آراء ومقالات

منظمة (حزم) الأحوازية في إطار المشروع العربي الستراتيجي … للأحواز بذكرى إحتلالها

شأنها شأن كل قضايا الشعوب في العالم مرت القضية الأحوازية بمراحل عديدة ممكن تشخيصها ضمن مراحلها الزمنية سلبا أو أيجابا، بيد أن العامل المشترك الذي ساهم في بلورة تلك المراحل لم يكن عاملا ذاتيا بل موضوعيا تداخلت فيه عدة مصالح دولية ستراتيجية كانت تفرض دائما واقعاً أليماً على الشعب الأحوازي من خلال شرعنة الإحتلال الفارسي للأحواز وبسكوت عربي أو بفرض أجندة سياسية على العرب ذاتهم حتى من قبل  تلك الأنظمة التي كانت ترفع شعارات براقة، ولكنها كاذبة بنفس الوقت كشعارات الممانعة التي ترفعها اليوم المافيا التي تحكم سوريا بأسم قيم إنسانية عليا (كالمقاومة).

الإنظمة العربية كانت مطمئنة تماما لنظرية التوازن الستراتيجي التي تحددها مصالح غربية كون أن هذه النظرية تضمن بقاء الأنظمة الحاكمة ولو على حساب مصير الأمة ومستقبل أجيالها، ولكنها بدأت تدرك أن التوازن الستراتيجي كان ومازال يستهدف العرب فقط بعد إحتلال العراق وتسليم مفاتيحه للفرس، والإستهداف ليس فقط لأننا عرب ونمتلك ثروة هائلة،  بل لأننا عرب ممكن أن توحدنا عقيدة وهي التي مكنت العرب في زمن ما من بسط نفوذهم على مناطق شاسعة من العالم، ونظريات التوازن الستراتيجي تستفيد من تجارب التأريخ بقدر ما نهمل نحن حقائق التأريخ والثقة بالنفس. بات واضحا أن نظرية التوازن الستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط تستهدف خارطة جيوسياسية محددة بعينها تدفع بإتجاه أستقواء ثلاث قوى محلية تحاصرها شرقا وغربا وشمالا ( أسرائيل، أيران، تركيا ) .

ومن الجدير بالذكر أن نتطرق إلى نقطة هامة جدا تخدم هذا المشروع الغربي في المنطقة وهي تلك النظرة القاصرة من قبل التنظيمات الإسلامية والجماعات الفكرية الإسلامية إلى مفهوم ((العروبة)) وعدم قدرتهم على التمييز بين العروبة كمشروع سياسي أستخدمته بعض الأنظمة  العربية لشرعنة بقائها في السلطة، وبين العروبة كهوية حضارية أسلامية، حين تقبـّل العرب الإسلام وأمنوا به ورفعوا راية الجهاد وأدوا الأمانة مع رسول الله ومن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. نحن لا ندعي إننا شعب الله المختار ولكن سؤال يوجه لأخوتنا في العقيدة وصلة ذي القربى عن معنى الأية الكريمة التالية :

بسم الله الرحمن الرحيم (ولقد نعلم انهم يقولون انما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين) صدق الله العظيم .

فهذا اللسان العربي المبين أوليس هو لسان أمة عربية كرّمها الله بأن جعل حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم منها ؟ وكرمها  بحمل رسالة الإسلام ؟، فللعرب فضلٌ على كل مسلم ومن أي ملة كان، فلقد جاهد أجدادنا وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل إعلاء كلمة الحق وتوحيد الله، واليوم نسمع من البعض من يعتبر أن العروبة مسبة للإسلام أو عدوة للإسلام فسبحان الله كيف يحكمون. وقد لا يعلم هذا البعض ويجب أن يعلموا أن هذه النظرة القاصرة للعروبة تقدم لمن يعتبرون أنه عدو للإسلام خدمة جليلة لتمزيق أواصر مجتمعاتنا العربية بين (قومي وإسلامي) وفي الحقيقة أن هذه المصطلاحات مختلقة وأسيئ فهمها، وصحيحها (عربي وإسلامي) وفي هذه الحالة فهما توئمان وليسا متناقضان ويسهل فهمهما .

وفي كل الأحوال فأن مقابل الإستقواء من قبل أطراف المثلث هناك ترهل وتراجع وتقلص في مصالح ما نسميه بالدول العربية ومن ضمنها الدول التي كانت محسوبه على المعسكر الغربي والتي سوف يتناقض وجود أنظمتها مع ما تفرضه نظرية التوازن الستراتيجي في المنطقة مستقبلا .

وبالنسبة لقضيتنا الأحوازية فهي كانت دائما القضية الحاضرة والغائبة بنفس الوقت، فهي غائبة عن الوعي السياسي الأحوازي والعربي، وحاضرة خلف الكواليس بحسابات نظرية التوازن الستراتيجي .

وأستغرب كثيرا من قصور العقل السياسي الأحوازي لدى الغالبية ممن يحسبون على النخبة الأحوازية في تبرير المواقف أستنادا لقراءات خاطئة تعتبر أن القضية الأحوازية حسب تصورهم إنما هي قضية محصورة في نطاق جغرافي ضيق لايتجاوز حدود مايسمى بالدولة الإيرانية، ولكن فليعلم الأحوازيون ان الأحواز لو كانت صحراء قاحلة ليس بها بشر وتمتد بمساحتها الحالية على ضفاف الخليج العربي فسوف تعتبر أيضا جزء هام من نظرية التوازن الستراتيجي في المنطقة والذي يحقق مصالح دول خارج نطاق المنطقة قبل أن يحقق مصالح دول وشعوب المنطقة .

جميعنا نعلم أن الأحواز أحتلت من قبل جيش فارسي عسكري أجتاح المنطقة وبتواطؤ بريطاني، ولا يمكن أن تصل بنا السذاجة لدرجة أن نعتبر أن أحتلال الأحواز لم يكن ليحقق مصالح بريطانيا في المنطقة، وأنها تواطئت مع الفرس لصالح الفرس فقط، وكلنا نعلم أن وريث الأمبراطورية البريطانية هي الولايات المتحدة الأمريكية، والبديهية تقول إذن أن أحتلال الأحواز من قبل الفرس يحقق مصالح أمريكا في المنطقة أيضا اليوم، وبالضرورة فإن البديهة تقودنا أن نقول أن أمريكا هي من وقف ويقف وراء عدم تدويل القضية الاحوازية ودعم الدول العربية للشعب العربي الأحوازي حتى ممن كانت تدعي الثورية منها بما فيها العراق قبل الإحتلال الأمريكي والتنازل عنه إلى إيران. فلقد قبل العراق وبسذاجة أيضا بمقترح أمريكي عن طريق سفارتها في بغداد يقول أن دخول الجيش العراقي مرة آخرى إلى الاحواز غير مقبول ومن الأفضل أن يسترجع العراق جزءا من الكويت بدل تحرير الأحواز بعد أن هزم الجيش العراقي جيش الفرس أواخر الحرب العراقية الأيرانية، وكان معظم الشعب العربي الأحوازي يتوقع دخول الجيش العراقي إلى الاحواز مرة أخرى في منتصف عام 1988م.وحينما طالبنا العراق في عام 1993م بتدويل القضية الأحوازية ولأسباب تتعلق أولا بالحفاظ على العراق وأمن الخليج العربي برسالة قرأها الرئيس الراحل صدام حسين وبوجود شهود عراقيون لازالوا أحياء يرزقون، لمسنا مراوغة غير محمودة النتائج وليس بسبب أن العراق يعتبر أن منطقة عبادان والمحمرة والعاصمة الاحواز جزء من ولاية البصرة في عهد الدولة العثمانية، ولكن بسبب خطوط حمراء لم يكن العراق يفضل تخطيها إذ أنها قد تهدد بقاء النظام،في حين أن تدويل القضية الاحوازية كما شرحنا لأخوتنا العراقيين كان هو الحافظ الوحيد لبقاء النظام وعدم إحتلال العراق، ولو كان العراق محكوما بعقل الدولة وليس النظام الفرد لقبلوا أقتراحنا وسعوا جديا لتدويل القضية الأحوازية ولو ضد الرغبة الأمريكية. 

والبديهية تفرض علينا اليوم القبول بواقع يعتبر أن أحتفاظ الفرس بالأحواز هو ضرورة توازن ستراتيجي تفرضه أمريكا في المنطقة، ولو على حساب مصير الشعب الأحوازي ومصير الشعوب العربية الأخرى.

وللحديث بقية ….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى