سر العصابات المسلحة في سوريا

وليد المعلم خصص وقتا طويلا من "المؤتمر-المهرجان" الذي أقامه يوم الإثنين الماضي لملف "العصابات المسلحة"، وعرض فلما وثائقيا ليدعم كلامه لتبديد أى تشكيك أو تأويل حول حقيقة أو واقعية وجودها ونشاطها في سوريا.
والموضوعية تفرض على الجميع التعامل مع ملف "العصابات المسلحة" بصورة أكثر جدية ومصداقية، لأنها حقيقة تؤرق السوريين كثيرا، بل كثيرا جداً، وهي "العصابات" التي تقتل دون تميز، تخطف وتسلب، ومع تطور أحداث الثورة السورية أصبحت هذه العصابات منتشرة في طول البلاد وعرضها، وثبت بالدليل القاطع أن هذه "العصابات" تتلقى دعما خارجيا ملحوظا لا يمكن لأي ذي عقل وبصيرة إنكاره، وهي توظف هذا الدعم لتضرب وبقسوة شديدة، وتحرق "الاخضر و اليابس"، وتعطل الحياة والدراسة، وتدمر اقتصاد البلد.
إلا أن كل تلك الممارسات هي واجهة لهدف أكبر وأخطر، إذ تهدف "العصابات" لفرض سيطرتها الكاملة على سوريا والسوريين بالعنف المدجج، والدم الغزير، والقتل الأعمى، ولكن لديها أيضاً خططا بديلة وجاهزة وربما أكثر شيطانية.
فلهذه "العصابات المسلحة" خطة بديلة مجهزة لإشعال نيران الحرب الأهلية في سوريا، وهي تعرف دقة وحساسية التركيبة الوطنية السورية، وأن مثل هذه الحرب الأهلية إذا ما اندلعت ستنهي تلك الوحدة الداخلية للشعب السوري، وتكشف خواصر سوريا لكل الأطماع الخارجية.
و أيضاً لهذه "العصابات المسلحة" خطة بديلة أخرى، معدة وجاهزة، بل واقعيا وعلى الأرض، جار تنفيذها منذ شهر أبريل-نيسان الماضي، وتقضي بتقسيم الدولة السورية إلى دويلات بأحجام مختلفة، وحسب ما تفرز عن الأحداث والوقائع عند سقوط النظام في دمشق.
ولكن، يبقى السؤال الأهم: من هي تلك "العصابات المسلحة" التي نسمع بها طوال الوقت؟ ونرى حقيقة أفعالها الدموية وسلوكها المدمر؟ وهل بإمكاننا أن نراها ونتعرف عليها كي تصبح الألوان واضحة؟ خاصة بعدما أخفق نظام الأسد في إقناع العالم والسوريين بوجود هذه "العصابات المسلحة"؟ ولماذا يتصرف النظام بهذا الغباء والحمق في محاولة تعريف المعرف بتزوير وعرض فيلم وثائقي مليء بالكذب والتضليل؟
تلك ولا شك أسئلة غبية لأناس أغبياء، لكن العصر الذي نعيشه لا يحتمل مثل ذلك الغباء، ولا مثل أولئك الأغبياء، الذين يقف على رأسهم بجدارة وامتياز "بشار"، وهذه "العصابات المسلحة" لم تنشأ من رحم الثورة السورية، ثورة الحرية والكرامة، والعالم كله شاهد وسمع ثوار سوريا عندما كانوا وأكدوا على كلمة كانوا يهتفون بها وهي "سلمية.. سلمية"، ورأى العالم وسمع أن هذه الثورة كانت، أؤكد، كانت ترفض التدخل الخارجي بكل مظاهره وأشكاله.
النظام بعينه هو "العصابات المسلحة" وهذه أسرة "أسد" البغيضة هي رأس تلك "العصابات المسلحة"، عصابات مدججة بالحقد والكراهية للشعب السوري منذ أيام "الرأس الكبير" المؤسس لهذه العصابات.
والحقيقة الدامغة أن هذه "العصابات المسلحة" هي صلب النظام ومصدر البطش لديه، ولقد أنجزت قائمة طويلة من أهدافه وجرائمه، وأركان هذه العصابات من عسكريين وبعثيين، أنجزوا حتى الآن لائحة اتهام كافية وطويلة لهم ولرئيسهم:
– قتل أكثر من 350 طفلا سوريا.
– قتل أكثر من 300 سيدة وفتاة سوريات.
– قتل أكثر من 5000 مواطن سوري.
– قتل أكثر من 200 أسير سوري تحت التعذيب الشديد.
– نزع حنجرة منشد الثورة إبراهيم القاشوش وتصفية جسده.
– قتل أكثر من 800 عسكري رفضوا طاعة أوامر القتل.
– اختطاف وإخفاء أكثر من 5000 مواطن سوري.
– اسر و تعذيب أكثر من 60000 مواطن سوري.
– تهجير أكثر من 50000 أسرة خارج سوريا وداخلها.
– اغتصابات، سرقات واعتداءات.
وإذا كانت تلك هي "المنجزات المشرفة" لعصابات النظام المسلحة، فإن الإنجاز الأهم لبشار وقتلته هو تكريس قناعة الشعب السوري بأن هذا النظام قد انتهى، وعليه أن "ينئلع"، وليعلموا أن "من عاش بالسيف، بالسيف يمت".

