الأحواز بين ظلم النظام وكثافة الغبار
يعتبر إقليم الأحواز جزءاً من المناطق التي احتلها الفرس لضمها إلى دولتهم المسماة بإيران، وذلك بعد تلقيهم الضوء الأخضر من بعض القوى العالمية بعد تقديم تنازلات عظيمة من قبل الفرس لهم من أجل احتلال مناطق عربية وكردية وبلوشية وغيرها، ولتثبيت هذه الصورة، عمد قادة الفرس إلى وضع اسم يجمع هذه المناطق لفظياً كبداية لمحو هويتها الأصلية، فتم إطلاق اسم إيران على هذه الدولة الجديدة التي احتلت مناطق وشعوب لا علاقة لها بها، ولا ترتبط معها بأي صلة ثقافية أو تاريخية أو مذهبية.
وبعد سيطرة الفرس على هذا الإقليم العربي، وضعوا البرامج الهادفة لضرب هوية وثقافة ساكنيه، ومحو عروبتهم، فبدأت بخطوات شيطانية تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية بخلط الأعراق وإدخال اللغة الفارسية وإجبار العوام عليها، وعندما اصطدم الفرس بقوة إرادة هذه الشعوب العربية، وفشلوا بداية في مخططاتهم الفارسية الرامية إلى إخضاع هذه الشعوب، ساروا في طريق أخرى عبدت بالظلم والقهر والاضطهاد كوسيلة للانتقام والإضعاف لبسط السيطرة وتحقيق المراد، فبدأ النظام في طهران بضرب التعليم والمؤسسات التربوية والتنموية في هذا الإقليم، وجعل اللغة الفارسية اللغة الرسمية له مع إجبار السكان على التعلم والتعليم بها، لدرجة أن من لا يتقن الفارسية يمنع من أي وظيفة حكومية هناك، ولا يتم التصديق على أي معاملة كتبت بغير الفارسية، أما السلطات الأمنية فقد ذهبت أبعد من ذلك بكثير في خططها الرامية إلى إلهاء الشعب الأحوازي بالمعاناة والمشاكل بأنواعها، فتعمدت نشر المخدرات والجرائم بين الشباب لاستئصال المستقبل الواعد في هذه المنطقة، ووسّعت نطاق قمعها للحريات بالاعتقالات والمحاكمات الصورية والتفنن في وسائل التعذيب، كما أرادت الحكومة تعمد الفشل في إدارتها لهذه المناطق صحياً وتعليمياً واجتماعياً وحتى بيئياً.
لذا غابت الرعاية والخدمات الاجتماعية في هذه المناطق بقصد هادف وسوء إدارة، واكتفت السلطات بحلب خيرها ثم إهمالها، تاركة أيضا الكوارث الطبيعية تعبث فيها دون أي اهتمام أو اكتراث، فاجتمع ظلم النظام وسوء الأحوال وتردي الأوضاع على شعوب هذه المنطقة، مما زاد من معاناتها.
ونشاهد في هذه الأوقات من كل عام كثافة الغبار والأتربة المتطايرة في هواء مدن هذا الإقليم، حتى تصل إلى درجة لا يمكن تصورها أو التعايش معها، وهو ما تبتغيه السلطات الإيرانية التي لم تحرك ساكناً إزاء مثل هذه المشاكل، وتوضيحاً لتردي الأحوال في الأحواز أوردت صحيفة "اعتماد" تقريراً يتحدث عن صعوبة الحياة في إقليم الأحواز بسبب كثافة الغبار والأتربة في أجواء هذا الإقليم، وقالت فيه: إنه لا يوجد شيء يتجول في شوارع وحارات مدن وقرى الأحواز غير الغبار والأتربة، وحياة الأحوازيين لا تغدو أن تكون أكثر من الموت البطيء، وأضافت أن مؤشر تلوث الهواء في الأحواز قد وصل إلى 8110 وفي معشور إلى 10 آلاف ميكروغرام لكل متر مكعب، وهو ما أدى إلى تعطيل كافة الدوائر والمدارس في مدن هذا الإقليم.
وبناء على ما أوردته صحيفة "رسالت" فإنه تم نقل 234 شخصاً في الأحواز إلى المستشفيات بسبب الأضرار التي أصابتهم من ارتفاع كثافة الغبار والأتربة في الهواء، وقد دخل بعضهم قسم العناية المركزة، والآخرون مازالوا يتلقون العلاجات اللازمة، وكان في وقت سابق حسب ما أفاد موقع "سحام نيوز" قد خرج المواطنون في إقليم الأحواز في مظاهرات احتجاجاً على زيادة معدلات تلوث الهواء في إقليمهم، وطالبوا المسؤولين بوضع الخطط وتقديم الحلول لهذه المشكلة التي تتفاقم يوماً بعد يوم دون قيام السلطات الإيرانية بأدنى مسؤولياتها، متعللة بأن أغلب مناطق إيران تعاني من ارتفاع في معدلات الغبار والتلوث في الهواء.
ورغم التهديدات المباشرة التي أطلقها محافظ الأحواز، ووضع تدابير أمنية مشددة، إلا أن الاحتجاجات الشعبية في هذا الإقليم العربي، بسبب ارتفاع نسبة التلوث والغبار في الهواء، وجفاف هور العظيم، مازالت مستمرة، وقد عبر المتظاهرون عن غضبهم إزاء صمت السلطات الإيرانية عن مشاكلهم وعدم تقديم الحلول اللازمة، بشعارات عديدة أطلقوها أمام مبنى بلدية الأحواز مثل "الأحواز ليست مستقرة، كارون لا ماء فيه" و"اخرج يا محافظ".
مركز المزماة للدراسات والبحوث
تنويه: تم اختيار التسمية الصحيحة "معشور" بدل الاسم المزور "ماهشهر", كذلك تم اختيار التسمية الصحيحة لوطننا الأحواز بدلا من الاسم المزور ( ال ا ه و ا ز) التي جائت في التقرير.