آراء ومقالات

عمليات المقاومة الوطنية: قراءة أولية

تصاعدت عمليات المقاومة الوطنية الأحوازية في الأيام الأخيرة بشكل ملحوظ وفي مناطق مختلفة من جغرافيا الأحواز مما تعد مؤشرا واضحا على تطور العمل المقاوم والمناهض لوجود الاحتلال الفارسي واتساع رقعته في ذات الوقت. وجاءت هذه العمليات بعد أيام قليلة من قمع المحتجين الأحوازيين في ملعب الغدير، عقب انتهاء مباراة كرة القدم جمعت بين فريقي فولاذ الأحوازي والهلال السعودي. ذلك اليوم الذي تعرض فيه المحتجون الأحوازيون إلى القتل والاعتقال لأنهم  رحبوا بفريق عربي وارتدوا الزي العربي. فهذه الممارسات العنصرية ولدت حالة احتقان وسط الشارع الأحوازي وأدت إلى تعالي الأصوات الشعبية المنادية بالرد على هذا الفعل البربري.

لم يمر يومان على هذه الحادثة حتى جاءت البشائر من مدينة الحميدية، حيث هاجمت المقاومة الوطنية الأحوازية مقرا للحرس الثوري وأسفر الهجوم عن مصرع 3ضباط وجرح 5 أخرين، ثم توالت بعدها العمليات وإمتدت إلى مدن أخرى مثل الأحواز العاصمة، الخلفية، الخفاجية والحويزة، وانتهاء بالحميدية حيث العملية النوعية التي استهدفت حاجزا للشرطة و أدت إلى مقتل 4 جنود وجرح واحد في يوم 2-4-2015.

إن سير عمليات المقاومة الوطنية الأحوازية وتصاعدها في الفترة الأخيرة يكشف لنا نقاط هامة يمكن تلخيصها كالتالي:

1 – أظهرت العمليات جهوزية المجموعات المسلحة التابعة للمقاومة الوطنية من حيث الإقدام والمبادرة، إذ يتطلب مهاجمة المراكز والمقرات العسكرية إلى تخطيط دقيق وقوي يتلافى الخسائر للجهة المهاجمة ويلحق أكبر ضرر بالعدو، وهذا ما حدث في هذه العمليات ومن أبرزها عملية الحميدية الأخيرة.

2 – تطور أساليب المقاومة والاعتماد على عنصر المفاجأة والمباغتة في ضرب العدو كان واضحاً حيث بينت الكمائن التي نصبتها المجموعات المسلحة في السوس والأحواز هذا الأمر بشكل جلي. ويتطلب هذا العنصر من الجهة المهاجمة السرعة في الإقدام والمبادرة عند الهجوم والمرونة عند الانسحاب من مسرح العمليات، ويمكن لمس هذا الأمر في عمليات المقاومة الوطنية.

3 – اختيار التوقيت المناسب يعتبر من العناصر الهامة في نجاح أي عمل عسكري، وهذا ما عمدت عليه المقاومة عندما استثمرت حالة الاحتقان الشعبي بعد قمع المتظاهرين في ملعب الغدير يوم 17 مارس/آذار واغتنمت الأضواء الإعلامية التي سلطتها القنوات والصحف والمواقع العربية على القضية الأحوازية خلال الأيام الماضية.

4 – اتساع رقعة العمليات من الناحية الجغرافية يعد من أبرز نجاحات عمليات المقاومة الوطنية في هذه الفترة حيث شملت عدة أقضية منها الأحواز والخفاجية والحويزة والخلفية والسوس والحميدية والبستين. مما يظهر قدرة المناورة عند المجموعات المسلحة ونقل الصراع إلى أي نقطة جغرافية تبتغيها. ولعل دخول مناطق الخفاجية والحويزة والبستين إلى خط المقاومة المسلحة يعد من أهم الإنجازات التي حققتها المقاومة الوطنية على هذا الصعيد.

5 – كشفت عمليات المقاومة حالة الإرباك والخوف التي تعيشها قوات الاحتلال، إذ أن العمليات المتكررة في منطقة جغرافية معينة وخلال أيام متتالية بالرغم من حالة الاستنفار الأمني والعسكري تكشف هذا الأمر، وهذا ما حدث في عمليات الخفاجية عندما استهدفت المقاومة الوطنية أربعة مقرات عسكرية خلال ثمانية أيام.

6 – دائما ما يقال إن ثلثي نجاح أي عمل مقاوم يعتمد على توظيفه إعلاميا وهذا ما تمكنت تحقيقه المقاومة الوطنية الأحوازية بشكل قوي وواضح، إذ واكب موقع ” أحوازنا” صوت المقاومة الوطنية الأحوازية والثورة، سير العمليات بشكل دقيق وقام بنشر الأخبار حولها بأسرع وقت ممكن حتى أصبح موقع “أحوازنا” من أهم المصادر للقنوات والصحف والمواقع العربية.

من هنا على المقاومة الوطنية أن تأخذ في الحسبان، ردة فعل العدو عندما يمتص صدمة العمليات في الأيام المقبلة وتتهيأ لها وذلك ممكن إذا عملت على استثمار التجارب والخبرات السابقة وهي ليست قليلة. كما يتوجب على الأحوازيين بمختلف مشاربهم الفكرية والتنظيمية توفير الدعم اللازم –معنويا وإعلاميا-للمقاومة الوطنية لأنها تقاوم وتقاتل من أجل تحرير الأحواز أولاً وأخيراً، فضلا عن أن المقاومة المسلحة هي ضمن المفاهيم الوطنية التي يسعى الأحوازيين إلى تكريسها وترسيخها في وجدان الإنسان الأحوازي.

محمد حطاب شنان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى