اعداء في الظاهر وأصدقاء في الباطن

تشهد الساحة الاسرائيلي هذه الايام احتجاجات من قبل المفكرين والكتاب الاسرائيليين ، وتجمهرت اعداد كبيرة من الاسرائيليين امام منزل رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو ، تبدي احتجاجها حول تصريحات القيادة الإسرائيلية لضرب المفاعل النووي الفارسي.
إن مثل هذه الخطوة هي الأولى من نوعها في إسرائيل خاصةً و أن الأمر يتعلق بدولة تنصب العداء في العلن لدولتهم . والمعروف عن الكيان الصهيوني الذي يعيش حالة الاستنفار والخوف الدائمين من أي تطور في المنطقة من شأنه أن يهدد وجوده ، أنه لا يتوان بمساعدة حلفائه من تنفيذ ضربة إستباقية لإي موقع في هذا العالم يمثل خطراً على وجوده . فالدولة الاسرائيلية تضرب بيد من حديد لأي حراك في الشارع الفلسطيني ، لا يهم أن يكون إعتصامات لأفراد يرفضون الاعتداء على أملاكهم ، أو أطفال يواجهون آليات هدم المنازل وجرف الأراضي بعصي وحجارة … لا يمتلكون السلاح المادي الذي بإمكانه ان يدمر اسرائيل ويمحيها عن بكرة ابيها من الوجود . ولكن يبدو الأمر يختلف عندما يتعلق الأمر بالدولة الفارسية التي تسعى ليل نهار لامتلاك السلاح النووي وتهدد علناً محو اسرائيل من الخارطة .
لماذا لم نر مثل هذه الاحتجاجات في الداخل الاسرائيلي حينما اقدمت اسرائيل على ضرب مفاعل تموز النووي العراقي ، والمفاعل النووي السوري في دير الزور؟!.
وهل ما قاله السيد تريتا بارسي في كتابه الشهير (التحالف الغادر) حول علاقة ايران بالدولة الاسرائيلية هي حقيقة لا تخفى على احد ؟ ،يقول بارسي اليهودي في امريكا: أنه هو اول من نصح الادارة الامريكية في بداية الثمانينات بان لا تأخذ التصريحات الفارسية بمحمل الجد لان ما يعلن عنه في واد وما يعمل به في واد آخر ، ويقول ايضاً أنَّ العلاقة بين المثلث (الإسرائيلي ، الإيراني ، الأمريكي) تقوم على المصالح والتنافس الإقليمي والجيواستراتيجي، وليس على الأديولوجيا والخِطابات والشعارات الحماسية الرنَّانة التي ليس لها أيُّ أثرٍ ملموس على مسرح الأحداث ، فلم يتمَّ استِخدام أو تطبيق أيٍّ من تلك الخطابات الناريَّة من كِلاَ الطرفين ، والتي عادةً ما تكون في وادٍ والتصرُّفات في وادٍ آخر .
وفي اعلان صريح من قبل المحتجين في اسرائيل امهلوا رئيس الوزراء الى يوم الخميس لرد على مطالبتهم بعدم ضرب الدولة الفارسية،وطالبوه بأن يعلن على الملأ انه لن يتخذ القرار بضرب الدولة الفارسية.
ولا يعني أن يفهم من هذه المواجهة بين المحتجين وحكومة الكيان الصهيوني إلى أن أحد الطرفين يعمل ضد المصالح العليا للدولة الإسرائيلية ، لا.. بل كلاهما يعملان لتحقيق هدف واحد ، وأما المظاهر سواء كانت من الدولة الفارسية أو من قبل الطرفين في الكيان الصهيوني ما هو إلا لذر الرماد في أعين الغافلين .