آراء ومقالات

#أحوازنا -إيران واختلاف الهويات

على الرغم من أن تعدد الثقافات يعد نعمة في البلدان المتطورة التي تراعي حقوق الإنسان وتحترم ما جاءت به الأديان السماوية من مساواة للبشر وحرية العيش إلا أنها قد تكون نقمة على البلدان التي تحاول أن تذوب الآخر في بوتقتها من أجل السيطرة التامة على مقدراته الاقتصادية والبشرية ومن ثم اضمحلاله بالكامل. ومن أبرز الأمثلة التي تأتي في بال المراقب هي الثقافات والأعراق المتعددة والمختلفة كليا في جغرافية ما تسمى إيران حيث العرب والأكراد والأتراك والتركمن والمازنيون والبلوش يشكلون ٧٢٪ من سكان إيران الحالية وذلك حسب تصريحات لمسؤولين إيرانيين قالوا فيها أن ٧٢٪ من طلاب الابتدائية هم من الناطقين باللغتين.

وإذا ما أبصرنا قليلا بمكونَي الثقافة الرئيسيين نجد أن اللغة والتاريخ هما من روافد ثقافة الشعوب وعلى ضوء ذلك نرى أن عدم التشابه اللغوي وتنافر الموروث التاريخي بين الشعوب الستة الرازحة تحت الاحتلال الإيراني في ما بينها وعلى وجه الخصوص بينها وبين الثقافة الفارسية كبير جدا.

 وأن هذا التنافر، لا محالة، سيتبدل إلى صراعات دموية في ظل القمع والتخطيط الإيرانيَيْن لخلق حروب مناطقية دموية ما لم يُحدد الهدف المبتغى من قبل نخبها. وفي ظل تخبط الدولة الفارسية في سياساتها الخارجية و تدخلاتها السافرة في شؤون دول الجوار مما خلقت جوا عدائيا جديرا أن يساهم بتسريع إيجاد مشروع مضاد لمشروعها التخريبي في المنطقة العربية و لكي يكون المشروع رادعا حقيقيا لعنجهية إيران و لتقليم أظافرها يجب أن تُوجَه طاقة الشعوب الكامنة إلى تضعيف إيران داخليا وبهذه الطريقة سوف لن تكون الصراعات بين الشعوب نفسها بل مع الدولة الفارسية ولأن الظلم الموجه للشعوب غير الفارسية كان و لازال عبر دولة قومية عنصرية تنادي بالإمبراطورية الفارسية وأمجادها الغابرة مؤيدة من جميع شرائح الشعب الفارسي لذلك سوف تكون المعركة بين الشعوب غير الفارسية ودولة فارس المهيمنة على جميع المؤسسات.

 وبما أن الحاجة للتحالف بين الشعوب المظلومة، في هذا الصراع التاريخي، أمر حيوي وملح بغية الوصول لطموحها و للخروج من استبداد الدولة و الأقلية الفارسية الداعمة لها و المستفيد الأوحد من كعكة ثروات الشعوب, و كذلك بعد الشعارات الداعمة للتحالف العربي و للمملكة العربية السعودية التي سمعنا بعضا منها في ملاعب الأتراك الآذريين و في الأحواز العربية, على الدول العربية الخليجية و على رأسها المملكة العربية السعودية أن تبادر بمشروع يؤدي أولا إلى ردع إيران وإخراجها من العواصم العربية تفاخرت باحتلالها و ثانيا تأليب الشارع الإيراني على العصيان لإنهاكها من الداخل و ثالثا المساهمة في انبثاق تحالفات بين الشعوب و تنظيم جبهاتها التحررية وذلك سيكون من الجهات الأربع لجغرافية إيران الدولة المارقة التي لطالما تدخلت في شؤون الدول العربية المجاورة و البعيدة، فمثلا ستكون التحالفات من الجانب الغربي و الشمال الغربي بين الشعبين التركي ذو ال ٢٥ مليون نسمة و الكردي صاحب ال ٨ مليون نسمة و ذلك لقربهم الجغرافي و الحدود المشتركة بينهما و من جانب آخر التحالف العربي-البلوشي بين الشعب العربي الأحوازي ذو ال١٢مليون نسمة و بين الستة ملايين نسمة للشعب البلوشي حيث التقارب الجغرافي و الديني.

 كما أن الدعم الخارجي الإسلامي من قِبَل البلدان المجاورة ضروري جدا والتي تعتبر امتدادا تاريخيا وثقافيا وحضاريا طبيعيا لتلك الشعوب بحيث سيعزز من تحالفات الشعوب غير الفارسية المتفقة على الصراع مع الدولة الفارسية وتفكيكها. وفي ما يخص الامتداد التاريخي للشعب العربي الأحوازي و وشائج الدم بينه و بين الشعب العربي الخليجي و العلاقات التاريخية بين شيوخ و ملوك الخليج وبين الأمير خزعل الكعبي، أمير المحمرة، يقع الواجب الإنساني و الأخوي على الدول العربية في دعمهم الشعب العربي الأحوازي الأعزل بغية استرجاع سيادته عاجلا غير آجل.

كما أننا لا نتجاهل العلاقة التاريخية بين الشعب البلوشي المظلوم والشعب العربي في الخليج وأواصر الأخوة والدين بينهما في دعمه للحصول على حقه في تقرير مصيره. ولكي نتأكد من أن جرعة السم المميتة الثانية التي أدمنتها حاخامات إيران وسوف تتجرعها قريبا، إن شاء الله، على يد التحالف العربي بعد انتصاره في اليمن ثم يبدأ الزحف نحو سوريا فثم العراق، يجب علينا أن نجيب على السؤالين التاليين: هل من أولويات واضعي الاستراتيجية العربية والمخططين للمشروع العربي تفكيك الجارة العدوة، إيران، كما هي تفعل في دولنا؟ وهل هناك تحالف مع الدول المحيطة بإيران لتضعيف الأخيرة وإيقاف نفوذها في دول الجوار عبر إثارة ورقة الشعوب (داخل إيران) التي لديها الامتداد الجغرافي والقومي مع تركيا وآذربيجان وأفغانستان وباكستان ودول الخليج العربي؟

عيسى ياسين

كاتب أحوازي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى