آراء ومقالات

الأحواز أفقر شعب على أغنى أرض

قصف الجيش الإيراني العديد من المدن العربية الأحوازية بحجة تواجد الجيش العراقي فيها مع بداية الحرب الإيرانية – العراقية عام 1980، وشلت الحياة بشكل كامل في المدن المنكوبة، وتوقفت الدراسة فيها. ومكثنا في قرية تمرّ بجوارها أنابيب نفط ضخمة وأخرى للغاز السائل، والإضاءة المنبعثة من احتراق الغاز المصاحب لعملية استخراج النفط تطل على القرية بحلول الظلام، وتحيط بها الأراضي الخصبة من جميع الجهات.

جميع المؤشرات تدل على أن تلك القرى يفترض أن تكون الأثرى في العالم، إلا أنها تحرم من الماء والكهرباء والطرق المعبدة ولم ألحظ ولو بيتا واحدا فيه مبنيا بحجر أو بأبسط الطرق العصرية، فجميع البيوت كانت تبنى من الطين. أما العائدات الطائلة المتأتية من تلك الثروات، فتذهب إلى الدولة الإيرانية لتنثرها على الفرس أو لتنفيذ مشروعها التوسعي في المنطقة أو لمحاربة أشقائنا العرب وقتلهم أو للفتك بالشعب العربي الأحوازي على يد الاحتلال الإيراني، وحصتنا الوحيدة من النفط والغاز هي التلوث واستنشاق السموم لا غير.

مكثنا فترة في تلك القرية وفترة أقل في قرية أخرى، وتنوّعت الهموم بين الحرمان من الدراسة أو الدمار المتزايد بسبب تلك الحرب الطاحنة أو حتى من يصاب بمرض أو يتعرّض إلى لدغة عقرب فيصعب عليه الوصول إلى أقرب مصحة أو مستشفي، إذ تحجب الرؤية في الصيف بسبب الأتربة والغبار، أما في الشتاء فتقطع الطرقات الترابية بالكامل أمام سكان القرى المتناثرة في بقعة تعوم على بحر من النفط والغاز، وهكذا تتحول ثروات الشعب العربي الأحوازي إلى أسلحة فتاكة يقتل بها منذ بداية الاحتلال الأجنبي الإيراني عام 1925 وحتى يومنا هذا!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى