آراء ومقالات

تمدّد الصراع مع طهران

بدايات “انتفاضة
السنة ” في محافظة الانبار العراقية على حكومة نوري المالكي، وتوسعها الى
الموصل تنذر بمرحلة مختلفة في ازمات العراق الداخلية. فالحركة الاحتجاجية التي
قامت على خلفية تعرض سُنّة العراق للتهميش والاضطهاد، ولاقت تضامنا من التيار
الصدري (لا نعرف مداه ولا حدوده) مرشحة لان تتوسع لتشمل كل بقعة سنية عراقية. ولعل
الجديد في التحرك السني في العراق انه يتزامن مع المعركة الكبيرة الدائرة في
سوريا، وقد بدأت ثورة سلمية ضد النظام في الداخل، ثم تحولت مع لجوء بشار الاسد ومن
خلفه داعميه الايرانيين الى خيار القتل الشامل الى معركة لمواجهة المشروع الايراني
الطاغي في سوريا الذي يحمي  النظام ويغذيه.
في مكان آخر جرى اخراج جزئي ولكنه اساسي لقطاع غزة من الحظيرة الايرانية، كما جرت
محاصرة الحكومة اللبنانية التابعة لـ”حزب الله” في نطاق هوامشه ضيقة،
خصوصا ان الموزاييك اللبناني معقد ولا يسمح لـ”حزب الله” الشيعي بالذهاب
ابعد مما ذهب اليه عندما اسقط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الرئيس سعد الحريري في
مطلع 2011. فالعودة الى غزوات 7 ايار مؤداها المباشر الى مواجهة مسلحة مفتوحة على
الساحة السورية مع “حزب الله” الذي لا تكفيه قوته العسكرية الساحقة
ليستتب له الوضع
.

في سوريا الوضع اكثر
تعقيدا. فقد تغير الخطاب الايراني الذي كان يؤكد قدرة النظام على الحسم السريع،
ليتوقف عند نقطة التعادل السلبي. فطهران شأنها شأن موسكو بدأت ترى ان الحسم
مستحيل، لا بل إن الميزان يميل لمصلحة المعارضة المسلحة التي باتت تقاتل على ابواب
العاصمة وتتمدد في كل المناطق. وثمة من يعتقد ان تحرك الوسيط الدولي – العربي
الاخضر الابرهيمي الاخير محاولا احياء “خطة جنيف” التي تلحظ حكومة
انتقالية كاملة الصلاحية تتشكل من موالاة ومعارضة ومستقلين، بدعم من الروس، ما هي
إلا محاولة التفافية على التحول الحاصل على الارض والذي سيؤدي في مطلق الاحوال الى
سقوط النظام في برك من الدماء
.

لقد قيل الكثير عن خطة
ايرانية لانكفاء بشار مع اركانه الى جبال العلويين ومنطقة الساحل للتحصن فيها
كدويلة مرتبطة جغرافيا بالبقاع اللبناني الواقع تحت سيطرة “حزب الله”،
لكن دون هذه الخطة انحسارا هائلا في قدرات ما تبقى من النظام في مواصلة القتال، في
حين  تزداد قدرات المعارضة المتنوعة على كل
المستويات القتالية
.

في مطلق الاحوال، من
يضع امامه خريطة المنطقة اليوم يرى كيف يتوسع الصراع مع المشروع الايراني، والعراق
حلقة جديدة من حلقاته. والمؤكد ان ايران بعد سقوط بشار ستكون مختلفة عما هي عليه
اليوم. لان سقوطها في سوريا سيحول قلعتها اللبنانية قلعة محاصرة اشبه بجزيرة في
محيط مناوئ ومستعد لمنازلتها. اما العراق فمقبل على تعديلات في موازين الحكم والسلطة
.

 

المصدر: جريدة النهار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى