آراء ومقالات

اتحاد الخليج العربي درهم وقاية

منذ اصدار بيان تصدير الثورة في ايران سنة 1979 الى العالمين العربي والاسلامي, وما احتواه من نكهات دينية وعرقية متطرفة وحتى يومنا هذا, انقلبت احوال مجتمعاتنا الاسلامية العربية رأسا على عقب, وخصوصا في دول الخليج العربي وازهقت الكثير من الارواح البريئة, وتعددت الولاءات والانسجة الوطنية وتدمرت النظم والقوانين وغرقت هذه المجتمعات بالسلاح والصراعات, وما زالت الحال على هذه النغمة وستستمر اذا لم تجد ندية لذلك.

ولو ان ايران استثمرت عُشر التكاليف المادية والمعنوية التي اتلفتها منذ ذلك الحين لتحقيق اوامر هذا البيان, في تحرير القُدس الشريف كما تزعم, لكانت قد تحررت منذ حين.

ومن الامور التي اصبحت من البديهيات ان الحوار السلمي مع هكذا بيان وهكذا سُلطة متعنتة ومتغطرسة ومتطرفة تحكم ايران حاليا لم ولن يؤدي الى اي نتائج توافقية بعدما كشر النظام الفارسي عن انيابه وعزم امره لاحتلال مجتمعاتنا, فلن تنفع معه مداهنة او مهادنة او اي نوع من التفاهم.

وما يثير الغثيان والاستهجان والسخرية في آن واحد هو ان سُلطة ايران تنصب صواريخها باتجاه دول الخليج العربي والجزيرة العربية, وتهدد مرارا وتكرارا باطلاقها وتدمير هذه الدول, وفوق هذا كله, تكيل بالمزيد من التهديد والوعيد في حال اذا ما قامت هذه الدول باي نشاط لمحاولة الدفاع عن نفسها من هذه المخاطر الكامنة.

يعني كان سُلطة ايران "حاطة بطيخة صيفي في بطنها" وانها على يقين مطلق انه يجب على اهل الخليج العربي والعرب ان يضعوا رؤوسهم في الرمال كالنعامة, وان يخضعوا بالكامل عندما تقوم مليشيات الحرس الثوري و»الباسيج« و»فيلق القدس« و»الشبيحة« وحزب النصر الالهي بسحلهم للذبح كالنعاج! والله حتى النعاج ستقاوم, فما بالكم باهل التوحيد والقرآن المجيد والجهاد الاكيد?

     هذا غيض من فيض مما انتجه بيان تصدير الثورة الفارسية, ولا يزال الحبل على الجرار, لذا يجب الاستعداد واعداد العدة ضد هذا العدوان المظلم الظالم, فقد كانت المجتمعات العربية قائمة عامرة وزاهية قبل هذا البيان الفتنوي بمئات السنين.

كما ويجب الاعتماد على النفس وليس على الغير, فالحماية الخارجية او غيرها متغيرة وتتلون حسب المصالح كما فعلت على سبيل المثال الولايات المتحدة الاميركية عندما سلمت العراق وصدام لنظام السُلطة في ايران, او كما يتخاذل الغرب الان (لغرض حماية اسرائيل) عن حماية الشعب السوري المسلم الحر الشجاع من القتل والارهاب على يد »شبيحة« نظام بشار الاسد وميليشيات سُلطة ايران وحزبها في لبنان.

يقول عز وجل "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" وهذا ما يجب علينا القيام به ليس في الخليج العربي والجزيرة العربية وحسب, بل في العالمين العربي والاسلامي من اجل الحفاظ على وحدة عقيدتنا الاسلامية واصالة قوميتنا العريقة, وسلمية مسارنا الفكري, وامن استقرارنا المعيشي, وصفاء تراثنا التاريخي من اطماع الوصاية الفارسية الجامحة, او اي اخطار اخرى, ولصيانة سيادتنا وكرامتنا وهيبتنا وللاستمرار في البقاء والعيش بسلام وامان, وهذا حق مشروع ودفاع عن النفس.

اول ما نرجوه منكم يا قادتنا الاشراف هو التعجيل في تأسيس "اتحاد الخليج العربي" وما يتفرع منه من نشاطات ومشاريع ونظم وقوانين مشتركة على ان يتم البدء في التعزيزات الدفاعية كاولوية قصوى يأتي على رأسها امتلاك سلاح وانشاء حصون عسكرية دائمة بقوات اتحادية موزعة في الخليج العربي والجزيرة العربية للتدخل السريع بعدما اصبحت الميليشيات المسلحة للسُلطة في ايران على مشارف السعودية والكويت والامارات وقطر وعمان, وفي قلب البحرين واليمن, ومضافا الى ذلك المشروع التحالفي "الخامنئي الفارسي والمالكي العراقي" لبناء قوة ضاربة في المنطقة بنكهة العرقية الفارسية.

وثاني ما نرجوه ونتطلع اليه من الاتحاد هو سحب جميع بعثات دول الخليج العربي الديبلوماسية من ايران ومقاطعتها تجاريا وثقافيا, لان اباطرتها يستخفون بنا, جملة وتفصيلا, وطامعون بالهيمنة علينا من الالِف الى الياء كما يقررون ويشتهون, فاغلقوا ابواب التعامل كما يقول المثل الدارج "الباب اللي يجيك منه ريح سده واستريح" لكي يستشعر هذا النظام الفارسي السلطوي والمجتمع الايراني الكريم مدى رفض وامتعاض مجتمع الخليج العربي والجزيرة العربية لاسلوب حضانة حكم الولي الفقيه له.

وبالتأكيد اننا لن نفنى جوعا او نموت مرضا او نُصدم عاطفيا بقطع علاقتنا بسُلطة ايران الحالية, ولكننا نطلب المعذرة من الشعب الايراني لهذا الاجراء القسري, فمجتمع الخليج العربي والجزيرة العربية يحمل اسمى ايات المشاعر الطيبة وحُسن الجوار لهذا المجتمع المسلم العريق الاصيل.

كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته, فشعوبكم واهاليكم في اعناقكم امانة يا قادتنا النبلاء, والخليج العربي والجزيرة العربية مجتمعنا ووطننا وملاذنا من بعد الله فاحذروا سيل لعاب اطماع السُلطة في ايران للهيمنة ونهب الثروات والاستئثار بالتسلط وكثفوا جهودكم للتصدي لهذه النوايا المبيتة منذ مئات السنين وتيقنوا ان للحرية والسيادة تكاليف وتضحيات ولكن تذكروا في الوقت نفسه ان الكَيِّ هو اخر الدواء رغم ما يصاحبه من الام موقتة زائلة.

لم يتبق من الوقت متسعا للتريث والانتظار بعدما تبلورت بعض نماذج الاحتلال الفارسي في الوطن العربي, كما في العراق ولبنان وسورية واليمن (الى حد ما) حيث تحكم ميليشيات السُلطة الايرانية في هذه الدول العربية بقوة السلاح والفوضى وبفرض الامر الواقع وتعمل كادوات لتنفيذ نزوات هذه السُلطة وشهواتها للهيمنة على الوطن الاسلامي والعربي.

ان "اتحاد دول الخليج العربي" من اقوى الادوات التي ستفرض على السُلطة في ايران (او غيرها) احترام سيادة هذا المجتمع المسلم المسالم العربي العريق, وان تجبرها على اجراء جميع العمليات الحسابية قبل ان تتفوه بحرف عدائي واحد ضد هذا الاتحاد الشامخ.

توكلوا على الله الواحد احد يا جماعة التوحيد وامضوا في طريق النور والعدل والكرامة كما هو عهدكم وامنوا بان الخيبة نصيب كل من اختار طريق الشر والفوضى والفتنة, وان النصر للمسالمين الاخيار ولا تخشون في سبيل الحرية والحق والكرامة لومة لائم او شر حاقد وباشروا بصناعة هذا الاتحاد "كدرهم وقاية" اليوم وليس غدا وتكاتفوا وتعاونوا ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين.

* كاتب كويتي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى