آراء ومقالات

سيادة الإنسان على إنسانيته ناقصة دون الحرية

حق الإنسان في إنسانيته ظاهرة من خلالها استطاع الإنسان أن يتوصل الى مجموعة من القواعد والنظريات، فهذا الحق أخذ حيزا جماعيا من المجتمعات البشرية كي يدافع عن الإنسان وحقه في الحياة الكريمة، ونحاول من خلال فهمنا لهذا الامر، نشير وندافع عن هذا المطلب الإنساني، كما نشير أيضا على نمو وتطور هذه الظاهرة وكيف شكّل الإنسان مجاميع حقوقية، حتى وصلنا اليوم لتشكيل مجلس حقوق الإنسان تابع للأمم المتحدة؟

اذا نظرنا للإنسان بنظرة فلسفية وحاولنا أن نُعّرِف الإنسان بمعناه الحقيقي سنجد إن الحرية، هي جوهرته وفضاءه الفكري التي دافع عنه دون انقطاع منذ أن خلقه الله سبحانه، وتلك الجوهرة (أي الحرية) جعلت الانسان أن يترك الجنة في بدأ خلقه وينزل الى الارض، ليس مخيرا بل مرغما نتيجة العقاب الإلهي حين ما منعه الله سبحان وتعالى من هامش بسيط من حريته التي كانت تشكل اختبارا له. لا ينتهي هذا المخلوق العظيم من الدفاع عن نفسه وحريته حين ما واجه مصاعب الكون التي حاولت أن تتجاوز حدوده ومساحته التي احتلها في الكون. إذن الإنسان يعتبر عنصرا دخيلا على الكون ولهذا السبب أصبح الإنسان والطبيعة مصدر جدل قائم منذ زمن بعيد. فهذا المخلوق العظيم محاربا شرسا و توارث الانجازات الفكرية والعلمية والعملية واستطاع أن يترك بصمات واضحة في الكون، اعتبارا من تأسيس الموانع الطبيعية، ومرورا بالقوانين والنظريات، لكي يدافع عن نفسه ليس من الانسان الاخر فقط وإنما من الطبيعية التي تحاول أن تقضي عليه وفي النهاية اثبت قوته في الكون واصبح المسيطر وخليفة الله على الأرض .

في هذا الشأن سؤال وجيه يطرح نفسه وهو: كيف دافع هذا المخلوق العظيم الذي قال عنه الله سبحان وتعالى "ونفخت فيه من روحي" عن حريته ؟؟

 أدرك هذا الإنسان المبدع في طبيعته لا يستطيع إن يحمي حريته بمفرده على الإطلاق، لذلك انطلق بمشواره الطويل مع الأسرة نحو الحياة الجماعية، فكّون القبيلة والتي يسميها علم الاجتماع ”المجتمع البسيط” ولكن القبيلة لم تستطيع أيضا إن تحمي استقراره وبتالي أصبح متنقلا بدافع الاستقرار والبحث عن الأمن والأمان من مكان إلى الأخر حتى يتمكن من درء المخاطر التي تهدد أو تسلب سيادته الإنسانية المتمثلة في الحرية ثم اقتنع بالتحالف مع القبائل الأخرى لتدخل مرحلة جديدة قوامها تشكل المجتمع المعقد بهدف الوصول إلى مفهوم ” الشعب ”وهي مرحلة مهمة وأساسية من مراحل التطور الاجتماعي للإنسان، لذلك ارتبط مفهوم الشعب بمفهوم الدولة وفق مراحل متتالية واستطاع الشعب ان يدافع عن سيادته في ظل تشكيل ” الدولة ” ولهذا الغرض شيّد الدولة وأسس الجيش للدفاع والحاكم للقرار السيادي للشعب، و … ولكن هذه الدولة التي ارادها الانسان ان تكون له مظلة للإستقرار تحولت وتمادت وسلبت حقه في الحياة الكريمة. وعندما تعالت الدولة فوق سمو الإنسان وكرامته لم يستسلم أمامها، وحاربها بكل ما اوتي من قوة حتى اسقطها وألغى الشرعية التي منحها لها، ومن ثم اسسها من جديد ولكن بشكل آخر و وضعها تحت رعاية المؤسسات المدنية والمراكز الحقوقية لكي تضمن له الحقوق وتحفظ له السيادة وتمنع الدولة من التعالي على حريته وكرامته حتى وصل اليوم إلى نهاية التاريخ، يقول البرفسور "فوكوياما" في كتابه الشهير "نهاية التاريخ" ويقصد بذلك قمة الحرية للانسان في ظل القوانين المدنية والسيادية للدول المتقدمة في العالم.

لكن على صعيد هذا التقدم والتطور الكبير الحاصل في العالم والذي يؤكد على الحرية والتحرر للإنسان، نجد ان هنالك دول وشعوب تعيش فترة ماقبل التاريخ خلافا للدول المتقدمة في العالم، حيث نجد انفسنا نحن الاحوازيون اليوم ليس فقط امام دولة تعيش مرحلة ما قبل التاريخ (الدولة الفارسية) بل يوجد خلفها شعب متخلف (الشعب الفارسي) متفق معها على سلب جوهرة الانسان الأحوازي وهي الحرية.

وبهذا الوصف، أصبحت الدولة الفارسية تحارب عجلة التطور الطبيعي للتاريخ متجاهلة قدرات الإنسان اللامحدودة التي استودعها الله سبحانه في كينونة الإنسان، ومن هذا المنطلق نحن الأحوازيون علينا الاستعداد لمعركة شرسه مع عدو متشبث بالرجعية والعنصرية، متوكلين على الله الذي وهبنا الحرية منذ بداية الخلق وجعلها غاية في طموحنا الإنساني في الحياة الكريمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى