آراء ومقالات

الأحزاب العراقية الحاكمة إيرانية المنشأ والولاء..فلماذا الزعل؟

ثمة حقيقة سافرة وقبيحة
قد أسفرت عن وجهها الذميم في العراق منذ الاحتلال الأميركي عام2003 , وهي تصاعد الروح
الطائفية ونمو التيارات الشعوبية والطائفية المعوقة للوحدة الوطنية والضاربة في نعشها
العاملة من أجل مشروع التقسيم والتشظي, ليس للعراق فقط, بل لعموم المنطقة من خلال التركيز
المؤلم على استحضار التاريخ بشكله الفج والمريض وفتح ملفات الخلافات الطائفية والمذهبية
التي اضحت فيروس المرحلة , وأنظروا إلى ما يحدث في العراق ولبنان وسورية وأخيرا في
البحرين وسائر دول الخليج العربي لكي تتعرفوا بشكل دقيق على ملامح المؤامرة التقسيمية
والجاهلية والمتخلفة , ففي العراق الذي تردت أوضاعه للحضيض اليوم تحت سلطة وقيادة أحزاب
وجماعات طائفية ذات تاريخ إرهابي موثق ومرتبط بالنظام الإيراني تدير كل سيناريوهات
التاريخ السوداء, وبات اليوم يغلي داخليا وينشطر طولياً وعرضياً وهو يئن تحت سلطة حزب
طائفي فاشل ومهزوم ولا يمتلك أي برنامج حقيقي للبناء والتعمير مثل حزب “الدعوة”  وحيث مارس بكل خبث سياسة تقية سياسية أدت لاحقا
إلى تقسيم وانشطار داخلي وحروب تسقيطية ولمحاولة الهيمنة على القرار في العراق من خلال
فبركة المؤامرات والانشغال التام بتعبيد البيت الداخلي لإنشاء دولة “دعوية”
أصولية يكون فيها حزب “الدعوة” الفاشل وشركاه قطب الرحى ومعقد الرجاء ولو
أدى الأمر إلى حروب دموية داخلية, إنها النزعة التسلطية وقد أفرزت أسوأ عصارتها الثقيلة
والمختزنة منذ عقود.

واليوم يلاحق النائب العراقي
عن القائمة العراقية طه العلواني على خلفية تصريحات وآراء أطلقها ضد أحزاب السلطة الطائفية
الحاكمة ووصفها بكونها أحزاب إيرانية التبعية والولاء, وهنا قامت ثورة تلك الأحزاب
وقررت محاكمة النائب وتشكيل لجنة تحقيقية بقيادة كل من :

إبراهيم الجعفري القائد
السابق لحزب الدعوة ورئيس الحكومة السابق وفي عهده انفجرت الحرب الطائفية عام 2005
وبلغت الكارثة مداها تحت قيادته التي أدت لطرده وتحويل الرئاسة في صدفة تاريخية نادرة
لنائبه نوري المالكي وهو متربع عليها اليوم منذ صيف 2006?  باقر صولاغ ( بيان جبر ) القيادي في “المجلس
الإيراني الأعلى” وبوابة بغداد الخامسة حسب وصف أحد المنافقين له, ووزير المالية
والداخلية والإسكان السابق خالد العطية وهو معمم من أتباع المجلس الإيراني الأعلى وأحد
غلاة الطائفيين والعاملين لخدمة المشروع الإيراني, فتصوروا طبيعة الأحكام التي تصدرها
مثل هذه اللجنة والتي ضمن أعضاءها أيضا ولذر الرماد في العيون حيدر الملا من القائمة
العراقية , وطبعا لا تعنيني أبداً تلك اللجنة ولا قراراتها القراقوشية لأنها لجنة فاقدة
للأهلية والصلاحية فعن أي أحكام وقرارات نتحدث بعد ذلك ثم أن أصل الحكاية متعلق بما
ورد على لسان النائب العراقي العلواني عن تابعية أهل تلك الأحزاب للنظام الإيراني وهذه
حقيقة واقعية ومعلومة ومسجلة ويعرفها الجميع ولكنهم يدفنون رؤوسهم في الرمال كالنعامة
تماما.

فهل إن حزب “الدعوة”
الذي تأسس برغبة وتخطيط دوائر نظام الشاه الإيراني المقبور عام 1956 ليس حزبا إيرانيا
ومن أسسه هو الإيراني ومستشار الولي الفقيه الحالي الشيخ محمد مهدي الآصفي, وكذلك مرتضى
القزويني وآخرون جلهم من أتباع المرجعيات الإيرانية الفارسية, وهو النسخة الشيعية لحزب
الإخوان المسلمين السن كما أنه عمل طويلا لتسويق النظام الإيراني اعتبارا منذ عام
1979 ومارس الإرهاب الدولي بكل أشكاله وارتبط جنينيا بالنظام الإيراني رغم الخلافات
التكتيكية التي ظهرت فيما بعد بعد تعثر المشروع الإنقلابي الإيراني في الشرق, ونشوء
التناقضات والخلافات التي انتهت تماما بعد احتلال العراق وتسليم الأميركان لمقدراته
للإيرانيين وأتباعهم في واحد من أكثر تحولات التاريخ والستراتيجيا غرابة في الشرق القديم!                                                     

أما “المجلس الأعلى
للثورة الإيرانية في العراق” فهو مؤسسة رسمية إيرانية مرتبطة بمجلس الوزراء الإيراني
منذ أسسه الخميني شخصيا عام 1981 وجعله الواجهة الرسمية للمشروع الإيراني المستقبلي
في العراق ونفخ فيه وفي مؤسساته من روحه وروح الميزانية الإيرانية وتحول لمؤسسة تابعة
للحرس الثوري الإيراني, بل إن رئيسه الأول هو السيد محمود شاهرودي( الهاشمي) في النسخة
العراقية, وهو الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى الإيراني وأحد مرشحي الولي الإيراني
الفقيه لعرش المرجعية الدينية في العراق بعد رحيل السيستاني, وهذا المجلس مارس الإرهاب
الدولي أيضا بكل أشكاله ومعانيه وأغراضه الدنيئة وأنشأ ثلة من كبار الإرهابيين الطائفيين
والعملاء الذين تحولوا لوزراء وقادة في النظام الجديد, وهو يدين بالولاء التام للنظام
الإيراني رغم تغيير يافطة التسمية للمجلس الإسلامي العراقي, ولكنها عملية تمويه بائسة
وساذجة, فالمجلس بكل مؤسساته ورموزه هو مؤسسة إيرانية وليست عميلة فقط, لذلك فإن أقوال
وتصريحات النائب العراقي طه العلواني أكثر من صحيحة, وهو لم يقل للأعور سوى أنه أعور
صراحة ومن دون مجاملة, فلماذا الزعل والغضب والثورة من ملف واضح ومعلوم , الأحزاب الطائفية
العراقية القديم منها أو الجديد, كالصدريين والمنشقين عنهم ليست سوى أدوات إيرانية
عابثة في العراق والشرق بأسره كما أثبتت وثائق التاريخ ونتائج الممارسات السلطوية,
وهذه الأحزاب الإيرانية الولاء تحارب كل ظاهرة شيعية عراقية تحاول تصحيح الوضع وإبعاد
النفوذ الإيراني وإتهامها بما ليس فيها.

العلواني قال الحقيقة العارية
التي يخشى أهل النفاق العراقي الشهير قولها, فإيران وعملاؤها هم من يحكم العراق اليوم
وهم من يدير دفة المشروع الإيراني التدميري بكل مهارة وخبث برمكي متجذر, أما من يدفن
رأسه في الرمال فذلك شأنه, أما أحكام اللجنة التحقيقية فهي متهاوية وباطلة لأنها مكونة
أصلا من اتباع النظام الإيراني فكيف يكون الخصم هو الحكم? إنها المهزلة بأبشع معانيها
فتفرجوا على الألياذة العراقية المرة.

*كاتب عراقي                          

dawoodalbasri@hotmail.com

 

المصدر: جريدة السياسة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى