ألا نستحق الإهتمام ؟

إن حرقتنا ولوعتنا على شهدائنا – الذين منهم من سقط في شوارع الأحواز ومنهم من أعدم على أعواد المشانق دفاعا عن حريتنا وحفاظا لهويتنا العربية الإسلامية- لا تعادلهما حرقة ولا لوعة إلا معاناة من يقبع في السجون الإيرانية يعاني الأمرين حتى اللحظة. قد مرت القضية الأحوازية بتطورات واخفاقات عدة دون أن تتلقى دعما حقيقيا من الدول المجاورة الشقيقة منها وغير الشقيقة وكأن العصامية كتبت على هذا الشعب الأعزل منذ اليوم الأول للحتلال الفارسي لأرضه الطاهرة. منذ عام 2005 عقب تسريب المخطط المشؤوم من المكتب الرئاسي لمحمد خاتمي الذي يهدف بتغيير التركيبة السكانية للشعب العربي الأحوازي والذي إنتفض حينها إثر تلك الوثيقة التي عُرفت لاحقا بوثيقة ابطحي مستشار محمد خاتمي آنذاك وعلى سبيل المثال لا الحصر إليكم بعض الأسماء التي إعتقلت قبل تسرب تلك الوثيقة و بعدها.
كان سعيد عودة الصاكي كباقي الناشطين السياسيين يود أن يقدم شيئا حسنا لأبناء جلدته في مساعدته لطلابه الأحوازيين الذين يعانون الفقروالتهميش. عندما عرف أن المخابرات الإيرانية تنوي القبض عليه ترك ما جمعه طيلة 26 عاما وفر إلى إحدى الدول الجارة لإيران ثم إنتقل إلى سوريا وفي عام2005 قبض عليه من قبل المخابرات السورية وحينها سلم إلى السلطات الإيرانية ومنذ ذلك الحين وهو في غياهب السجون الإيرانية يعاني التعذيب والقهر حيث السجن المنفى وهو سجن في مدينة دزفول شمالي مدينة الأحوازالتي تبعدها أكثر من 150 كيلومترا. الجدير بالذكر أن إبعاد السجناء هي عقوبة ظالمة تصدر بحق الأحوازيين عندما يُنقلون إلى سجون خارج المحافظات العربية ناهيك عن منع زيارات الأهل و الأقارب لأبناءهم في السجون والعوائل التي تتكبد خسائر مادية و معنوية في معاناة السفر من أجل لقاء قصير بات يكون الأمل الأسمى في طموح كل سجين أحوازي. إن منع السيد سعيد من أبسط حقوقه كلقائه أهله و حجب الزيارة عنه لاسيما رفض السلطات لأي محام يريد الدفاع عنه يعد من أبشع الجرائم التي ترتكب بحق الإنسانية في القرن الحادي والعشرين. ويذكر أن السيد سعيد يعاني من إلتهاب معوي مزمن ومع ذلك يمنع من الذهاب إلى الطبيب لتلقي العلاج.
السجين هاشم الشعباني من مدينة الخَلَفيّة المعتقل منذ مطلع عام 2011 في زنزانة إنفرادية في سجن مدينة دزفول والذي لم يُصدرعليه حكم حتى الآن، بات يعرف بالسجين المكبل عند السجناء. يعاني السجين هاشم الشعباني ما يعانيه جل السجناء الأحوازيين الآخرين من تمييز عنصري وتعذيب نفسي وجسدي يومي وهو في زنزانته الإنفرادية لا يرى أحدا ولا يسمع صوتا إلا صوت أنين ياتي من الزنزانات الآخرى كما أن الطريقة الوحيدة المتبقية لديه للتواصل مع السجناء هي الكتابة على جدران الحمامات. يذكر أن هاشم لم ير أحدا من أهله منذ اليوم الأول من إعتقاله وكل محاولات أهله من أجل زيارته قوبلت بالرفض بعد معاناة طريق تتجاوز ال305 كيلومترا.
السجين الشيخ عبد الحميد الدوسري الداعية إلإسلامي السني البالغ من العمر ستين عاما من مدينة عبادان خطيب جامع الإمام الشافعي وهو الجامع الوحيد لأهل السنة في قطر الأحواز الذي أبقته السلطات الإيرانية ولم تهدمه. حكم علي الشيخ عبد الحميد بالسجن 15 عشر عاما مع الأعمال الشاقة وأبعد إلى سجن مدينة خرم آباد التي تبعد عن مدينة عبادان ب872 كيلومترا. كذلك منع الشيخ عبد الحميد من رؤية عائلته منذ اليوم الأول لأسره.
لم يكتف النظام الفارسي بسجن الرجال وإعدامهم بل بلغ به الطغيان إلى أن يعتقل نساء الناشطين السياسيين الأحوازيين ومن بينهن السيدة فهيمة إسماعيلي البدوي البالغة من العمر31 عاما وهي زوجة الشهيد علي المطوري المغدور به عام 2006 . إعتقلت السيدة فهيمة عام 2005 وإتهمت بالتستر على زوجها علي المطوري وحكم عليها بالسجن 15 عشر عاما مع الإبعاد إلى مدينة آشتيان التي تقع على مسافة 822 كيلومترا عن مدينة الأحواز العاصمة. ذكرت منظمة هيومن رايتس وتش عام 2007 عن لسان "محامي السجينة محمود عليزاده طباطبائي إن والدة السيدة فهيمة أشارت في رسالتها إلى رئيس القضاء الإيراني أن ابنتها عملت وفق العادات والتقاليد العربية و الإسلامية التي تفرض على المرأة أن تكون تابعة لزوجها ومطيعة لأوامره، ولم تكن قادرة على الخروج عن إرادته وإبلاغ السلطات بما كانت تعلمه عن نشاط زوجها مشيرة أيضا إلى أن ابنتها كانت قد وضعت حملها في السجن أثناء إعتقالها" .
في أعقاب إنتفاضة نيسان لعام 2005 إعتقل الدكتور عودة العفراوي البالغ من العمر 50عاما وإبنه علي عودة العفراوي ذو 17 ربيعا آنذاك والذي نفذ به حكم الإعدام ظلما في عام 2006 . كما أن حُكم على الدكتور عودة بالسجن لمدة 30 عاما مع النفي إلى سجن مدينة اردبيل شمالي غربي إيران.
لم تنته المأساة بل أن حكاية السجين علي الحلفي المحكوم 30 عاما المبعد إلى مدينة مشهد التي تقع في أقصى الشمال الشرقي لإيران والذي تدهورت حالته الصحية في ألآونة الأخيرة هي حكاية رجل غيبت أخباره حتى عن أهله وذويه مما أدى إلى عدم أيصال صوته إلى المنظمات الإنسانية والدولية. هذه الحالات غيض من فيض تُذكر على سبيل المثال لا الحصر.
إذن ألا يستحق هذا الشعب المظلوم من العرب والمسلمين والعالم بأجمعه الإهتمام والدعم، ألا يتوجب على الدول الخليجية العربية الشقيقة فتح أبوابها أمام الأحوازيين المطالبين بحقهم المشروع وهو "حق تقرير المصير"، ألا يحتم الموقف الإيراني المتزمت دعما عربيا إعلاميا إن لم نقل لوجستيا للشعب العربي الأحوازي، أليس من الواجب أن تقوم الدول العربية بالضغط على إيران أن تتعامل بإنسانية مع السجناء الأحوازيين الذين لم يرتكبوا جريمة إلا المطالبة بحقوقهم القومية وهي حقوق إنسانية مشروعة كما أنها ليست جريمة بل فخرا للإنسانية جمعاء.

