مصر والخطر الإيراني
تطورات الفترة القليلة الماضية التي صاحبت زيارة الرئيس المصري محمد
مرسي الى طهران، ثم الخطاب الذي القاه في قمة عدم الانحياز، اعادت الى دائرة
النقاش في مصر وخارجها، قضية العلاقات المصرية الايرانية ومشاكلها ومستقبلها.
ولسنا هنا في صدد مناقشة
قضية العلاقات المصرية الايرانية بشكل عام من وجهة نظرنا، لكن نثيرها من زاوية
محددة، مطروحة بالفعل بالحاح في مصر منذ فترة ليست بالقليلة.
نعني على وجه التحديد
قضية التحركات الايرانية على الساحة المصرية وما تمثله من خطر على مصر. هذه التحركات
ومحاولات الاختراق الايرانية للساحة المصرية مدخلها الاساسي محاولات ايران لنشر
التشيع في مصر.
هذه القضية مثارة على
الساحة المصرية منذ فترة، ونستطيع القول ان الموقف المصري الوطني العام منها واضح
ومحدد.
الموقف المصري العام من
مخططات ايران ومحاولاتها نشر التشيع في مصر، هو الرفض القاطع لهذا المخطط،
والتحذير من اخطاره، والدعوة الى التصدي له ووضع حد له.
والازهر الشريف لديه موقف
واضح معلن وحاسم في هذا الشأن سبق ان نوهنا عنه.
وسواء بالنسبة للأزهر
الشريف، او بالنسبة للأجهزة السياسية والامنية المصرية، او بالنسبة للغالبية
الساحقة من المثقفين الوطنيين ورجال الدين في مصر، فان هذا الرفض القاطع لمحاولة
ايران نشر التشيع، ليس له علاقة بحرية العقيدة او أي اعتبار ديني يتعلق بالمذهب
الشيعي في حد ذاته.
هذا الرفض يتعلق بامرين
اساسيين في المقام الاول:
1 – ما عبر عنه الامام
الاكبر شيخ الأزهر اكثر من مرة من الرفض القاطع من حيث المبدا لأي محاولات لنشر
التشيع في بلد سني سواء في مصر او في أي بلد سني آخر.
وكما اكد الامام الاكبر
مرارا فان الامرهنا يتعلق بان نشر التشيع في مصر السنية يهدد بخطر اشعال فتنة
طائفية وتهديد للسلام الاجتماعي. وهذلا امر لا يمكن القبول به في أي حال.
2 – الخطر السياسي
والأمني الذي تنطوي عليه محاولات ايران لنشر التشيع في مصر.
هناك قناعة راسخة في مصر
بان ايران بمحاولاتها نشر التشيع عن طريق الاموال واي اغراءات اخرى لمصريين بسطاء،
انما تريد لهذا ان يكون مدخلا لتكوين مجموعات من العملاء التابعين لها والذين
ينفذون اجندتها السياسية ويدافعون عنها. وبداهة، مثل محاولات الاختراق السياسي هذه
تمثل خطرا سياسا وامنيا لا تقبل به أي دولة في العالم.
والقضية هنا في مصر لا
تتعلق بمجرد تحذير نظري من خطر ايراني مفترض بمحاولة خلق عملاء واختراق الساحة
السياسية والاجتماعية المصرية. القضية تتعلق بحقائق ووقائع فعلية تؤكد وجود هذا
الخطر، وتبرر هذا الموقف.
لقد سبق مثلا، واعدت
وزارة الاوقاف المصرية في اكتوبر من العام الماضي، تقريرا سريا وقدمته الى الجهات
المسئولة في مصر، رصدت فيه محاولات ايران نشرالتشيع، وشرحت فيه ما يمثله ذلك من
خطر. واوضحت الوزارة في تقريرها ان ايران لها من وراء هذه المحاولات اهداف سياسية
خطيرة وليست اسباب دينية. وحذرت الوزارة من ان مخطط ايران يهدد بفتن طائفية في
مصر.
ومعروف انه سبق واتهمت
الاجهزة الامنية في مصر القائم بالاعمال الايراني في مصر بالقيام بعمليات تجسس،
وبالسعي لتجنيد ناشطين واعضاء احزاب وصحفيين بدفع اموال لهم. ولسنا نعرف كيف تمت
تسوية هذه القضية في ذلك الوقت بالضبط.
وغير هذا، لا شك ان
الاجهزة السياسية والامنية المصرية لديها معلومات تفصيلية عن ” مفكرين”
وكتاب وصحفيين وناشطين مرتبطين بايران واجندتها السياسية، وهؤلاء هم الذين يدافعون
بالذات عن نشر التشيع في مصر، ويتعمدون التقليل من خطره.
اذن، هناك خطر ايراني
فعلي يتهدد مصر.
ولسنا هنا بصدد مناقشة
الاهداف الاستراتيجية الايرانية من وراء محاولة اختراق الساحة المصرية على هذا
النحو.
الحقيقة اننا اثرنا هذه
القضية الآن لسبب محدد.
لقد تابعت مواقف بعض من
يطلقون على انفسهم “رموز” الشيعة في مصر في الفترة القليلة الماضية.
ووجدت في هذه المواقف امرا خطيرا يستحق التنبيه اليه.
وهذا ما سنعرضه في المقال
القادم باذن الله.