آراء ومقالات

بلطجة في طهران ودمشق

 *الحياة اللندنية

لا بد ان العالم سئم هذه المسرحيات الهزيلة التي يكررها النظام الايراني ويقلدها حليفه السوري، في اقتحام السفارات، وبات الامر يتطلب رداً دولياً قاسياً بالفعل حتى تتوقف هذه الممارسات التي تعكس الافلاس التام، وحتى تمتنع الدولتان عن اللجوء المتكرر الى الغوغاء تدفعانها لانتهاك الحرمة الديبلوماسية والمواثيق الدولية لدول لا يعجب موقفها السياسي طهران ودمشق.

ولا يمكن قبول ان قوات الامن الايرانية التي «أبدعت» في قمع المعارضين المحتجين وملاحقتهم الى داخل البيوت والمساجد والمستشفيات، ليس في امكانها منع متظاهرين «عفويين» من اقتحام السفارة البريطانية، علماً ان هؤلاء عناصر في ميليشيا الباسيج التابعة للحرس الثوري الايراني ولا يتحركون الا بإيحاءات مباشرة من الاجهزة الامنية ذاتها التي تزعم محاولة وقفهم، وان التلفزيون الايراني الرسمي كان ينقل عملية الاقتحام في بث مباشر.

وقبل السفارة البريطانية، ثبت بالدليل الملموس تورط ايران في محاولة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، وقبل ذلك اغتيال ديبلوماسي سعودي في باكستان، اضافة الى عشرات الاعتداءات على ديبلوماسيين سعوديين في مختلف انحاء العالم كانت الدلائل تشير دوماً الى يد ايرانية خفية وراءها. وقبل اسابيع فقط اعتقلت قطر والبحرين مجموعة بحرينية دربتها ايران للاعتداء على مرافق ديبلوماسية وتنفيذ اغتيالات في المنامة.

وفي دمشق هاجمت الغوغاء ايضا السفارات العربية والاجنبية وبينها السعودية والقطرية والفرنسية والاميركية، وأيضا بتحريض واضح من الاجهزة الامنية التي لم تقم بما يفترض لحماية البعثات الديبلوماسية، علماً ان السفارات السورية والايرانية لم تتعرض لأي اعتداء من أي نوع في أي من عواصم العالم، باستثناء تظاهرات احتجاج على القمع تشكل حقاً طبيعياً في التعبير عن الرأي من دون عنف، نظمها مواطنون سوريون وايرانيون يحتجون على نظامي بلديهم.

ولعل طول البال والتساهل والتغاضي العربي والدولي عن هذه الانتهاكات شجع دمشق وطهران على التمادي فيها، مع ان المطلوب ابداء بعض الحزم لإفهام النظامين بأن استسهال الاعتداء على الديبلوماسيين له ثمن وعواقب، تماماً مثل القمع الذي يمارسانه ضد مواطنيهما. ومثلما استعادت الجامعة العربية ثقتها بنفسها ودورها وقررت عقوبات اقتصادية على دمشق لعدم استجابتها مطلب وقف القتل وسحب الجيش من الشوارع وبدء حوار مع المعارضة، مع ان الامر لم يصل الى حد السحب الجماعي للسفراء وطرد السفراء السوريين، فإن باستطاعة دول العالم، واذا أمكن عبر مجلس الامن، اتخاذ اجراءات عقابية اضافية ضد طهران لردعها عن مواصلة الاستخفاف بالمواثيق الدولية، تشمل عزلها ديبلوماسياً عبر سحب السفراء لدى ايران وطرد الديبلوماسيين الايرانيين، رغم ان معظم دول العالم يربأ بنفسه عن الممارسات الانتقامية.

واذا كان البعض اعتبر ان اقتحام السفارة البريطانية جاء رداً على العقوبات الجديدة التي اقرها الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة في اطار موقف غربي موحد من رفض ايران التعاون في ملفها النووي، فهذا يعني ان هذه العقوبات بدأت تؤتي ثمارها وتفقد النظام الايراني اعصابه، وان اقرار المزيد منها قد يدفعه الى الاذعان للاجماع الدولي، وفتح منشآته امام رقابة فعلية، والتوقف عن سلوك الدول المارقة. 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى