظام إيران الإرهابي، بتنظيم داعش، فقد تلقّى عناصرُ هذا التنظيم الدعمَ والتدريبَ داخلَ الأراضي الإيرانية.

وهناكَ شهاداتٌ كثيرةٌ لمجندي التنظيمِ سابقاً، يُقرُّونَ فيها بخضوعِهم لدوراتٍ تدريبيةٍ وعقائديةٍ في الأراضي الإيرانيةِ، قبلَ نقلِهم إلى مواقعِ التنظيمِ في العراق وسوريا وأوروبا.

ومن الدلائلِ الملموسةِ حولَ هذهِ العلاقةِ المشبوهةِ، أنَّ النفوذَ الإيرانيَّ ، قد تعزَّزَ في العراقِ وسوريا، وفي المنطقةِ عموماً، عقبَ ظُهورِ تنظيمِ داعشَ للوجودِ عامَ 2013. وتؤكِّدُ وقائعُ الأحداثِ أنَّ الدولةَ الإيرانيةَ، ونظامِ بشارِ الأسد، كانا وراءَ توسيعِ رُقعةِ انتشارِ تنظيمِ داعش، في مُحافظةِ المُوصلِ، وباقي مناطقِ غربِ العراق، وأيضاً في محافظتي الرقةِ والحسكةِ السوريتين، واعتراضُ إيرانَ ونظامُ بشارِ الأسد، على تشكيلِ حلفٍ دوليٍّ لمواجهةِ تنظيمِ داعش، ما هوَ إلا دليلٌ إضافيٌّ على رعايتِهما لهُ.

لا يقتصرُ دورُ إيرانَ على تكوينِ ورعايةِ التنظيمِ الإرهابيِّ داعش فحسب، بل إن َّ جميعَ الميليشياتِ والتنظيماتِ الإرهابيةِ التي تعجُّ بها المنطقةُ، هي من صُنعِ إيران. بدءاً بحزبِ اللهِ اللبناني وجماعةِ الحوثيِّ في اليمن، مروراً بالخلايا الإرهابيةِ في شرقِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ، ومملكةِ البحرين، وليس آخِرَها الميليشياتُ الطائفيةُ في العراقِ والجماعاتِ المتطرفةِ في سوريا، وفي محافظةِ سيناءَ المصريةِ وشمالِ إفريقية. هذا فضلاً عن الخلايا الإرهابيةِ المنتشرةِ في القارةِ الأوروبية، فجميعُ هذه الكياناتِ ما هي إلاَّ أذرعُ للدولةِ الإيرانيةِ، لتنفيذِ أجندتِها الإرهابيةِ في العالم.

أيّها الحضورُ الكريم:

لا يجبُ علينا إغفالُ الحقيقةِ التي تلخّصُ طبيعةَ الدورِ الإيرانيّ ، في استعمالِه أيدٍ عربيةٍ لضربِ العربِ، تحتَ ستارٍ من شعاراتٍ تحاولُ التلاعبَ بالمفهوم المذهبي، الذي عاشَ لعقودٍ في تعايشٍ وسلامٍ ، فما من أحدٍ من العربِ كان يذهبُ لتصنيفِ الشيعةِ والسنةِ، حتى بدأ نظامُ إيرانَ، بإذكاءِ نار الخلافِ، وكلُّ هذا يجري بمكرٍ عنصريٍّ فارسيّ، لتحقيقِ حُلمِ الإمبراطوريةِ الفارسيةِ، والتلاعبِ بالأمنِ القوميّ العربيّ، ومعَ كلِّ أسفٍ بأيدِ العربِ أنفسِهم، لزيادةِ الفُرقةِ، وتحقيقِ المآربِ الدنيئةِ الفارسيةِ التوجّه، ولا علاقةَ للدينِ أو المذهبِ بها، لا من قريبٍ ولا من بعيد.

الإرهابُ الإيرانيُّ يطمحُ لمدِّ تأثيراتهِ السلبيةِ، نحو الأمنِ العالمي، فأوهامُ النظامِ الإيراني عن نفسِهِ، وقدراتهِ، تدفعُ إلى توحيدِ الجهودِ العربيةِ المسؤولةِ، مع أصحابِ القرارِ في المجتمعِ الدولي، للحدِّ من هذا النفوذِ، ومن استطالةِ الشرِّ لهذا الإرهابِ، ومن هنا ينبعُ حرصُ المملكةِ العربيةِ السعودية، لقيادةِ تحالفٍ دوليٍّ مناوئٍ لنظام طهران الإرهابي، وتجلّى ذلك بالجهد الذي بذلتهُ المملكةُ العربيةُ السعودية، لإقناعِ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ، بالانسحابِ من الاتفاقِ النووي مع نظام إيران الإرهابي، وكان لهذا الانسحابِ عميقَ الأثرِ على الاقتصادِ الإيراني، ولم تدّخر المملكة العربية السعودية جهداً، في كبحِ جنونِ ميليشيات الحوثيّ، فقادت تحالفاً عربياً، حالَ دونَ تحكُّمِ الحوثيين بدولةِ اليمنِ وشعبِها، ومحاولةِ إيرانَ التحكُمَ بأمنِ الخليجِ العربيِّ واليمنِ ومصر.

ونحنُ في حركةِ النضالِ العربيِّ لتحريرِ الأحواز، نثمِّنُ الدورَ الذي تقومُ بهِ الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ ضدَّ النظامِ الإيراني، ونؤيّدُ الحملةَ القويةَ التي يقودُها الرئيسُ دونالد ترامب لفرضِ الحصارِ الاقتصادي الذي كشفَ هشاشةَ الاقتصادِ الإيرانيّ، وساهمَ في تحريكِ الجماهيرِ الفارسيةِ، وغيرِ الفارسيّةِ، لتنهضَ باحتجاجاتٍ عماليةٍ، ومظاهراتٍ نسويةٍ وطلابيةٍ ومختلفِ النقاباتِ المهنيةِ الرافضةِ لسياساتِ النظامِ، والمُطالبةِ برفعِ القيودِ وإطلاقِ الحُريات، ودونَ أدنى شك فإنَّ هذا الحصارَ سوف يُضَيِّقُ الخناقَ على النظامِ الإيراني، ويؤدّي إلى قطعِ أذرعِهِ الخارجية، تمهيداً لمحاسبتِه على جرائمِهِ ضدَّ الإنسانيةِ جمعاء.

  أيها الحضورُ الكريم:

لا يمكنُ الاعتمادُ على دورٍ جزئيٍّ للدولِ المتضررةِ من إرهابِ هذا النظام، بل يجبُ أن تتضافرَ الجهودُ الدوليةُ جمعاء، لكفِّ يدِ الشرِّ عن السلامِ والأمنِ الدوليين، وأوروبا التي تعيشُ قيم َ الحريةِ، والعدالةِ ، والمساواةِ، لا يجبُ أن تبقى مكتوفةَ الأيدي، أمامَ إرهابِ إيران، ولا يجبُ أن تنصاعَ لمغرياتٍ اقتصاديةٍ يقدمُها نظام إيران، للّعب على وترِ المصالحِ الاقتصاديةِ، فالسكوتُ عن إرهابِ إيران في أوروبا، سيكونُ لهُ عظيمُ الأثرِ على أمنِ وسلامِ الشعوبِ الأوروبيةِ، هذا فضلاً عن البُعدِ الأخلاقي في الانتصارِ للإنسان المقهورِ تحتَ حكمِ إيران، وجبروتِ طغمتِها الحاكمة.

ولهذا نطالبُ بموقفٍ أوروبيٍّ موحد، ينسجمُ والإجراءات التي اتخذتها دولةُ الدنمارك، فالاختراقاتُ الأمنيةُ طالت دولاً كفرنسا وبلجيكا وألمانيا وهولندا، فضلا عن النرويج والسويد، ولن تكون بقيةُ الدولِ الأوربيةِ بمأمن، من إرهاب نظام طهران.

أيها الأخوةُ الحضور:

الشعبُ العربيُّ الأحوازيُّ والشعوبُ غيرُ الفارسية، لم يدخروا جهداً في مواجهةِ النظامِ الإيراني، بالرغمِ من سيفِ الإرهابِ المسلَّطِ على الرقاب، وجسامةِ التضحياتِ، فهم جميعاً يدركونَ أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى أن لا مخرجَ لهم من حياةِ الذلِّ التي يفرضها عليهم المحتلُ الإيراني، إلا بتقديمِ المزيدِ من التضحيات، وأن يكونوا الجبهةَ الأماميةَ لمنازلةِ إرهابِ إيران ووأدِ شرّه من حيثُ لا يحتسب.

إيرانُ ارتكبت وما تزالُ ترتكبُ بحقِّ الأحوازيينَ مجازرَ لا حصرَ لها ولا عدّ، ومثلُ ذلك ارتكبتْهُ بحقِّ الشعوبِ غيرِ الفارسيةِ، وعجلةُ القتلِ، والتعذيبِ في المعتقلاتِ، والإعداماتِ، ما تزالُ مستمرة، ولا مناصَ ولا مهرب، من توحيدِ الجهودِ ضدّ هذا النظامِ العنصري، الذي يقهرُ الشعوبَ ويغتصبُ الحقوقَ، ويسلبُ الحريات، ويحاول ُأن يسكتَ كلَّ صوتٍ مطالبٍ بالحريةِ والعدالةِ والمساوة.

لكنَّ الشعبَ الأحوازي، بات مدركاً بأنّ العملَ النضاليَ الوطني لطردِ المحتلِ الإيراني عن أرضهِ، بات ضرورةً وطنيةً، إلى جانبِ كونهِ حتميةً تاريخيةً، فمن كان ليصدقَ أن شعبَ جنوبِ أفريقيا سيتمكنُ من إزاحةِ نظامِ التفرقةِ العنصري الأبارتهايد عن صدر الشعبِ المقهور؟

حينَ يعمدُ الاحتلالِ إلى سلبِكَ كلِّ شيء، ويظنُ أنهُ يستطيعُ الاحتفاظَ بكلِّ شيء، هو واهمٌ واهم، لأن المعادلةَ التاريخيةَ معروفة، من يريدُ الاحتفاظَ بكلِّ شيء، فسيخسرُ لا محالةَ كلَّ شيء، وسلطاتُ الاحتلالِ الإيرانية، تريدُ نهبَ خيراتِ وثرواتِ الأحواز، النفطِ وماءِ الأنهار، وتريدُ أن توظّفَ عمالَ المستوطناتِ من الفرس والمحسوبينَ عليهم، في أرض الأحواز، وتقومُ على طردِ العمالِ الأحوازيينَ، تحتَ ذرائعَ متنوعة، هذه السلطاتُ المحتلةُ الغاصبةُ للحقوقِ لا تسألُ كيفَ سيعيشُ الأحوازيون ؟

هذه السلطاتُ المحتلةُ لا يهمُّها تحسينُ حياةِ وعيشِ الأحوازيين، بل هي تسعى جاهدةً إلى إفقارِهم، ووضعِهم في ظروفٍ بيئيةٍ وصحيةٍ كارثية، لا بل وفوقَ كلِّ ذلك، السخريةَ من قوميتِهم العربية، والتهكمَ عليهم..

من هنا، نحنُ في حركةِ النضالِ العربيّ لتحريرِ الأحوازِ نقولُ لشعبِنا الأحوازيّ: من سلبكَ كلّ ما تملك، لم يتركْ لكَ ما تخافُ عليه، فقمْ إليهِ، وانزعْ غِلالةَ قيدِهِ عن رقبتِك وحرّر نفسَكَ وأهلَكَ وشعبَك، الحريةُ لا تُهدى، بل تُنتزعُ انتزاعاً، وليكن شبابُ الأحوازِ على بيّنةٍ أنَّ هذا النظامَ إلى زوالٍ، وأن الغدَ ينتظرُ حراكاً وطنياً، يرفعُ الضيمَ، ويُقيمُ العدالةَ والحريةَ التي من أجلِها ارتقى شهداءُ الأحواز منذُ عام 1925 وحتى آخرِ شهيدٍ أعدمَهُ الاحتلالُ الإيراني قبل أيام..

أيها الحضور الكريم:

في مثلِ هذهِ الأيامِ من عام 2015 عقدنا في هذهِ المدينةِ مؤتمرَنا الدوريَّ بحضورِ عددٍ كبيرٍ من الأخوةِ والأصدقاءِ الذينَ نتشرَّفُ بحضورِهم، مؤتمرِنا هذا، وكان التركيزُ في أعمالِ مؤتمرِنا على وضعِ الخِططِ التي تُوسّعُ آفاقَ العملِ على خدمةِ القضيةِ الأحوازيةِ، بما يضمنُ انتشارَها عربياً وعالمياً، وكيفيةُ العملِ الحثيثِ والدؤوبِ لفتحِ المجالِ العربي الرسمي والشعبي للنشاطِ الأحوازي السياسي والإعلامي والثقافي، والدعوةِ إلى تبني خِططٍ إعلاميةٍ عربيةٍ تساعدُ على نشرِ القضيةِ الأحوازية، هذا بجانبِ توصياتٍ وقراراتٍ هامةٍ أخرى صدرت عن المؤتمر.

حركةُ النضالِ العربيّ لتحريرِ الأحوازِ، وبالتنسيقِ مع لجانِ المتابعة، عملت على تنفيذِ قراراتِ وتوصياتِ المؤتمراتِ التي عقدتْها بمشاركتِكم الكريمة، فاسمحوا لي أن أستعرضَ ثمراتِ جهودِكم الطيبة، آملاً أن تتكلّلَ بالإنجاز الأكبر، حين يلتئمُ شملُ هذا الجمعِ الكريمِ في الأحوازِ العاصمةِ بمشيئةِ الله.

أيها الأخوةُ الكرام:

اقترانُ الخِططِ النظريةِ، بالتطبيقِ العمليّ الأمثلِ لها، سمحَ بتحقيقِ إنجازاتٍ كبيرةٍ، فتحت أمامَ مسيرةِ العملِ النضالي الوطني، أبواباً واسعةً، فجاءَ إنشاءُ قناةٍ فضائيةٍ أحوازيةٍ، بجهودٍ أحوازيةٍ شابة، وبإمكانياتٍ ماديةٍ بسيطةٍ، لترفعَ من مستوى الوعي الوطني في الأحواز، وتلفتَ أنظارَ الإعلامِ العربي، فتزيدَ من معرفتهِ بالقضيةِ الأحوازية، وتتمكنُ في نفس الوقتِ من الردِّ على عشراتِ القنواتِ ووسائلِ الإعلام الإيرانية، ذاتِ التكاليفِ الباهظة، وما ذاك إلا أنها نطقت بصوت الحقّ العربي الأحوازي، وحملت أوجاعَ الأحوازيينَ. ففي السابعَ عشر من شهرِ ديسمبر كانون الأول 2017 كانت انطلاقةُ قناةِ أحوازنا الفضائيةِ بكوادر أحوازيةٍ وعربية، كأولِ جهازٍ إعلاميٍّ أحوازيّ، ينقلُ الأحداثَ من داخلِ الأحوازِ بالصوتِ والصورة، ويهدمُ أسسَ الاحتلالِ القائمِ على القمعِ وبثِّ الرعبِ والإرهابِ ويقوّضُ أكاذيبَه، وتنجح القناةِ، من ربطِ لجانِ التنسيقِ في عملها الميداني ، بنبضِ وحركةِ الشارعِ المنتفضِ، ليكونَ جديراً بأن يكونَ إعلاماً وطنياً تحررياً، وحين يفشلُ المحتلُ في الاستمرارِ بروايتِهِ لما يجري في الأحوازِ، بوجودِ قناةِ “أحوازنا”، فإنّ إفلاسَهَ يقودُهُ إلى إنشاءِ قناةٍ ناطقةٍ بالعربية، ويطلقُ عليها اسم : “أهوازنا”، قد يجد المستمع بأن الفرق لا يعدو إلا أن يكون… فرق حرفين، ولكن في الحقيقة شتّانَ بينَ من يمجّد بالمحتلِ ضدَّ شعبِهِ، وبين من يرفعُ كلمةَ الوطنِ وأهلِه.

 أيها الأخوة الكرام:

تمكنت حركةُ النضالِ العربي لتحريرِ الأحوازِ، من عقدِ مؤتمراتٍ وندواتٍ في مواقعٍ مختلفة، على أنّ الإنجازَ العظيمَ الذي نفخرُ بهِ، هو عقدُ مؤتمرات الحركةِ في العواصم العربية… في كويت العرب ومملكة البحرين الأبية… في تونسَ الخضراء، وفي قاهرةِ المعز.

وكان لهذه المؤتمرات صدىً كبيراً حمل قضيتَنا الوطنية إلى أحضانِ الأشقاءِ في العالمِ العربي، فضلاً عن دلالاتِهِ القوميةِ، التي تعني الكثيرَ بالنسبةِ للشعبِ الأحوازي، الملتصقِ برغمِ كلِّ ظروفهِ بقضايا العربِ وهمومهم.

وتمّ إنجازُ مؤتمراتٍ حقوقية دولية، تناولت كيفيةَ نقلِ قضيةِ الأحوازِ إلى المؤسساتِ والهيئاتِ الدولية، لتلفتَ النظرَ الدولي، إلى حقوقِ الأحوازيين المهدورةِ من المحتلِ الإيراني.

ورفعت من جهودِ الأحوازيينَ من النشطاءِ في العملِ الإعلامي والسياسي والحقوقي، تلك المساعدةُ الكبيرةُ التي قدمها مخلصون من أصدقاءِ القضيةِ الأحوازيةِ من الأخوةِ الأشقاءِ العرب، من إعلاميينَ وحقوقيينَ وسياسيينَ ومثقفينَ، نتحينُ هذه الفرصةَ لشكرِهم على وقوفِهم معنا، وبينهم كثيرون حاضرون معنا اليوم، وبهذه الجهودِ ارتفعت بأداءٍ تصاعديٍّ وتيرةُ وطبيعةُ تناولِ القضيةِ الأحوازيةِ في الإعلامِ العربي، المرئي والمسموعِ والمطبوعِ، كاشفةً ما خفيَ من آلام شعبِنا الأحوازي عن الشعبِ العربي، وفاضحةً الاحتلالَ الإيراني، وإجراءاتِه القمعيةِ ضدّ أشقائِهم في الأحوازِ العربي المحتل .

كلُّ هذه النشاطاتِ، بالإضافةِ إلى نشاطاتٍ أخرى متفرقة، أعقبت مؤتمر كوبنهاجن 2015، وكان آخرَها مؤتمرُ بروكسل الذي حضرتْهُ شخصياتٌ عربيةٌ بارزةٌ تعملُ في مجالاتِ السياسةِ والفكرِ والإعلامِ والاقتصادِ والقانون، حضروا بقلوبِهم وعقولِهم، وتقدموا بآراءٍ وأفكارٍ تعتبرُ خلاصةَ خبراتِهم وتجاربِهم لإثراءِ مسيرتِنا النضالية.

وكان أبرزَ أحداثِ مؤتمرِ بروكسل، هو ذلك اللقاءُ الكبيرُ الذي جمعَ بينَ عددٍ من التنظيماتِ السياسيةِ للشعوبِ غيرِ الفارسيةِ التي ترزحُ تحتَ الاحتلالِ الإيراني، هذا اللقاءُ كان تتويجاً لجهودِ حركةِ النضالِ العربي لتحريرِ الأحوازِ، لخلقِ مناخ مناسب وأرضيةِ عملٍ مشتركةٍ بين التنظيماتِ السياسيةِ للشعوبِ غيرِ الفارسية، في مواجهةِ العدوِّ المشتركِ لهذه الشعوب، وأثمرَ هذا اللقاءُ إلى إصدارِ إعلانِ بروكسل لتنسيقِ الجهود بين هذه التنظيمات.

وها نحن نلتقي مجدداً في مدينة كوبنهاجن لنقولَ معاً: لا للإرهاب الإيراني…

كفى مهادنةً لهذا الإرهابِ الذي تجاوزَ كلَّ حدٍ في غِيِّهِ وعبثِه…

ولندعم معاً مساعي وجهودِ دولةِ الدنمارك في محاصرةِ الإرهابِ الإيراني في أوروبا والعالم.

ولنؤكد على ضرورةِ إنجاحِ الحصارِ الاقتصادي على النظامِ الإيراني، على الرغم من معرفتنا الكاملة بأن ذلك القرار سينجم عنه أثاراً صعبة على حياة الشعوب القاطنة في إيران ولكنه وللأسف الشديد خيار لابد منه.

ونستمرُ في العملِ معاً كشعبٍ أحوازي مع الشعوبِ غيرِ الفارسيةِ من جهة، ومع أشقائنا العرب من جهةٍ أخرى، ضدّ إرهابِ إيران…والعملِ على إحباط مخططاتها في أراضينا المحتلة، وفي محيطِنا العربيّ.

ونؤكدُ على الحقِّ المشروعِ لشعبِ الأحواز العربي والشعوبِ غير ِالفارسيةِ في نيلِ الحريةِ والخلاصِ من المحتلِ الإيراني.

أرجو لمؤتمرنا هذا التوفيقَ والنجاح…وأتمنى لكم طيبَ الإقامةِ في مدينةِ كوبنهاجن.

 

المجد   والخلود لشهدائنا الأبرار

النصر المؤزر للشعب العربي الأحوازي

الخزي والعار للمحتل الإيراني الغاصب

24-نوفمبر2018

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى