تاجر الشنطة،، خاص لبعض الناس
عرف الإنسان عملية البيع
والشراء عند بدايات تشكل المجتمعات البشرية لسد النقص أو لتلبية الحاجات الإنسانية
الضرورية. لم يكن النقد موجودا فكانت عمليات البيع والشراء تتم من خلال المقايضة
فأعطيك بيضا وتعطيني تمرا وهكذا.
ومع تقدم البشرية تم
إيجاد النقد ليكون هو الثمن المقابل لأية سلعة تباع وتشرى. ومع تدرج الإنسان في
سلم الحضارة تعددت أنواع السلع القابلة للبيع من مواد غذائية إلى مواد ضرورية
تساعد الإنسان في حياته، وأخيرا إلى مواد خدمية مثل الإتصالات.
أما أن يصل الأمر بالإنسان
إلى درجة حمل وطنه في شنطة ويدور به فيما وراء بلاد الواق واق عارضا إياه كبضاعة
مزجاة فهذا هو اللامعقول بعينه، إلا أنها وللأسف هذه هي الحقيقة المرة التي يعيشها
هذا الوطن الذي أثخنته جراحات وحقد عدوه المحتل وطمع وجهل ابن أرضه الذي شراه بثمن
بخس دولارات معدودة وكان به من الزاهدين.
كانوا في بدايات الطريق
عندما تلبسوا لبوس الثورة والوطنية لبوس المدافع عن أرض الوطن وحريته، إلا أنهم
وبعد أن تمرسوا بالعمل السياسي وانتشروا في أصقاع الأرض غرتهم حياة الترف التي
يعيشها الغربي، وزهدوا بالمبادئ والأخلاق التي تربوا عليها، فأخذوا يغازلون هذا
الغربي للحصول على مجرد جواز سفر بلده ليستعرضوا به كما الطواويس أمام أبناء
جلدتهم، الذين أضناهم الإحتلال والفقر، متناسين أنهم من هذه الأرض جبلوا وأنهم
مهما حاولوا أن يتنكروا لأصلهم ولماضيهم فإن شمس الحقيقة تلفح ضمائرهم، لذا فإنهم
يعيشون حالة من الذل والانكسار.
لقد أصبحت أرض الأحواز في
نظرهم مجرد أرقام في أرصدتهم البنكية، وتحولت دماء شهداء الأحواز الذين ضحوا
بالغالي والنفيس تحولت هذه الدماء الزكية إلى مسابح عائلية لهم ولأبنائهم داخل
قصورهم الفارهة، وتحولت ثروات الأحواز إلى موائد لئام بأرض اللئام في بلاد ما وراء
الكرامة.
نعم لقد حصلوا على جوازات
سفر دول أوربية والامريكية وصاروا يلوون ألسنتهم ويلحنون بالقول حتى يمتازوا على
أبناء جلدتهم معتبرينهم ليس فقط من العالم الثالث بل ومن العالم العاشر أيضا، وهم
فقط أبناء التسعة، وأبناء العرق النقي. ليت هذا ما قاموا به فقط ليتهم حملوا
حقائبهم وانصرفوا وخلوا بيننا وبين عدونا، بل أخذوا يثبطون الناس حتى عن مجرد ذكر
قضيتهم، وأن التضحية في سبيل هذه القضية هو تهور ورعونة، والاستشهاد في سبيل الوطن
هو رمي للنفس بالتهلكة
نعم إنه عطاء من لا يملك إلى
من لا يستحق، فمن نصبكم يا تجار الشنطة لتكونوا أولياء دم وطن ذبيح حتى تتاجروا
بدمه؟ وأي ولي خبيث ذاك الذي أفتى بحل حمل الوطن في حقيبة ؟
هل نظرتم إلى الأوطان
وشعوبها من حولكم ؟ وليس الشعب السوري منكم ببعيد لا في الجغرافية ولا في
التاريخ.لقد بذل النفس والمال والولد، تشرد في بلاد الأغيار، تعرض عرضه لما تعرض
له من انتهاك، هدم بيته أو سرق أو حرق، ومع ذلك فانه لم يتخلى عن ارضه، انه على
استعداد بأن يكون بألف روح وأن يقتل آلاف المرات من أجل وطنه وكرامته، أما أنت يا
تاجر الشنطة فانت على استعداد لبيع ما تحمل في حقيبتك بأرخص الاسعار، مجرد حفنة
دولارات وجواز سفر.
وعلى أي حال احمل أيها
التاجر في حقيبتك ما تشاء وبع لمن تشاء وبالثمن الذي تشاء، فإنك لا تبيع إلا
كرامتك وعزتك وسيلفظك الوطن والتاريخ كالزبد الذي يذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس
فيركد على أرض الوطن، وان شئت فكن كأبي رغال.
وأبو رغال هذا لكل من لا
يعرفه هو ذاك الرجل الذي نصب نفسه دليلا لأبرهة الحبشي يقوده في الطريق إلى مكة
لهدم الكعبة فيها، فقد نال جزاء عمله هذا من الهوان عند العرب قاطبة ما نال في
دنياه، ومن رجمه ورجم قبره بعد موته حتى أصبح هذا الرجم من شعائر الحج قبل
الاسلام.
فاضل الاحوازي،،،نموت
ويحيى الوطن