آراء ومقالات

مقاومة الاستيطان

 

الأنظمة المحتلة دائما
ما تقوم بإجراء العديد من السياسات الاحتلالية من أجل التأثير على الشعوب التي
تحتل أراضيها. من بينها بناء المستوطنات وتوطين المستوطنين فيها لتغيير التركيبة
السكانية لصالحها. و هذه إحدى الطرق التي تمكنها من السيطرة تدريجيا على الشعب
الذي يعيش تحت وطأة احتلالها. إن التاريخ السياسي مليء بالأمثلة التي توضح هذا
الفعل الاستعماري بشكل أكثر دقة. من بينها الاحتلال الصهيوني الذي قام ببناء
العشرات من المستوطنات في أرض فلسطين وجلب الآلاف من المستوطنين و وطّنهم فيها. و
استطاع أن يجعل المستوطنين عيونا له للحفاظ على أمنه بغية السيطرة على سكان الأرض
الأصليين, و هنالك شواهد وأدلة كثيرة تثبتت ضلوع المستوطنين وارتكابهم لأبشع
الجرائم  ضد المواطنين.

إن الاحتلال الفارسي
منذ الوهلة الأولى لاحتلاله للأحواز، قام بسلبب الأراضي الأحوازية واغتصابها بطرق
عديدة. منها تهجير المواطنين الأحوازيين واغتصاب أراضيهم ظلما وزورا و بقوة
السلاح، أو من خلال إغرائهم بمبالغ مالية مقابل تسليمها للسلطات الفارسية المحتلة
لإعطائها صبغة قانونية. ومن خلال اغتصاب هذه الأراضي الشاسعة قام ببناء العشرات من
المستوطنات الكبيرة والصغيرة وجلب عشرات الآلاف من المستوطنين إليها حيث أصبح عدد
المستوطنين مخيفا كما إن هناك مخاوف من إمكانية تغيير التركيبة السكانية لصالحهم
الأمر الذي سيضر بمستقبل القضية الأحوازية.

إن الشعب العربي
الأحوازي قاوم المستوطنين بكافة الأساليب المتاحة لديه، لكن مقاومته ليست شاملة،
ولم يشارك فيها إلا من عانى من الفرس بسبب جواره لهم أو اغتصابهم لأرضه الشخصية أو
احتكاكه المباشر معهم و تضرر من مضايقتهم له، لذلك في أغلب الأحيان كانت مقاومة
المستوطنين والتصدي لهم فاشلة ولم يكتب لها النجاح إلا القليل. كذلك إن المستوطنين
مجهزون بالعدة والسلاح والدعم اللامحدود من قبل سلطات الاحتلال الفارسي في حين إن
المواطن الأحوازي الذي يواجه المستوطنين ويقاومهم لم يتلق الدعم حتى من أشقائه في
المناطق الأخرى من الأحواز بسبب تهاونهم وعدم اهتمامهم بما يحدث. ولكن ضعف
الإمكانيات لم يثن المواطنين الأحوازيين من مقاومة المحتل ابدا.

 إن
سلطات الاحتلال الفارسي لم تكتف ببناء المستوطنات وجلب المستوطنين اليها فقط بل
تمادت في جرائمها أكثر وهو تغيير طريقة عملها في هذه المشاريع الاحتلالية الخبيثة
من خلال بناء الاف الوحدات الاستيطانية داخل المناطق العربية وجلب المستوطنين
إليها لاستخدامهم في عدة أمور:

أولا: ليكون
المستوطنون الفرس عيونا للاحتلال الفارسي للتصدي لأي تحرك أحوازي للقيام بدور
الجاسوس والعميل الذي يترقب التحركات السياسية والنشاطات المناوئة لوجود الاحتلال
ونقلها إلى الأجهزة الأمنية والمخابراتية لتقوم بقمعها ومواجهتها بأسرع وقت ممكن.

ثانيا: من خلال
الارتباط المستوطنين الفرس المباشر مع المواطنين الأحوازيين في العمل والدراسة
وغيرها ستجعل الثقافة الأحوازية متأثرة من الفرس وذلك عبر دخول مفردات فارسية في
كلام وحديث المواطنين الأحوازيين أو نقل الثقافة الفارسية من حيث العرف والتقاليد
البعيدة عن مجتمعنا العربي الأحوازي أو بناء علاقات وارتباطات اجتماعية كالمصاهرة
وغيرها، لتجعل المستوطنين الفرس أن يؤثروا تأثيرا سلبيا على حياة المواطنين الأحوازيين
و سلوكياتهم.

ثالثا: تضييق الخناق
على المواطنين الأحوازيين من حيث الوضع الاقتصادي وذلك عبر شراء المحلات التجارية
لحصر التجارة في الأحواز بالمستوطنين الفرس. حدثت في الآونة الأخيرة تغييرات
اقتصادية كبيرة مما جعلت المجتمع الأحوازي معرض لمشاكل عديدة في المستقبل القريب
وسيكون التخلص منها صعب علينا.

ومن خلال متابعتنا
لوكالات الأنباء والمواقع الفارسية الرسمية و غير الرسمية نشاهد كيف تتداول
الأخبار بشكل يومي حول التصريحات للمسئولين في الدولة الفارسية من أدنى المستويات
كأعضاء في المجالس البلدية إلى أعلى مستوى في هرم السلطة للدولة الفارسية حول
الإنتهاء من بناء وحدات استيطانية وتسليمها إلى المستوطنين. إضافة إلى الإعلان عن
صرف المبالغ المالية الهائلة التي تقدر بمليارات الدولارات على هذه المشاريع
الاستيطانية والحديث عن الدوائر والمؤسسات الحكومية والشركات التعاونية والبنوك
الداعمة للمشاريع الاستيطانية في الأحواز العربية مما يدل على أن الدولة الفارسية
لازالت مستمرة في تنفيذ مخططاتها الخبيثة والإجرامية التي تستهدف الأرض والانسان
الأحوازيين.

يرى العديد من
المراقبين والباحثين في أمور الاستيطان إن مواجهة المستوطنين ومقاومتهم من بين
اولويات الأمور التي لابد أن يقوم بها سكان الأرض الأصليين والمساهمة بها دون أن
يتخاذلوا عنها لأن تبعاتها مضرة مستقبلا مما تجعلهم لا يستطيعون مواجهتها حينما
يزداد عدد المستوطنين وتكون التركيبة السكانية لصالحهم.

لذلك في ظل هذه
الأوضاع يتحتم على كل مواطن أحوازي أن يشارك ويساهم بالتصدي لكافة أشكال الاستيطان
الفارسي التي تقوم بها سلطات الاحتلال الفارسي وأن لا يفرق بين المستوطنين بكافة
أشكالهم عسكريين كانوا أو الذين يعملون في الزراعة أو تربية المواشي أو العمل في
الدوائر الحكومية. لأن مجرد وجود مستوطن يعمل في مكان ما هو سلب فرصة عمل كان
المفروض أن يكون صاحبها مواطن أحوازي.

. إن مقاومة المستوطنين لاتحتاج إلى
استشارة أحد أبدا، إنما تعتبر واجبا شرعيا وقانونيا تمليه علينا ضمائرنا

  ومن
أهم الطرق لمقاومة مشاريع الاستيطان والمستوطنين هي: 1-مقاطعة المستوطنين اجتماعيا
وقطع العلاقات وعدم الارتباط بهم  2-
مقاطعة المستوطنين اقتصاديا 3- مواجهة المستوطنين مواجهة عسكرية.

اليوم لا مفر لنا سوى
انخراط كافة أصحاب الضمائر الحية بين صفوف المقاومة الوطنية الأحوازية لتوجيه أشد
الضربات لأوكار المحتل الفارسي ومن بينها المستوطنين الفرس الذين أصبحوا كالجراثيم
ينخرون في جسم الشعب العربي الأحوازي بالدسائس والمكائد منذ مجيئهم مع بداية
الاحتلال الفارسي. كما إن أي تهاون مع المستوطنين سيقضي على مستقبل الشعب العربي
الأحوازي عاجلا أم آجلا. وإن لغة التسامح وحسن الجوار لاتنفع مع المستوطنين الفرس
طالما يشاركون الاحتلال الفارسي بالجرائم التي ترتكب وإن الشواهد التاريخية اثبتت
سوء نواياهم.

Aloroba18@yahoo.com

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى