عاصفة الحزم وكشف المستور
أتت عاصفة الحزم حازمة بأسلوبها وأهدافها، ففاجئت الصديق قبل العدو وأربكت الدولة الفارسية وعملاءها. أثناء هذه العاصفة العتيدة وبعدها بان الطيب من الخبيث وكشف المدسوسون وفضحت نواياهم الخبيثة. كما لم يرق لخلايا الدولة الفارسية الدعم الخليجي الواضح للقضية الأحوازية ولم يعجبها مساندة الفريق ضاحي خلفان للشعب العربي الأحوازي وحقوقه المشروعة- وكما يقال العرق دساس- فهاجم المدعو عبدالغفار حسين الشعب الأحوازي واستهدفه ليس فقط كرها بالأحوازيين والعروبة والشعب الخليجي بل حبا بالدولة الفارسية واعلانا بالولاء لها. فنعت هذا الجندي الساساني أبناء الأحواز بـأبناء خوزستان، واعتبرهم أقلية في الأحواز، وزعم أن الجيل الجديد من الأحوازيين ثقافتهم ولغتهم أصبحت فارسية أي ممسوخي الهوية. كما أنه زور التاريخ الأحوازي وصادره لمصلحة الأعداء عندما قال إن الأحواز كانت تسيطر عليها العشائر الخانية والايلخانية (اللور). وردد نفس مقولات الفرس واعتبر أهواز (التسمية الفارسية)، تسمية صحيحة بدلا عن الأحواز.
لم نتمكن أن نميز بين خطابه وبين خطاب من يجلس في حوزة قم أو من يتبوء المراكز القيادية في طهران. فكلهم ينهلون من مصدر واحد ألا و هو ينبوع الحقد والكراهية والبغضاء ضد أي شيء يرتبط بالعرب. ورغم أن حجة الإسلام عبدالغفار حسين! قد تحدث عن “عقد” القومية والعرقية ونقدها ولكن حديثه كان مليئا بالمصطلحات والعبارات العنصرية، مما يكشف تناقضه وازدواجيته وحنينه لأصله الساساني.
ومرة أخرى أراد ضرب عصفورين بحجر واحد، حينما اعتبر الشعب الأحوازي أقلية في الأحواز واعتبرهم تعرضوا لعدوان من قبل صدام حسين! قاصدا تقزيم الوجود العربي في الأحواز وتضليل العالم بأن الأحواز أرض غير عربية وفيها شركاء، وفي ذات الوقت سعى لإستهداف الحكم الوطني العراقي السابق وقدم الحقائق التاريخية بالمقلوب أي أن العراق من اعتدى على الدولة الفارسية وليس العكس وكأنما مشروع تصدير الثورة وطريق القدس عبر كربلاء التي تفتك بأمتنا اليوم هي من اختراعات صدام حسين وليس خميني!
واستمر تدجيله عندما حاول طمس جرائم الفرس في الأحواز وبررها واعتبر الشعب الأحوازي يتمتع بكامل حقوقه وذلك عبر استخدام العميل علي شمخاني دليلا عن تمتع الأحوازيين بحقوقهم، ولكنه يتجاهل عمالة شمخاني ودوره في اضطهاد الأحوازيين وتعذيبهم وقتلهم.
كما يبدو أنه يسير على خطى دشتى وزمرته في البحرين والكويت، إذ بعد تمكنهم- ووصلولهم لمناصب لم يحلموا بها حتى وإن عاشوا تحت ولاية الولي الفقيه- باتوا يجهرون بعدائهم للمجتمعات الخليجية وشعوبها، وباتوا يعلنون عن تأييدهم لسياسات الدولة الفارسية ومشاريعها في المنطقة العربية. فلا فرق بين علي شمخاني وعبدالحميد دشتي وعلي سلمان كلهم غدد سرطانية أبتليت بهم المجتمعات العربية.
ووجه الملا غفار حسين! رسالة تهديد مبطنة للشعبين الإماراتي والبحريني عندما اعتبرهما صغيرا الحجم متناسيا عمقهما الاستراتيجي المتمثل بالمملكة العربية السعودية ومتجاهلا وحدة مصير الخليجيين ووحدة أهدافهم. ودافع دفاعا مستميتا عن الدولة الفارسية واعتبر حدودها الجغرافية مقدسة لا نزاع حولها مطلقا. وليته دافع عن الإمارات وجزرها المحتلة من الدولة الفارسية. تطرق لكل شاردة وواردة حول شؤون منطقة الخليج العربي واعتبر نفسه أبا للمواطنين لكنه تجاهل قضية جزر طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى وحق الإمارات والخليجيين باستعادتها. وتعامى عن التغيير الديمغرافي الذي تمارسه الدولة الفارسية في هذه الجزر. من المفترض أن يدافع عن الإمارات وسيادتها لأنه متجنس بجنسيتها، ولكن قد يكون احتلال الجزر يعبر عن رغباته الدفينة فلا داعي أن نتأمل الخير من مصدر الشر.
كل ممارساته وسلوكياته تنم عن حد أعلى من الشعور الوطني ولكن أي وطنية هذه؟ هذه الوطنية الفارسية التي تسري في عروقه وتستحوذ على عقله ومخيلته، فيبذل جل جهدله من أجل الدفاع عنها رغم إرتداءه العقال العربي! لم يستحسن الموقف الخليجي الأخير شعوبا وقيادات ورموزا، من الأحواز ومن اليمن فأراد أن يدين هذا الموقف العظيم ولكنه لم يستطع مباشرة، فأدانه بطريقة ملتوية رخيصة مفضوحة عبر استهداف الأحوازيين. هكذا النفاق والتقية التي يمارسها الفرس ومن يحمل جيناتهم أو يهواهم ويتغذى من حقدهم. كل هذه الممارسات تعتبر مؤشرات عن التمدد الفارسي في دول الخليج العربي وتغلغل عناصرها في داخل مجتمعاتنا، فهل يتعامل معها أصحاب القرار بحزم وعلى غرار عاصفة الحزم أم يستسهلونها ويتجاهلونها حتى تصبح الحال مثل البحرين ولبنان وتصبح الجزيرة العربية مرتعا للغربان السوداء؟