تقارير

جائحة السيول واحتفالات ذكرى الثورة الخمينية

مشاهدُ لا يمكنُ أن تُنسى، أحوازيونَ ينزحونَ من بيوتهم وقراهم، بعد فتحِ سلطاتِ الاحتلالِ الإيرانية، لسدودِ نهري الدز والكرخة، وإغراقٌ متعمدٌ لأكثرَ من أربعينَ قريةٍ ومدينةٍ أحوازية، دونَ سابقِ إنذارٍ للأهالي، مما فاقمَ الكارثةَ وزادَ من حجمِ الخسارةِ في الممتلكات.

يقولُ مسنٌ أحوازيٌ في السوس: في موسم زراعة الشلب/ الأرز، يمنعونَ عن الأحوازيين مياهَ أنهارِهم، وبعدَ زراعةِ الحنطةِ يُغرقونَ الحقول.

هذه الحقيقةُ التي تِردُ عل لسانِ مسنٍّ بسيط، تحملُ بُعداً مهماً في النظرِ إلى طبيعةِ إجراءاتِ المحتلِ الفارسي، المتعلقةِ بإدارة شؤونِ الأحوازِ المحتلة، فليسَ في جعبةِ المحتلِ أيَّ خيرٍ يمكنُ للأحوازيينَ انتظارهُ ممن ينهبونَ خيراتِ الأحواز، ويتركونَهُ دونَ أدنى تحمّلٍ لأي مسؤولية، فالحاكمُ العسكري، إذ يحضرُ لمشاهدةِ جائحةِ السيول، يشبهُ في وقفتِهِ إطلالةَ نيرون على حريقِ روما.

الأهالي في القرى والمدنِ التي غمرتها مياهُ السيول، راحوا يناشدونَ شعبَهم الأحوازي، بمدِ يدِ العونِ بالمساندةِ والمساعدة، فهم لا يرتجونَ ممن أعطى قرارَ فتحِ السدودِ، وأغرقهم بسيولٍ لا نهايةَ لها، يعرفُ تماماً أن قرارَهُ هذا، سيجردُ عشراتِ الآلافِ من العائلاتِ من آخر ما يمتلكونَهُ من ممتلكاتٍ شخصيةٍ، وسيتلفُ زروعَهم، ويدفعُ بهم إلى مصيرٍ مجهولٍ، في ظلِ احتلالٍ يعيشُ أزماتهِ المتلاحقةَ، خلال أربعةِ عقودٍ، ويعكسُ هذه الأزماتِ على حياةِ الأحوازيينَ، وغيرِهم ممن شاءت المقاديرُ أن يعيشوا تحتَ حكمِه، حيثُ التراجعُ المستمرُ في كلّ شيء، وحدَهُ الغلاءُ يتقدمُ بخطى واثقةٍ في ظلِ حكمٍ فاسدٍ، اتخذت من الشعاراتِ زادَها وزوادَها.

ورغمِ ما يَحلُّ بالأحوازيينَ من ويلاتِ السيولِ، ونكباتها عليهم، فإن زبانيةَ النظامِ الإيراني، وعملاءَهُ، لا ينسونَ أن يتقدموا بدعوةِ الأهالي للاحتفالِ بذكرى الثورة الخمينية المشؤومة، فما أجدرَ أهلِ الشعيبية والرفيع وغيرها من القرى والمدن النكوبة بالسيل، ما أجدرَهم بالمشاركةِ والاحتفالِ بنعمياتِ الثورةِ الخمينية، وليتركوا ثيابَهم المبللةَ، وأطفالَهم الحفاةَ العراةَ في عزِّ الشتاءِ، ويتوجهوا إلى مراكزِ احتفالاتِ ذكرى الثورةِ الخمينيةِ، فهي أولى بالنصرةِ، والاهتمام!!!..

لو أنَّ إبليسَ أعوزتهُ الحيلةُ يوماً، فعليهِ بالتوجهِ لدهاقنةِ نظامِ الملالي، علّهُ يتعلمُ منهم الدروسَ في الشيطنةِ والمكر، وربما يحتاجُ الاستزادةَ من الخبثِ والدهاءِ، فلا بأسَ عليهِ، من التوجهِ إلى بطانةِ المرشدِ، ومقابلةِ رأسِ الدهاءِ والمكرِ، فالحيلةُ التي يتبعُها تلاميذُهُ النجباءُ في الأحوازِ المحتلةِ، لا تخطرُ على بالِ بشرٍ بأية حال، أن تحرمَ الأحوازيينَ من الماءِ عندَ حاجتهم لها، فيصلُ بهم الحالُ، حدَّ القيامِ بانتفاضةِ العطشِ، ثم تنتظرُ زراعةَ مواسمِ الحنطة، فتفتحَ السدودَ لتغرقَ بيوتَهم وأراضيهم، بالمياهِ التي تحمل الطمي والخراب، حيثما استقرَّ بها الحال.

على أنَّ دهاءَ ومكرَ إبليسَ لم يمنعا طردَهُ من جنةِ الرحمن، فالدوائرُ تدورُ وتدورُ على رأسِ الباغي، أما جموعُ النازحينَ من بيوتِهم ودورِهم ومزارِعهم، فلن تتمكن الشعاراتُ من إيوائهم، ومدِّ يدِ العونِ لهم، وستنكشفُ صورةُ النظامِ الحقيقة، فبعد حوالي أسبوعٍ كاملٍ من غرقِ المدنِ والقرى الأحوازية، لم يجد النازحونَ مأوى لهم إلا بيوتُ أبناءِ شعبهم الأحوازي، وفتحُ بابِ التبرعِ للمنكوبينَ ضمن الحملة الوطنية لإغاثة النازحينَ، جميعُها مبادراتٌ شعبيةٌ أحوازيةٌ، فيما تتفرجُ سلطاتُ الاحتلالِ الإيرانية على الجموعِ الراحلةِ، بنوعٍ من متابعتِهِ لحدثِ تسونامي بعيدٍ عنه، ولا تعنيهِ الكارثةُ التي أوقعها بالأحوازيين بفتحهِ السدودَ ليُغرقَ أراضيهم وبيوتهم بالسيول.

ما يجدرُ ذكرُهُ أن آلافاً مؤلفةً من العائلاتِ ما تزالُ عالقةً لا تتمكنُ من الخروجِ من البيوتِ المغمورةِ بالطمي والوحل، وحالاتُ الكسورِ والرضوضِ للأطفالِ والمسنينَ نتيجةَ الانزلاقِ لا يمكنُ حصرُها، ويقولُ أحد الناجينَ من الشعيبية: سمعتُ طفلةً تصرخُ وتبكي ألماً، كانت بعيدةً في الجهةِ المقابلةِ وكانت تفصلُني عنها مياه تغمرنا حتى منطقة الصدر، والطفلةُ يحملُها أبوها، فسألتهُ ما بها، هل هي خائفة؟..قال: لقد انكسرت رجلها، تزحلقت ونحن نحاولُ الخروج.

حوادثُ وتفاصيلُ ما يجري قليلة، لأن قلةً من الشبانِ من يتفطنونَ لتصويرِ ما يجري، لنقلِ الصورةِ الحقيقيةِ للكارثة.

وبعد كلِّ ما سبق نقول: عارٌ على كلِّ أحوازي أن لا يعينَ أهله..عارٌ عليه أن يذهبَ لاحتفالاتِ نظامٍ اتخذت قرارَ فتحِ السدودِ بلا رحمة..عارٌ وأيُّ عار.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى