آراء ومقالات

سيدى الرئيس ماذا تحقق لنا زيارتكم لطهران

 

شكلت مصر عبر التاريخ عمقًا إستراتيجيًا
بشريًا، ثقافيًا، سياسيًا وعسكريا، للوطن العربى والعالم الإسلامى.. ولم تفقد مصر
مكانتها فى الأمة رغم ما تعرضت له من مشاكل ونكسات عديدة على الصعيدين الداخلى
والخارجى.. وبقى العالم الإسلامى والعرب “تحديدا” ينظرون لمصر على أنها
“بيضة القبان” فى حل جميع قضاياهم الخارجية، التى مروا بها وعانوا
ومازالوا يعانون منها.

وبعد ثورة 25 يناير المصرية الباسلة’ زاد
التفاؤل فى إمكانية عودة مصر لأخذ مكانتها التاريخية ولعب دورها المرجو منها’
عربيا وإسلاميا’ بعد أن كان هذا الدور قد ضعف كثيرًا نتيجة لأسباب عديدة يعرفها
المصريون أكثر من غيرهم.. واليوم حيث تمر الأمة بأحداث خطيرة للغاية، ومنها الوضع
المأساوى القائم فى سورية تحديدا’ فإن أنظار المنطقة مشدودة لمصر، التى بات يحكمها
نظام نابع من ثورة جماهيرية قل مثيلها’ ويرأسها رجل عربى شجاع خرج من رحم الثورة
ومن صفوف جماعة لديها عقيدة إسلامية ناصعة’ ولديها مشروع وطنى وعربى وإسلامى واضح
المعالم والأهداف.. وهذا ما زاد من تفاؤل الشارع العربى والإسلامى بالدور المصرى
القادم وإمكانية أن تلعب مصر دورا رئيسيا فى تغيير المعادلة السياسية القائمة فى
المنطقة.. وفى ظل هذا التفاؤل يخرج فجأة خبر ينبئ عن احتمالية قيام الرئيس المصرى
المحترم “الدكتور محمد مرسى” بزيارة لإيران لحضور قمة عدم الانحياز التى
سوف تعقد فى 28 من الشهر الجارى فى العاصمة الإيرانية طهران.. طهران التى قطعت
علاقاتها مع مصر قبل ثلاثة عقود احتجاجًا على قرار مصرى سيادى (اتفاقية كامب
ديفيد)’ وقد تبعت طهران قطع علاقاتها بالقاهرة بحملة عدوانية لم تخل من التآمر
والأعمال التخريبية’ سياسيا وإعلاميا وأمنيا.. ولا نريد أن نذّكر هنا بتلك
العمليات الإرهابية وشبكات التجسس وخطف الرهائن وغيرها من العمليات الإجرامية،
التى كانت مدعومة من قبل إيران والتى استهدفت مصر ومؤسساتها وأفرادها’ وأضرت كثيرا
بأمن مصر ومصالحها القومية العليا’على الصعيدين الداخلى والخارجى.

واليوم والأمة بأمس الحاجة لمصر ومواقفها
المرجوة’ لاسيما فيما يخص الثورة السورية، التى يدفع الشعب السورى ثمنا باهظا لطول
أمدها بسبب الدعم الإيرانى المفرط لنظام “بشار الأسد”’ تأتى الأخبار
المتواترة عن نية الرئيس المصرى تلبية دعوة (نظيره) الإيرانى أحمدى نجاد لزيارة
طهران للمشاركة فى قمة دول الانحياز، التى تسعى إيران جاهدة لتحقيق نجاحات’
دبلوماسية وسياسية وإعلامية من وراء هذه القمة.. فمن المؤكد أن أى نجاح يتحقق
لإيران من وراء هذه القمة سوف يصب فى مصلحة الحليف السورى وإحباط الثورة السورية..
وحضور رئيس بحجم رئيس مصر “الدكتور محمد مرسى” فى هذه القمة سيكون فيه
مكسب معنويا وماديا كبيرا للنظام الإيرانى’ وبالمقابل أيضًا فيه إحباط معنوى
لمشاعر أبناء الثورة السورية خاصة، وللشارع العربى والإسلامى عامة.. كما أن الشارع
الإيرانى ذاته الذى تفاعل مع الثورة المصرية وأيدها’ سيوف يصاب هو الآخر بالإحباط
من الثورة والنظام المصرى الجديد إذا ما رأى الرئيس المصرى’ القادم من رحم الثورة
الشعبية المصرية’يزور طهران ملبيا دعوة رئيس ديكتاتورى مجرم قمع انتفاضة شعبه عام 2009 بالنار والحديد لأن الشعب الإيرانى كان ومازال
يريد إنهاء ظلم واستبداد هذا النظام الجائر’ شأنه فى ذلك شأن الشعب المصرى، الذى
انتفض وثار على حكم نظام ورئيس جائر.

سيدى الرئيس إننا لا نقول بإبقاء العلاقات
الإيرانية – المصرية مقطوعة إلى مالا نهاية’ فهذا من غير المعقول سياسيا وتاريخيا’
ولكن نقول إن لمصر كرامة ومحبة ومكانة فى الشارع العربى والإسلامى’ وزيارة الرئيس
المصرى لإيران قبل إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين القاهرة وطهران (والتى
يجب أن يسبقها اعتذار إيرانى لمصر لأن إيران كانت هى البادية فى قطع العلاقات مع
مصر)’ فان هذه الزيارة قد تفسر على أنها مس بكبرياء مصر ومكانتها.. والشعب المصرى
الذى صنع هذه الثورة العظمى وانتخبكم كأفضل شخص يرأسه ويمثل مصر عربيا وإسلاميا
ودوليا’ وكذلك أيضا الشعوب العربية والإسلامية، التى تعاطفت مع الثورة المصرية بكل
مشاعرها وفرحت فرحًا شديدًا بنجاحكم فى الانتخابات’ يستحقون جميعا على أقل تقدير
أن تراعى مشاعرهم. وأنتم الأولى والأجدر على فعل ذلك يا سيادة الرئيس.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى