اكذب اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس
أكذب
ثم أكذب ثم أكذب… حتى يصدقك الآخرون، هذا هو المنطق الذي بنيت عليه سياسة الدولة
الفارسية الشوفينية على مدى ثلاثين عاما من حكم الملالي. ثلاثون عاماً من انقلاب ما
سمي ب(الثورة الإسلامية الإيرانية) ونحن نسمع عن نجاحات الدولة الفارسية في مجالات
التصنيع الحربي كنجاحهم في صنع منظومة صواريخ متطورة بقدرات محلية خالصة، أو نجاحهم
في صنع طائرة حربية متطورة. نعم صواريخ حربية
وطائرات حربية ومعدات حربية أخرى، ولم نسمع في سياق سياسة الكذب والدعاية الكاذبة التي
تعتمدها الدولة الفارسية عن جهود تبذل في مجالات تفيد البشرية أو حتى ما يفيدهم كبشر
في حدود دولتهم… ” كل إناء بالذي فيه ينضح ” هذا هو حال الدولة الفارسية
التي تقودها الأطماع والأحقاد. لماذا لا نسمع عن مجرد توجه لإنتاج طائرات مدنية خدمةً
للمجتمع وتوفير للمال ودعما لميزانية الدولة؟ أو بحوث تجرى في مجالات مدنية كالطب والعلوم
الإنسانية وغيرهما من مجالات تفيد ولا تضر.؟ نقول هذا والعالم كله يعيش منذ فترة حالة
صخب لا مثيل لها يثيرها مشروعها النووي المثير للجدل في أجواء لا تخلو من ابتزازات
سياسية. إلا أن الحقيقة المؤكدة مقابل هذه الدعايات الكاذبة هي أنهم يعبرون عن أحلامهم
بالدعايات الكاذبة، كما أنها رسائل سياسية للعالم ولدول الجوار خاصة، تبقي لها قدرا
من الهيبة في التوازنات الدولية والإقليمية، وتظهر الدولة الفارسية وكأنها قوة إقليمية
لا يمكن تجاوزها في إقرار أي أمر يخص المنطقة.
ومن
إدعاءات الدولة الفارسية التي لا تحصى ولا تعد، أنها تمكنت من صنع طائرة حربية تضاهي
الطائرة الأمريكية من فئة إف 15. ولكن ما لبث إلا وانكشف الأمر سريعا واتضح فيما بعد
أنها طائرة أمريكية بعد إضافة التعديلات الشكلية عليها للتمويه. المعارضة الفارسية
في الخارج قالت أن هذه التعديلات تمت على طائرات أمريكية بيعت لإيران في عهد الشاه
الهالك، وبهذا كذب الخبر من اساسة، وكذلك افتضح أمر صواريخ اس 300 التي ادعت الدولة
الفارسية على انتاجها محليا، وذلك عندما استبعدت روسيا أن يكون للدولة الفارسية القدرة
في إنتاج مثل هذه الصواريخ، وقالت أنها سبق وأن باعت منظومة صواريخ اس 300 الى الصين
وحاولت الأخيرة بشتى الطرق ان تتعرف على التكنولوجيا المستخدمة في صنع هذه الصواريخ
ولم تستطع بالرغم من قدرتها وخبرتها التصنيعية في هذا المجال. وكذب الإدعاء صراحة وسريعا
من حليفتها روسيا. وقس على ذلك أمر كل الصواريخ التي تلوح بها في مناوراتها الاستعراضية
والمبالغ في مداها وقدراتها التدميرية.
هذه
إدعاءات ثبت كذبها، ولكن الإنتاج الفارسي الذي لا نقلل من خطورته وتأثيره الواضح على
واقع المنطقة هو قدرتها في إنتاج الأزمات لمحيطها العربي، وإن كنا لا نقر لها القدرة
المطلقة في ذلك، بل نعيد الخطورة في فعالية هذا الخطر وتأثيره السلبي، إلى غياب إستراتيجية
عربية تردع التجاوزات الفارسية أو تحمي على الأقل الأمن القومي العربي. أي لولا الضعف
عربي لما وجد هذا التطاول الفارسي.
من
الإنصاف أن نقر لها صناعتها لحزب الله اللبناني الذي يوشك أن يدمر الدولة اللبنانية،
بل يكاد أن يتجاوزها للمساهمة في تدمير دول عربية أخرى كذراع إرهابي إيراني داخل الجسم
العربي، كما حال ميليشيات المهدي وميليشيات بدر في العراق وغيرهما بالإضافة إلى الحكومة
العراقية الذين عملوا جميعا بتوجيه من الدولة الفارسية إلى تدمير الدولة العراقية بتفتيتها
إلى كيانات طائفية متناحرة، وكذلك قدرتها في تجنيد مواطنين عرب على أسس طائفية ليعملوا
ضد دولهم في دول الخليج العربي واليمن…
إذا
كانت الدولة الفارسية فشلت في تحقيق إنجاز طموحاتها في التصنيع العسكري يسلطها على
رقاب الشعوب العربية والإسلامية، وعوضت عن ذلك بادعاءات كاذبة فهذا شأنها، فإننا لا
ننكر عليها حقها في الحلم بذلك، وحقها في الدعاية لنفسها، ولكن الذي يجب أن نحذر أنفسنا
منه كعرب هو عدم التعاطي السلبي مع هذه الدعايات الكاذبة ، والانصراف إلى صياغة ردود أفعال لكل تصريح كاذب تطلقه الدولة الفارسية،
بل يجب وضع كل ما تقوله وتفعله هذه الدولة على محمل الجد كحافز يدفع إلى وضع إستراتيجية
متكاملة ليس فقط لإبطال مخططاتها وتبديد أحلامها، بل إستراتيجية برؤية تقضي على الضعف
العربي، وتضع حد لهذا التطاول. وستظل الدولة الفارسية تدعي وتكذب ثم تكذب… حتى يتحقق
لها هزيمة العرب نفسيا أولا إذا ما انطلت هذه الأكاذيب عليهم.
التخطيط
للهجوم تتوفر فيه مساحة واسعة للمناورة وتتنوع فيه الأسلحة من مادية ومعنوية بعكس المدافع
الذي يكون مقيدا بردود أفعال لأي فعل يقوم به المهاجم، وفريسة سهلة للأسلحة المعنوية
(الدعاية المعتمدة على الأكاذيب) قبل السلاح المادي .