الاتحاد الخليجي

قد لا نعجب للاهتمام البالغ الذي تستأثر به قضية الفكرة السياسية المهمة والتوجه السياسي المعاصر الذي قدمه خادم الحرمين الشريفين نحو نقل مجلس الخليج العربي إلى مشروع (اتحاد) سياسي واقتصادي وفكري، فالاتحاد سوف يخلق حياة جديدة لدول المنطقة وسكانها وهيبتها، وقد أثبتت الدراسات الاقتصادية والعسكرية والسياسية في هذا العصر أن أفضل الصيغ الأساسية لقوة الدول واستقرارها وازدهارها هو (الاتحاد).. وأكدت التجارب الدولية أن الاتحاد هو الخلية الأهم للمكون المهم لعناصر النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري والسكاني، وكان للاتحاد الأهمية القصوى في الفكر السياسي العالمي اليوم، يؤكده أن منطقة الخليج العربي اليوم هي في أمس الحاجة لهذا المكون السياسي والعسكري. ولمعرفة نعمة وأهمية هذا المكون علينا أن نقرأ مكانة وقيمة وأهمية الاتحاد الأوروبي في اتخاذ القرار السياسي والعالمي.
فإذا تم تكوين اتحاد دول الخليج العربي أو الاتحاد الخليجي سيصبح هذا الاتحاد أحد أهم وسائل أو آليات الضغط العالمي تجاه القضايا الخليجية والعربية والإسلامية، وربما العالمية. كما أنه سوف يتحدى القادر على التفكير في زعزعة استقرارنا وتطورنا، لأنه سوف يحد من ضغط التحديات الخارجية والداخلية. فيحسب للخليج ألف حساب.
فلو تراجعت أو تحفظت بعض الدول لتحفظات لديها عن اتخاذ موقف إيجابي لنشأة الاتحاد المقترح الذي طرحه خادم الحرمين الشريفين. فإن ذلك يعني عودة التجاوزات والتهديدات والتحديات للمنطقة وبأشكال جديدة.
المملكة العربية السعودية لا تحاول أن تفرض سيادة القرار على غيرها من الدول الخليجية ولكنها تعمل على تجسيد التقارب والتعاون والتكاتف والتآزر لنقل المنطقة إلى حلقة جديدة من حلقات العصر السياسي والعسكري والاقتصادي الجيد الذي يحبذ التجمعات السياسية المتماسكة.
أتمنى كمواطن سعودي خليجي أن أرى هذا الاتحاد الخليجي قد تشكل وأعلن في قادم الأيام، فما أحوجنا إلى هذا النوع من القوى السياسية التي تضمن لنا بمشيئة الله مستقبلا زاهرا ومستقرا لنا ولأبنائنا والأجيال القادمة، بعيداً كلياً عن التناحر والتصادم والتجزء في القرار والمصير.
والمنطقة محاطة بأعداء حقيقيين يشكون مجموعة أخطار حقيقية علينا وعلى استقرارنا، لا بد أن الفكر السياسي الخليجي أن يتفهم الحاجة إلى هذا الاتحاد.
والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض.