آراء ومقالات

الإعلام المقاوم والإعلام المحايد



أ‌- الإعلام المقاوم :
إستطاعت إيران لفترة طويلة
أن تغيب القضية الأحوازية من الإعلام العربي وإهتماماته، رغم محاولات الأحوازيين
المتواضعة في الوصول إلى الإعلام العربي ومخاطبة العقل والضمير العربي الذي تمطر
عليه إيران وعلى مدار الساعة وبكل اللغات مغالطات وتحريف للحقائق وإدعاء بعيد عن
الواقع والممارسات. تمكنت إيران لفترة طويلة أن تكسب جمهورا واسعا ومناصرة شعبية
بسبب إعلامهم المخادع الذي يأخذ من الدين والدفاع عن القضايا العربية بما فيها
القضية الفلسطينية لباسا لتمرير مشاريعها السياسية، وتكميل نفوذها الواسع في الوطن
العربي
. 
ب- الإعلام المحايد :
تناولت وسائل الإعلام
المرئية والمسموعة والمكتوبة في العالم، الإنتفاضة النيسانية في الأحواز آنذاك.
وتعاملت بعض وسائل الإعلام في تلك المرحلة مع أحداث الإنتفاضة النيساية من منطلق
المواقف السياسية والنظرة الأمنية للشعب العربي في الأحواز وتطلعاته من تلك
الإنتفاضة. تعاملت بعضها من موقف المسؤولية الإنسانية والحيادية الإعلامية. كما
تناقلت بعض وسائل الإعلام الأخبار وأحداث الإنتفاضة من وسائل الإعلام الإيرانية أو
الأحوازية من منطلق نقل أخبار من أحدى تلك الجهات أو من الجهتين على حد سواء
. 
المبحث الأول : الإعلام
الأحوازي
: 
تدرك القوى السياسية
الأحوازية أهمية الإعلام ودوره الفاعل والمؤثر في الصراع القائم بين الأحواز، شعب
ووطن من جهة، و بين قوى الأحتلال الفارسي بكل قواها و تياراتها من جهة ثانية.
وتعرف الثمن السياسي الذي دفعه الشعب العربي في الأحواز جراء التعتيم الإعلامي
الذي فرضته إيران على القضية الأحوازية ونضال شعبها خلال خمسة وثمانين عاما وذلك
بغياب الإعلام الأحوازي وصمت الإعلام العربي تجاه القضية الأحوازية والممارسات
الدولة الفارسية بحق الشعب الأحوازي منذ ذلك التاريخ. ومن هذا المنطلق أستثمر
الشعب الأحوازي وقواه السياسية الوطنية الواعية، فترة رئاسة خاتمي 1997-2005
وشعاراته بالإصلاح والإنفتاح من جهة والصراع القائم آنذاك بين أجنحة السلطة من جهة
أخرى، مما ترك هامشا للتعبير والتنفيس والمطالبة الجزئية بالحقوق القومية في الصحف
المحلية التي تأسست في تلك الحقبة الزمنية. فقامت القوى الوطنية بتأسيس مراكز
ومؤسسات ثقافية وإعلامية مثل الصحف والمنشورات الدورية والمحلية في الأحواز وفي
الجامعات من أجل كشف ولو القليل من المستور على قدر المقدور، من ماضيه وحاضره.
وقامت القوى الواعية في الأحواز بالكتابة والتعبير و المطالبة الغير مباشرة في
الصحف المحلية من أجل أن تحض وتحفز الإنسان الأحوازي على العمل من خلال إعطاءه
المعلومة المغيبة بفعل الإحتلال والتعتيم الإعلامي المفروض عليه. تعي القوى
الوطنية الأحوازي دور وأهمية تلك المؤسسات والمراكز الثقافية والإعلامية في رفع
الوعي والإيمان بالقضية الأحوازية. يؤدي الوعي والإيمان إلى تقبل الإنسان
المسؤولية الوطنية وتقسيم الأدوار في الحياة السياسية والثقافية في المجتمع
الأحوازي الذي بذل النظام الإيراني جهودا كبيرة من أجل تفتت المجتمع وعزل
المواطنيين من أدوارهم الوطنية وإبعادهم عن مسؤولياتهم السياسية والإجتماعة تجاه
الوطن والمواطن. أستثمرت القوى السياسية الأحوازية في المنفى الحريات والأمان
والإمكانيات المتوفرة في أماكن تواجدهم وعملوا مواقع على الإنترنت ونشطوا من خلال
الكتابة والتوزيع والتواصل عبر الإنترنت مع الصحف العربية والغربية من أجل التعريف
بقضيتهم وكشف ما يجري من نضال ومقاومة ضد الإحتلال الفارسي وممارسات الدولة الفارسية
بحق المواطن الأحوازي وممتلكاته المادية المعنوية. تمكن الأحوازي رغم قلة تجربته
في الساحة الإعلامية وقلة إمكانياته المادية أن يطرح القضية الأحوازية وخاصة أحداث
الإنتفاضة في العالم. ونجحت الجهود الأحوازية بالمنفى في أن تبث عدة ساعات على بعض
الفضائيات، حيث تمكنت القوى الوطنية الأحوازية في المنفى أن تلعب دورا مهما في
توضيح الحقائق وفضح سياسات إيران وتزويره لما يجري خلال الإنتفاضة النيسانية. حضرت
القوى السياسية الأحوازية في البرلمانات الإروبية وفي مقرات الامم المتحدة ولجانها
المختلفة، وأجتمعت مع المنظمات الإنسانية من أجل كشف ما يجري وتعري النظام
الإيراني، خاصة خلال الإنتفاضة النيسانية. ويتقسم العمل الإعلامي
 الأحوازي في المنفى إلى صعيدين: 
الصعيد الأول : 
العمل والجهود و الصراع مع النظام الإيراني على الفضائيات الأحوازية والعربية
. 
الصعيد الثاني : 
الصراع والنضال والجهود على الشبكة العنكبوتية
. 
على الصعيدين واجه المناضل
والناشط الأحوازي النظام الإيراني والمعارضة الفارسية الإيرانية وبعض مناصري
النظام الإيراني من العرب الذين دافعوا ويدافعوا بشكل مستميت عن إيران ونظامه بحجج
وإدعاءات مختلفة. كانت بعض الشخصيات العربية المخدوعة بالشعارات الإيرانية وتلك
التي تدافع عن إيران لأسباب مادية ومصالح متبادلة مع النظام الإيراني، كانت في
معظم الحالات تقف مقابل المناضل والناشط الأحوازي في المقابلات التلفزيونية وتدافع
عن إيران أكثر من دفاع الفرس أنفسهم عن إيران والنظام الإيراني
. 
الإعلام الأحوازي المرئي
والمسموع والقرصنة الإيرانية
: 
نظرا لأهمية الفضائيات في
الحقل الإعلامي ودورهن الكبير في التأثير على المجتمعات بشكل عام والتأثير البالغ
للفضائيات على المجتمعات التي ترزح تحت نير الإحتلال وتناضل لإنتزاع حقوقها بشكل
خاص، قامت القوى السياسية الأحوازية في المنفي، ببث ساعات معدودة على الفضائيات من
أجل إيضاح الكثير من الحقائق على أرض الواقع في الأحواز، للعالم العربي
وللأحوازيين في المنفى. قامت الفضائيات الأحوازية بنقل الأخبار والأحداث اليومية
خلال الإنتفاضة النيسانية وما تلاخا من أحداث. نقلت أخبار الأحوازيين في المنفى
ونشاطهم السياسي الموازي للإنتفاضة النيسانية إلى الأحوازيين في الوطن. وبثت صدى
الإنتفاضة في الخارج على الصعيدين السياسي والإعلامي في المؤسسات الدولية والعربية
وللشارع العربية بشكل عام. لعبت الفضائيات الأحوازية التي لا يتعدى ساعات بثها عدد
أصابيع اليد الواحدة في الإسبوع، لعبت دورا مهما في رفع معنويات المنتفضين في
الأحواز من خلال بث الأناشيد الثورية والوطنية ونقل أخبار الإنتفاضة التي تحدث في
داخل الوطن إلى كافة أبناء الأحواز, في كل مدن وقرى الأحواز, ليطلعوا على الأخبار
الحقيقية, ولا ينخدعوا أو يتأثروا بالإعلام الفارسي أو الدعاية السياسية المتلبسة
بالدين. بدأ البث الفضائي الأحوازي في بداية 2005 حيث بدء تلفزيون
“الأحواز” التابع لحزب التضامن الديمقراطي الأحوازي، قبل إندلاع
الإنتفاضة بعدة أسابيع. وبدأت بعد الإنتفاضة بأيام، القناة الأحوازية, التابعة
للجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية/ للشعب الأحوازي. بثها كل يوم الجمعة، لساعة
واحدة ويعاد بثها مرتين في الأسبوع، كما حال تلفزيون “الأحواز”. بعد
الإنتفاضة بعدة إسابيع، بدأت حركة التحرير الوطني الأحوازي، ببث ساعة في الإسبوع،
تعاد مرتين، بإسم “فضائية الأحواز المحتلة”. بثت الفضائيات الأحوازية
تلك، في السنة الأولى على قناة “بت نهرين” التابعة للأشوريين العراقيين.
وواجهت قناة “بت نهرين” تحديات ومشاكل كبيرة، تمثلت بالقرصنة والتشويش
على القناة، من قبل الدولة الفارسية في إيران. أنقطع بث قناة “بت نهرين”
لعدة مرات خلال بث القنوات الأحوازية. بعد متابعات أصحاب القناة مع مركز القمر
الصناعي ذو الشأن “الهوتبرد”، تبين سبب الإنقطاع هي القرصنة والتشويش
الإيراني على القناة مما تسببت تلك القرصنة على تشويش المجموعة الكاملة (الباقة
الكاملة) على نفس التردد. هذا الأمر دفع أصحاب قناة “بت نهرين” إلى
الإعتذار في الإستمرار للبث إلى القنوات الأحوازية الثلاث التي كانت تبث ساعاتها
من قناة” بت نهرين”. بعد المحاولات الأحوازية لإعادة البث الفضائي من
جديد والذي أنقطع لفترات متعددة بسبب التشويش الإيراني، إستطاعت التنظيمات
الأحوازية أن تعيد بث فضائياتها بأشكال مختلفة وفي فترات مختلفة ومتقطعة. أعادت
الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية/ للشعب الأحوازي وحركة التحرر الوطني
الأحوازي، بثهما على قناة
(Gunaz TV) التابعة
لمؤتمر آذربايجان العالمي. وأعاد حزب التضامن الديمقراطي الأحوازي بث تلفزيونه على
قناة “تيشك” التابعة لحزب الديمقراطي الكردستاني. وبثت حركة النضال
العربي لتحرير الأحواز ساعة في الأسبوع على قناة
(Gunaz TV). لعبت الفضائيات الأحوازية دورا مؤثرا ومهما في الشارع الأحوازي.
وساهمت بشكل كبير في التوعية التاريخية والسياسية عند المواطن الأحوازي. كانت
ومازلت لها الأثر الإيجابي في رفع معنويات الشباب في تحديهم للسلطة الفارسية، من
خلال بث الأناشيد الثورية والأغاني الوطنية وأخبار المقاومة الأحوازية وعملياتها
البطولية وفضح جرائم إيران للمشاهد الأحوازي والعربي. دور الفضائيات الأحوازية
وتأثيرها الملموس على الشارع الأحوازي، جعلت النظام الإيراني يقوم بقرصنة وتشويش
من جديد وقام بعرقلة بث قناة
(Gunaz TV ) على قمر
هوتبرد، مما اضطرها إلى إيقاف البث على الهوتبرد والإنتقال إلى قمر تلستار 12.
توقف بث الفضائيات الأحوازية نظرا لصعوبة مشاهدة أو إلتقاط هذه القناة على القمر
تلستار12 في الأحواز والعالم العربي. مرت التنظيمات الأحوازية في بثها الفضائي
المتواضع (ساعة واحدة في الإسبوع) بصعوبات في مجال التقنية حيث بدء تسجل هذه
الساعة التي تتشكل من لقاءات وأنشطة وأخبار وأناشيد ثورية على قرص مضغوطة. يتم
إضافات صوتية وكتابات وصور على المقابلات والأناشيد وتترتب المطالب ويتم تحريرها
على قرص مضغوطة حيث لا تتجاوز المطالب الساعة الواحدة ويرسل القرص من أوروبا إلى
مكتب القناة في الولايات المتحدة الأمريكية. تم بث البرامج على هذه الطريقة وبعد
ذلك تم إرسال البرامج عبر الإنترنت. بعد تطور التكنولوجيا، صار بث الساعة
الأحوازية بشكل مباشر عبر جهاز يسمى
(Sling Box) “سلينغ بوكس” ويلتقط من قبل الفضاية عبر الإنترنت بعد تحميله
وربطه في الجهاز الحاسوب. أصبح اليوم ومع تطور التكنولوجا، البث من خلال برنامج
السكايب
(Skype) وويب كام (Webcam) فقط من
الجهاز الحاسوب الشخصي ويتم ربطه مباشرة بإلقناة عبر الإنترنت


المصدر: لوموند

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى