آراء ومقالات

كيف يمكن إنقاذ سوريا؟

*الشرق الأوسط

في مقال سابق قلت إن خطة الجامعة العربية ستتحول إلى وسادة هوائية لإنقاذ النظام السوري، في وقت تفاخر الجامعة بأنها تنصب مشنقة ناعمة للنظام.

الجامعة لا تجهل أنها تتعامل مع واحد من أكثر الأنظمة في العالم دهاء وخبرة وعنفا. نظام ابتلع دولة لبنان تحت علم الجامعة العربية وباسم قوات الردع العربية، واستمر يديرها ثلاثة عقود لمصالحه وعجزت عن إخراجه القوى المحلية والعربية والدولية. نظام فعل في فلسطين ما عجز الإسرائيليون عن فعله؛ شق صف الفلسطينيين وهمش سلطتهم وتآمر على اتفاق مكة فألغى المصالحة الوحيدة المتاحة. نظام مكن الإيرانيين من العالم العربي ومنحهم ما عجزوا عنه بأسطولهم وميليشياتهم. نظام أدمى الأميركيين في العراق وتسبب في قتل ثلاثة آلاف منهم، وأكثر من مائة ألف من المدنيين العراقيين، باحتضانه لـ«القاعدة» والجهاديين الذين كانوا كلهم تقريبا يمرون من دمشق قادمين من أنحاء العالم العربي غير مدركين حقيقة الملتحين الذين يستقبلونهم ويدربونهم ويرسلونهم للموت في العراق. وفي الوقت نفسه هو النظام الذي ساوم الأميركيين وسلمهم عددا من رموز نظام صدام أحياء.

نظام استقبل المراقبين ووضع الذين لا يسايرون رواياته تحت الملاحقة، فأخذ يحاول إغواءهم بالعاهرات ويصورهم سرا في دورات المياه في غرفهم لابتزازهم. نظام يصارع من أجل البقاء اليوم، فهل تعتقد الجامعة العربية أنها قادرة على تعليقه في مشنقة ناعمة؟
هل يوجد حل عملي أولا، ويمكن تنفيذه ثانيا؟ إرسال قوات عربية عمل انتحاري ولن يرسل أحد جنديا إلى هناك. كما أن التدخل الدولي لن يكون سهلا مثل ليبيا؛ لأن هناك قوى إقليمية ودولية ستحاربه، من إسرائيل إلى إيران وروسيا وغيرها. أيضا، ترك الأمر هكذا والاستمرار في الوساطات والخطط فيه تمكين للنظام من رقاب عشرين مليون سوري.

لا يوجد إلا حل واحد، دعم الشعب السوري علانية ليقول كلمته ويقرر مصيره بنفسه. ما المانع من أن تعلن الجامعة العربية أن حجم القتل والدمار الذي ترتكبه قوات النظام وشبيحته يفرض عليها – كما قالت منذ البداية – تعليق عضوية النظام في الجامعة. القرار الذي بكل أسف اتخذ وتم تأجيله عندما كان عدد ضحايا النظام ألفا ومائتين، وتراجعت الجامعة عنه عندما بلغ عدد ضحايا النظام ستة آلاف غالبيتهم عزل مدنيون!

نحن نعرف أنه بدعم أخلاقي من الجامعة العربية، ودول العالم المتعاطفة مع الشعب، سيتمكن السوريون من إسقاط النظام، لا تحتاج الجامعة إلى خطة حرب أو سلام، بل موقف يعلن صراحة إقصاء النظام والسماح بدعم الشعب السوري، وهذا سيدفع القوى المحيطة بالنظام، من علوية ومسيحية وسنية، للتخلي عنه. لكن تصرفات الجامعة – بكل أسف – أربكت الجميع وجعلت هناك شكوكا في حقيقة المواقف بين علنية وسرية، بدليل تمديد المدد الزمنية، والمراقبين المتواطئين مع النظام، ولغة الجامعة، التي تساوي بين القاتل والضحية، كما نسمع رئيس بعثة المراقبين.

إن موقفا سياسيا من الجامعة العربية يتخلى عن النظام سيدفع الجميع للانقضاض عليه، وستتعامل القوى المختلفة مع المعارضة الرئيسية كممثل شرعي. أما ما تفعله الجامعة العربية اليوم فهو تغطية على جرائم النظام البشعة. وكما طالب عدد من قادة المعارضة السورية، فعلى الجامعة العربية أن ترفع يدها الممسكة بخناق الشعب السوري. هذا الحل، لا يحتاج إلى خطة ولا إرسال قوات، ولا رفع لمجلس الأمن، رغم خذلانه، إلا أنه سيكلف السوريين ألما ودما أقل من منح النظام وسادة هوائية تقيه شر الاصطدام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى