تلوث الأجواء في إيران يقتل ساكنيها وينهب أموالها
تتزاحم المشكلات الاجتماعية والبيئية الناتجة عن ضعف التخطيط وسوء الإدارة على الساحة الإيرانية، وراحت تلقي بظلالها يمنة ويسرة على الشعب الإيراني المنكوب ومسلوب الحقوق، فما تكاد أصداء آخر المشاكل ظهورا تجف من مسامعهم، حتى تظهر مشكلة جديدة الأبعاد تعيد اليأس وتحي الإحباط الذي أصبح جزءا لا يتجزء من فكر الشعب الإيراني.
الفقر والبطالة والإدمان والجريمة وقمع الحريات … الخ، مشاكل تتزايد وتتوسع في إيران بشكل ملحوظ، ومخاطرها باتت تهدد كيان الدولة حسب تصريحات العديد من مسؤولي الحكومة والنظام في إيران، فعندما تجتمع هذه المشاكل ولا تجد برامجا أو خططا سليمة لمعالجتها، تصبح ذات حدين فتاكين، إذ تهدم مناعة الاقتصاد والانتاج، وتحفز ظهور غيرها من الأخطار، لأن المشاكل لا تأتي عادة منفردة تماما، بل تتكون كحلقات، وتولد بعضها البعض، فبعد فشل الحكومة الإيرانية في معالجة مشكلة التلوث التي أخذت تتزايد في السنوات الماضية، وذلك بوضع الخطط والبرامج التي كان من أهمها نقل العاصمة طهران للتقليل من الغازات الملوثة للهواء، بقيت ظاهرة تلوث الهواء والمياه هم يؤرق المسؤولين ويهدر الأموال ويقتل المواطنين.
وقد نشرت الصحف ووكالات الأخبار الإيرانية العديد من التقارير والإحصائيات التي تتحدث وتحذر من هذه الظاهرة، منها ما أوردته صحيفة الجمهورية الإسلامية بتاريخ 28-8-2014 تحت عنوان “تلوث الهواء، من خسائر المليارات إلى الموت التدريجي” تناولت الخسائر البشرية والمادية جراء تلوث الهواء في إيران، وقالت إن إيران تعتبر من أكثر دول العالم تلوثا للهواء، وقد أدى تلوث الهواء إلى الكثير من الخسائر المالية وتسبب في كثير من الأمراض والموت البطيء، وأضافت أنه حتى عام 2014 بلغت الخسائر المالية بسبب تلوث الهواء في إيران 11 مليار دولار، وستتجاوز حتى عام 2019م حاجز الـ 15 مليار دولار.
كما تناولت صحيفة “آرمان” في نفس التاريخ هذا الموضوع تحت عنوان “تلوث الهواء يقتل شخصا واحدا كل ساعتين” وأوردت مقالا تحدثت فيه عن مشاكل التلوث في إيران وخاصة طهران، وقالت فيه إن موضوع تلوث الهواء ومشاكل التنفس في طهران والمدن الصناعية لم يعد موضوعا جديدا، بل هي مشكلة تعاني منها إيران منذ عقود، وتعد من أكبر المشاكل البيئية في إيران، وقالت الصحيفة إنه وفقا لإحصائيات 2011 فقد كانت إيران ثامن أكثر الدول تلوثا، وكانت الأحواز أكثر مدن العالم تلوثا، ووفقا لتقارير وزارة الصحة الإيرانية فإن 4400 شخص يموتون في طهران سنويا بسبب التلوث، يعني كل 24 ساعة 12 شخص يموتون، أي بمعدل شخص واحد كل ساعتين.
وحسب صحيفة الجمهورية الإسلامية فإن لجنة مراقبة الهواء في طهران قد أعدت تقريرا حول تلوث الهواء في إيران خلال الأربعة شهور الماضية قالت فيه أن هاك 6 أيام فقط في الشهر يكون الجو فيها صحيا ونظيفا، و18 يوم يكون فيها غير صحي بالنسبة للأفراد الذين يعانون من الحساسية، ويوم واحد يكون فيه غير صحي بشكل كامل.
وحسب المنظمات الدولية فإن الحد المسموح به في مستوى جزيئات الغبار في الهواء هو 150 ميكروغرام، ولكن ميزان تعلق ذرات الغبار في هواء شمال الأحواز مثلا يبلغ أحيانا 3656 ميكروغرام، وهذا يعني 25 ضعف الحد المسموح به، لذا فإن الناس في هذه المناطق يتنفسون بصعوبة بالغة.
لقد أصبحت أجواء إيران وخاصة في سماء العاصمة طهران من أكثر الأجواء تلوثا في العالم، وذلك بفعل انتشار الصناعات التي لا تطبق معايير السلامة وتفتقد إلى الرقابة الصحية، حتى أصبح حسب أحد التقارير كل فرد في العاصمة طهران يستنشق من الملوثات والسموم الموجودة في الهواء ما يعادل (7) سيجارات في اليوم الواحد، وهذا ما يفسر زيادة الأمراض المرتبطة بتلوث الهواء والماء في إيران بنسب متزايدة، منها على سبيل المثال السكتات القلبية والسرطانات، إذ يرجع المختصون زيادة السكتات القلبية في إيران إلى زيادة الغبار وتلوث الهواء الذي يسبب أمراض الجهاز التنفسي مما يؤدي إلى السكتة القلبية، وفي هذا الخصوص أعلنت وزارة الصحة أن 136 ألف إيراني يموتون سنويا بسبب السكتة القلبية أو الدماغية، 93 ألف بسبب السكتة القلبية و43 ألف بسبب السكتة الدماغية.
وحول الآثار السلبية التي يفرضها تلوث الهواء على زيادة احتمالية الإصابة بأمراض السرطان، حذر رئيس اللجنة الصحية في مجلس الشورى الإيراني من تلوث الهواء في إيران، وقال إن البنزين الذي يباع في المحطات الآن يزيد من معدلات تلوث الهواء بفعل الإشعاعات البتروكيميائية التي يبعثها في الهواء، وأضاف أن سن الإصابة بالسرطان في إيران أقل بعشر سنوات عن غيرها وذلك بسبب تلوث الهواء، وقد أشار الدكتور شهريار سواد كوهي رئيس قسم التنظير في مستشفى آية الله روحاني في مدينة بابل في مازندران إلى انخفاض سن الإصابة بمرض سرطان المعدة إلى سن الأربعين عاما، وقال إن تلوث المياه هو العامل الأساسي ببروز هذا المرض، وإن انتشار هذا المرض في المناطق الشمالية من الدولة أصبح أمر مقلق للغاية.
وفي النهاية يجب الإشارة إلى تصريحات مديرة التمنية المستدامة لمنظمة البئية “زهرا جواهريان” بخصوص وضع إيران في المرتبة 114 من بين 132 دولة في العالم من حيث الأداء البيئي بشكل عام، وأضافت أننا نواجه مشاكل كبيرة بسبب التلوث الجوي وكثرة الغبار، وأن إيران تمر بـ 6 شهور يكون فيها الجو مغبرا و 6 شهور يكون الهواء ملوثا.
المصدر : مركز المزماة للدراسات والبحوث
تنويه : إدارة الموقع استخدامت التسميات العربية الصحيحة بدل التسميات الفارسية التي كانت مستخدمة في المقال