بـــأي ديــــن يحكم ملالــــي طهـــــران؟

منذ استلام هذه الزمرة المتلبسة بلبوس الإسلام زمام الحكم في طهران؛ والشعوب الإيرانية والمنطقة كلها تعاني من سلطتهم الجائرة وسياساتهم الرعناء. لقد أظهر هؤلاء المعممون في أكثر من زمان ومكان أن العمامة والألقاب الدينية.. ثقة الإسلام، حجة الإسلام، آية الله.. التي يحملونها لم تحدهم عن ارتكاب أفظع الجرائم، ولم تمنعهم من التحالف مع الشيطان عندما تقتضي مصالحهم، وهذا ما صرح به العديد منهم وعلى رأسهم الخميني ذاته الذي وصف قبوله بوقف إطلاق النار مع العراق بمثابة تجرعه السم والانتحار، بدل أن يشكر الله على حقن دماء المسلمين الذين كانت تـُزهق أرواحهم في تلك الحرب التي أوقد المعممون نيرانها بجثث أبناء الشعوب الإيرانية والشعب العراقي الشقيق. هنا تستحضرني كلمة لأحد السياسيين الإيرانيين قال فيها “عندما كنا نضطهد في عهد الشاه كنا نلتجئ إلى علماء الدين، لكن اليوم أصبحنا نـضطهد من قبل علماء الدين فإلى من نلجأ؟”، فهل حقاً هؤلاء علماء دين؟. يذكر أنه في عهد الشاه ذهب بعض المسؤولين إلى أحد مراجع الدين البارزين آنذاك وهو آية الله المدرس يشكون له سوء تصرفات بعض المعممين وسرقاتهم، فرد عليهم قائلاً: “لا تقولوا معمم يسرق، بل قولوا حرامي يلبس عمامة”، هذا المثل ينطبق اليوم على حكام إيران الذين أصبح الناس يتمنون أن يعود بهم الزمان إلى عهد الشاه ليتخلصوا من سلطة هؤلاء الملالي الجائرين. تصوروا أن حاكماً يدعي أنه رجل دين مسلم، لكنه يحكم بإعدام أناس أو قتلهم تحت التعذيب وذنبهم الوحيد أنهم طالبوا بتطبيق العدالة ورفع الظلم عن بني قومهم، ويعتقل ويلقى في غياهب السجون داعية يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لا لشيء سوى أن هذا الداعية لا يؤمن بنظرية ولاية الفقيه. هذا الحاكم باسم الدين الذي يعدم المناضل ويسجن الداعية نراه يعفو عن الذين يسرقون أموال الشعب، لكنه يتجاهل الاستجابة لدعوة العفو عن المظلومين. على سبيل المثال صدر قبل أيام حكم بالسجن التعزيري لمدة سبعة أشهر مع وقف التنفيذ بحق مدير شركة المياه والصرف الصحي في الأحواز، وذلك بسبب اختلاسه 17 مليار تومان، وجاء العفو عن هذا المختلس لكونه من المقربين للمرشد الأعلى خامنئي!، وقد تزامن ذلك مع اعتقال أكثر من 60 شاباً أحوازياً جرى قتل اثنين منهم تحت التعذيب، وهم الشاب اليافع ناصر البوشوكة البالغ من العمر 19 عاماً، ومحمد الكعبي البالغ من العمر 35 عاماً، وتم دفنهما سراً. هؤلاء الذين تم قتلهم تحت التعذيب ذنبهم الوحيد أنهم خرجوا بمظاهرة سلمية طالبت برفع الظلم عن الشعب الأحوازي، لكن سلطات الملالي في إيران اعتبرت هذه المظاهرة عملاً إرهابياً والمشارك فيها محارب لله ومفسد في الأرض، وهنا نتوجه بالسؤال إلى هذا الحاكم المعمم المدعي بالإسلام كذباً، والذي برر لزبانيته اعتقال وتعذيب وقتل الناس بحجج واهية، كيف وتحت أي مبرر شرعي أو قانوني جرى قتل هؤلاء الأفراد؟ خصوصاً أنه لم يثبت تورطهم في أي عمل مسلح، ولا يوجد قتلى أو مدع خاص في القضية يستوجب إنزال حد القصاص بهم. الأمر الآخر أن تهمة “المحاربة” التي دائماً تطلقها السلطات الإيرانية على المناضلين الأحوازيين، والتي اعتقل هؤلاء الشباب الذين تم قتلهم تحت التعذيب بسببها، لا تنطبق عليهم أيضاً، حيث إن عنوان المحارب لا يكفي لكي يكون مبرراً لقتل المتهم، فحكم المحارب ينطبق على المتهم عندما يثبت أنه استخدم السلاح من أجل إخافة وإرهاب الناس، وبغض النظر عن الجدل الفقهي الموجود بين مراجع الشيعة حول هذا الأمر، فلو افترضنا جدلاً أن التخويف والإرهاب دليل لمعاقبة المتهم بارتكابه بالموت؛ فمن الناحية العملية لم يصدر من هؤلاء الأشخاص مثل هذا الأمر، فكل ما قاموا به المشاركة بمظاهرة احتجاجية سلمية، فمنذ متى كان الإسلام يسمح باعتقال وتعذيب وقتل كل من يعبر عن رأيه أو يطالب بحقه المغتصب؟ ألم يقرأ هؤلاء الملالي القرآن العظيم الذي ينادي بـ (اعدلوا هو أقرب للتقوى)، وألم يقرؤوا قول الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)‘ وألم يقرؤوا رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين الذي يدّعون مشايعته؟. فيا سبحان الله بأي دينٍ يحكم هؤلاء المعممون في إيران؟