الأخبار

قَتلوا الآلاف من الشعب السوري قبل أن يُقتلوا

قتل مراسل قناة “بر س تي في” الفارسية  الناطقة بالإنجليزية “مايا ناصر” صباح يوم الخميس ، بينما أصيب مدير مكتب قناة ” العالم” الإيرانية الناطقة بالعربية “حسين مرتضى” اللبناني الجنسية أثناء تغطيتهما تفجير مبنى هيئة الأركان في مدينة دمشق .


وسائل الإعلام الفارسية ، ومؤسسات إعلامية أخرى تابعة لها أو تلك التي تدور في فلكها، تناقلت هذا الخبر في نشراتها الاخبارية بكثير من الحزن والأسى ، متهمة من وصفتهم ب(العصابات الإرهابية المسلحة في سوريا) باستهداف هؤلاء (الإعلاميين) أثناء تغطيتهم لعملية تفجير مبنى هيئة الأركان السورية ،  سقط على إثرها عدد من المدنيين ، وقالت أن هذه (العصابات) حسب وصفها ، تجاوزت كل الخطوط باستهدافها الصحفيين الذين من صميم عملهم نقل الحقيقة ،  الأمر الذي يدل على أنهم لا يريدون للحقيقة أن تظهر خشية أن يفتضح أمرهم وأمر المؤامرة التي تستهدف المقاومة وعلى رأسها سوريا ،  حسب هذه القنوات والمواقع التي لم تتوان من زج أسماء دول كقطر والسعودية وتركيا في تصعيد الأزمة السورية ، وتحميل هذه الدول مسئولية مقتل مراسل قناة (بر س تي في) وإصابة مراسلي قناة (العالم) .


المبنى المستهدف واضح من اسمه  أنه لم يكن مخصصا لبيع المواد الغذائية التي أصبحت محرمة إلا على المرتبطين بالنظام ، ولم يكن مخبزا في حي شعبي يكتظ بالمواطنين طلبا للخبز الذي أصبح عزيزا ، وتزهق على أعتابه أرواح المواطنين إن لم يكن بقصف طائرات النظام ، فدهسا بالأقدام نتيجة الازدحام ، وعليه فان من سقط في هذا المبني كانوا من العسكريين المنخرطين في المواجهة ، بل من القياديين والمخططين لتنفيذ مجازر بشعة يندى لها الجبين ضد شعب يفترض أنهم جزء منه !، أي من سقط في هذه العملية هم من (إرهابيي النظام ) إذا ما تحرينا الدقة في وصفهم ،  وليسوا من المدنيين كما يحلو للإعلام الرسمي السوري ، ومراسلي قناتي (برس تي في) و(العالم) الفارسيتين على وصفهم تزييفا للحقيقة .


نحن لا نؤيد قتل الصحفيين أو التعرض لهم أثناء أداء مهامهم ، ولكننا في نفس الوقت لا نقبل أن يتراقص مثل هؤلاء فوق جثث أطفال سوريا بتقاريرهم الزائفة ، أو يشاركوا  بتغطياتهم الإخبارية التي  تدعوا إلى قتل السوريين ، و تنتصر لقاتلهم خدمة له ولأسيادهم . لذلك فإن ما لحق بهم كان ردا طبيعيا على ما قاموا من تزييف للحقائق والقتل بالتحريض ،  من الثوار الذين يدافعون عن أنفسهم وذويهم وأعراضهم من عصابات شبيحة النظام الأسدي .


مراسلو هاتين القناتين وقناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني ، مقدّمون دائما عن  وسائل الإعلام السورية  في تلقي الأخبار ، والوصول إلى مواقع الأحداث قبل الآخرين ضمن الطواقم الأمنية السورية . ولا يسمح لوكالات الأنباء الأخرى بالوصول إلى موقع الحدث إلا بعد ترتيب مسرح الحدث  وفق  الرؤية التي نقلتها قنوات العالم والمنار و”بر س تي في” .


 نقل موقع ” الأخبار “  عن صحفي تابع للمؤسسة الرسمية السورية مشاهداته من موقع التفجير حيث قال :  دخول عدد من إعلاميي التلفزيون السوري الرسمي ووكالة «سانا» ومراسلي عدد من وكالات الأنباء تمّ بعد سماح الجيش لهم بأخذ لقطات لمكان الانفجار. وصول وسائل الإعلام إلى المكان تمخض عن إصابة مدير قناة «العالم» حسين مرتضى ومقتل مراسل «برس تي في» الإيراني مايا ناصر، اللذين كانا في طليعة مرافقي الجيش للوصول إلى داخل مبنى الأركان بهدف تغطية الاشتباكات وتتبّعها عن قرب. أرخى الخبر بظلاله على كل شيء ،  فالأمر لم يعد لعبة. أحد الصحافيين ،  ممن شهد حادثة مقتل ناصر وإصابة مرتضى ،  أفاد «الأخبار» بأن مدير قناة العالم ومراسل «برس تي في» كانا موجودين منذ بداية العمليات ،  وفي الصفوف الأمامية للإعلاميين الذين يشهدون اشتباكات خفيفة بين الجيش ومسلحين داخل المبنى. ويتابع الصحافي قائلاً : «انكفأ مراسلو باقي المحطات للاختباء خلف المبنى عند احتدام إطلاق النار ،  ولا سيّما عندما تبيّن أنّ أحد المسلحين يرتدي حزاماً ناسفاً ،  وقام بتفجير نفسه أثناء الاشتباك».


ورغم ارتداء ناصر خوذة مموّهة ،  مدّه بها الجيش السوري وسترة واقية للرصاص ،  قتل على الفور إثر قنصه من قبل أحد المسلحين ،بحسب الصحافي الذي رفض التصريح عن اسمه ،لأنه ينتمي إلى مؤسسة إعلامية رسمية .(انتهى)


هذا هو الإعلام الفارسي الذي تمثله قنوات “بر س تي في” و”العالم ” و”المنار ” . بعيدة كل البعد عن الحياد ، بعيدة عن قيم الصحافة وأخلاقها ، فهي مؤسسات قائمة لخدمة مشروع سياسي في المنطقة ،  كما أنها جزء من الصراع الدائر في سوريا والمنطقة ، وتعمل ضمن أجهزة أمنية أو مؤسسة عسكرية . فهي إذا مؤسسات غارقة في دماء السوريين ، والمفارقة الطريفة أن القائمين على هذه المؤسسات يتهمون دول أخرى بالمساهمة في تصعيد حدة الصراع في سوريا ، بل والتآمر عليها .!! ، وكأن دورهم في قتل السوريين بالمشاركة المباشرة بعناصر من الحرس الثوري وفيلق قدس ، وتوابعهما كحزب الله اللبناني وفيلق بدر وميلشيات المهدي العراقيتين ، أمر مشروع يقره منطق الحفاظ على نظام قائم حتى ولو أدى ذلك إلى التضحية بالشعب السوري . وعليه فإن كل الدلائل تؤكد بأن هؤلاء الإعلاميين سقطوا وهم يمارسون الاعتداء على الشعب السوري ، كما مارسوا بتوجيه من مؤسساتهم الاعتداء على شرف مهنة الصحافة . والقاتل يقتل ولو بعد حين .  والعمل الإعلامي لا يمكن أن يتحمل تبعات انحرافهم عن مبادئه ، أو يكون وسيلة للتغطية على جرائمهم .    


 


 


 


 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى