آراء ومقالات

مسلسل الخليفة عمر بن الخطاب … عودة الوعي مجدداً عند العرب الاحوازيين 4/4

مسلسل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ـ رضي
الله عنه ـ
عودة الوعي مجدداً عند
العرب الاحوازيين 4/
4

ولكن مهلاً، لنتوقف قليلاً مع هذا الكاتب المنصف،
إرتباطاً بذات الموضوع ذات الشأن هنا، فقد أثبت هذا الكاتب الدكتور ناصر بوربيرار،
اِثباتاً دقيقاً على أن تاريخ الفرس قد كتبه وصاغه لهم ((اليهود))، والمستشرقين
منهم، وكتابه المعروف، المسمى (12 قرن سكوت) أي (اثنا عشر قرناً من السكوت) أثبت
فيه بأنه لا يوجد شيء اسمه (امبراطورية فارسية) بالمعنى الحضاري العمراني
الإنساني، ولم يستفد أي من جيران هذه الامبراطورية ـ أو حتى داخلها ـ لم يستفيدوا
منها استفادة حضارية او دينية او كتابية من الفرس، ووضع الدكتور بوربيرار تعريفا دقيقا
لهم، نشاهد دقتها في الأمس القريب واليوم منذ نشوء الكيان الايراني على انقاض
احتلال بلاد فارس لاراض شعوب لاينتمون لها باي صلة، وتحديداً منذ العام 1925م، كما
نرى تعاملهم الوحشي المبني على تلك السيكولوجية المتوحشة الحاقدة ضد الأخر من خلال
تعامل نظام خميني وخامنئي وغيرهم من دجالي الكيان الايراني، بأن امبراطوريتهم كانت
مجرد امبراطورية (عسكرية) ونشأت للتخريب والتدمير والإحتلال منذ العهود السحيقة، ـ
ويضيف الكاتب بوربيرار ـ وأن كل معالم الآثار التي تتواجد في أراضيهم وتنسب للفرس
كانت كلها شواخص وأوابد، أبرز ما فيها السيف والرمح والدرع، وهي الأدوات الأساسية
لتخريب الحضارات المجاورة لها في عيلام الأحوازية وحضارات بلاد ما بين النهرين،
فمجرد وجود اللغة الآرامية على تلك الآثار الفارسية كلغة واحدة كتب فيها الفرس
الأوائل ألا وهي اللغة (الآرامية)، وهي اللغة السامية التي لم يكن للفرس الا ان
يقلدوا ويتأثروا ويبغبغوا (نسبة للببغاء التي تقلد ما تسمعه) لما وجدوه مبنياً
ثابتاً راسخاً من قبل الحضاريين قبلهم، في حضارة عيلام الأحوازية، وحضارة سومر
وبابل وكلدان العراقية التي كانت هذه اللغة لغتهم الحضارية كإحدى افرازات تلك
الحضارات الانسانية .

حتى أن كاتباً ايرانياً (آذرياً) معروفاً، ومدرساً
في جامعة اكسفورد البريطانية قبل سنتين قد وجه اسئلة لمفكرين ايرانيين في تحدٍ
فكري ومعرفي واضح على أن يأتوه باسم (شاعر أو كاتب أو كتاب) قبل الاسلام كي
يبرهنوا أو يدللوا على كونهم كانوا متفوقين في الإبداع، وبالتالي قد برهن لهم
بأنهم كانوا عبارة عن همج وعسكريين فقط، ومخربين لكل ما كان يبنيه جوارهم، ولم
يتمكن أحد منهم أن يأتي بإسم شاعر واحد او اسم كتاب واحد او كاتب واحد قبل الحضارة
العربية الإسلامية، وحتى أيام الحضارات السامية الكبيرة التي نشأت وولدت قبل آلاف
السنين قد وجدت آثارهم التاريخية في الوثائق المكتشفة في العصور اللاحقة، ولكن اين
هي آثار الحضارة الفارسية العمرانية ولغتها ؟؟… ونحن نشد على يد هذا الدكتور
والكاتب الآذري وعبره نوجه السؤال ذاته للفرس أن يأتونا بذكر اسم كاتب واحد او اسم
كتاب واحد قبل نشوء الإسلام وظهوره، إن كانوا صادقين !!.

وقد قارن هذا الدكتور الآذري، وفق ذات النتائج غير
المباشرة التي يستطيع القاريء الحصيف ان يستنبطها من كتب الدكتور الفيلسوف ناصر
بوربيرار، على أن مقارنة اللغة العربية، وهي لغة عربية مقدسة حفظها القرآن الكريم،
مع اللغة الفارسية اليوم، سيصل إلى نتيجة محددة تقول: بأن اللغة الفارسية ماتزال
لغاية هذا اليوم تعتمد أكثر من 65% من تكوينها على الحروف العربية، وأن اللغة
الفارسية، تعتبر من بين اللهجات العربية وترتيبها بين تلك اللهجات العربية هي
المرتبة (35)، مثل اللهجة الأحوازية واللهجة العراقية واللهجة الكويتية واللهجة
التونسية، وهلم جرّى …

كما أكد على أن العقلية الفارسية القديمة تتفق مع
العقلية الفارسية اليوم وفق الثقافة القديمة في سايكلوجيتها وعنصريتها ونزعتها
الإستعلائية والحاقدة ضد الآخر، عموماً، والعربي خصوصاً، التي حاول التأثير عليها
الإسلام ايجابياً، ولكن بعض الفئات الفارسية الكثيرة للأسف الشديد بقيت تحتفظ بهذا
الإرث الحاقد منذ تلك السنوات، وتماشت مع القرون التالية، وذلك بالتوازي مع النهوض
العربي وإنتشار الإسلام، كحركة شاعرهم فردوسي العنصرية ما بعد دخول الإسلام الى
بلاد فارس، وسميت حركته تلك بالحركة الشعوبية، واتضحت معالمها بوضوح في العهد
العباسي، ثم تطورت وبرزت بوحشية في العهد الصفوي لتنتقم من العرب والمسلمين، وما
يجري اليوم يدل ويرتبط بالأسس التوضيحية والإستنتاجية التي وضعها هذا الكاتب
الأكاديمي المنصف، ونستطيع القول بكل جرأة: “بأن في الماضي كانت هنالك
امبراطورية فارسية (عسكرية) واليوم هنالك قوى ايرانية فارسية (انتقامية) ويتفق
الماضي والحاضر في الحقد والضغينة والكره والاستنتاج، وهذه هي الحصيلة الطبيعية
للعقلية الفارسية العنصرية، المضللة والمزوّرة التي نراها اليوم وهي تتوسع ببطشها وكذبها
وجرائمها في ((أمة العرب)) خصوصاً.

وعوداً على أصل الموضوع، فلا
شك ان القائد الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ كان الشرط
الذاتي لمجمل العملية التطورية التي شهدها التاريخ العربي أنذاك، فهو خلاصة الشروط
التي كانت تعتمل في ظرفها الموضوعي الذي كانت خلاصته: حلف الفضول ومعركة ذي قار
والتطلعات العربية نحو التوحد، والصيرورة التي عبر عنها ميلاد الرسالة الحضارية
العربية الاسلامية التي افتتحها النبي الكريم محمد بن عبدالله ـ صلى الله عليه
وسلم ـ، وكانت الخلافة الراشدية هي التعبير المكثف عن ما وصلت اليه الرسالة
الخالدة التي بشرت عبر القرآن الكريم بفتح بلاد الروم والفرس، والتي شكلت حافزاً
فكرياً تجرأ الخليفة الراشدي الثاني عمر ابن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ على فتحهما،
وترجمته عملياً هذا من ناحية، اي لقد شكل الخليفة عمر والمؤمنين بالرسالة الاسلامية
الحقة الشرط الذاتي لمجموع العملية التطورية التي شهدتها الارض العربية كوطن
وكمنطلق للوعي العربي في سنوات الهجرة الاولى.

ولم يكن من المصادفات
التاريخية ان تلعب الارض العربية “كلها” الدور الجغرافي المكمل للعنصر
التاريخي الذي أبرز صيرورة ((الامة العربية)) المظهر الرئيسي في عموم تطورات
المنطقة كلها، والتي رأى فيها الخليفة عمر المخاطر الكامنة على الامة والدين
الجديد عبر تمنياته بأن يجعل الله الحدود العربية الفارسية هي المكان الذي تنتهي
امتداد الارض العربية، ورغم الطابع الحربي الذي يجتث الاعداء من الجذور، الا ان
الرسالة الانسانية اِكتفت بصيرورة الفرس “مسلمين”، وهو ما جعل الفرس
متداخلين مع العرب على شرط ايمانهم بالاسلام ورفضهم لصيرورة ((جبل النار)) حداً
فاصلاً بين العرب والفرس، وهو ما يرسخ المفهوم القومي العربي بالضد من شعارات
التفريس والغرور الكسروي الذي جند مئات الالوف من المقاتلين الفرس رداً على النهوض
العربي الذي لم تتجاوز بنيته الفاعلة 30 ألفا من المقاتلين .

وهنا يكمن التداخل
الحضاري الجميل التي بنيت على أسس موضوعية ومرحلية بين العروبة والاسلام، وهما
مفهومان متلازمان متعلقان بصيرورة “الامة العربية” واقعا عالميا قائما،
اذ أن معجزة الاسلام هي القرآن، والقرآن له من العربية الشأن الكبير، ولعل الرسول
محمد بن عبدالله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يعني أن العربي هو من تكلم اللغة
العربية، ومضمونه الاخلاقي والقيمي هو المنظمومة الاخلاقية الاسلامية التي فيها
حثَّ على البر والكرم والوفاء والاخلاص للأرض والدين والعرض وكل القيم الانسانية
الايجابية، وهذه المنظومة الفكرية حاول العديد من الغزاة تحطيمها، ولكن مرتكزي هذه
المنظومة، أي العروبة والاسلام، صمدتا في وجه عاديات الزمن، وتكررت عملية نهوضهما
بوجه الغزاة ومخططاتهم ماضيا وحاضراً .

ولعل ما شاع في بدايات
القرن العشرين من تكريس للهجات المحلية على يد المبشرين والغزاة هو كان يستهدف ضرب
الروحية الاسلامية بالذات، وكذلك هي الشعوبية التي حاولت الإنتقاص من العروبة في
سبيل مصادرة الاسلام لصالح هذا العرق أو ذاك، عبر التخفي برداء أحد المذاهب، في
حين أنهم طائفيون صفويون متعصبون والمعنى الذي ينطوي عليهما واضح .

لقد انتصر الحق العربي
الإسلامي الذي ولائه الخالص لله رب العباد، على الذين كفروا بقدرة الخالق وارتضوا
بديلا عن ذلك بعبادة الملوك والنار والأحقاد والغرور .

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى