تقارير

#أحوازنا _مشروع إفراغ الأحواز من أهلها الأصليين

دأب النظامُ الإيراني على دحرجةِ مشاريعهِ الهادفةِ إلى تفريغِ الأحواز المحتلةِ من أهلها العرب، وإحلالِ مستوطنينَ من الفرسِ واللر مكانهم، مستغلاً بذلك كلَّ الوسائلِ المتاحةِ، وفي المكرِ والخديعةِ في العرفِ الفارسي، فكلُّ الوسائلِ متاحة.

فمع فتحِ سلطاتِ الاحتلال الإيراني لسدود نهري الكرخةِ والدز، تدفقت جموعٌ أحوازية، من العائلاتِ النازحةِ إلى عراء المكان، وهذا مشهدٌ يُثلجُ صدرَ الحاقدينَ الذين اتخذوا قرارَ فتحِ السدودِ وإغراقِ الأهالي، بينما يتمُّ حرمانُ الأهالي من تأمينِ مياهِ الشربِ، وريِّ مزروعاتهم في بقيةِ أوقاتِ السنة.

كلُّ هذا يأتي في إطار خطةٍ ممنهجةٍ لتفريغِ الأحوازِ من العربِ، وجعلِ الفرسِ واللر هم الغالبيةَ العظمى فيه، وقد كشفت وثيقة أبطحي الشهيرة عام 2005 جانباً مما يخططُ له المحتلُ الإيراني، لشعبِ الأحوازِ العربي، والذي سكنَ الأرضَ، وعَمَرَ الدورَ، منذُ آلافِ السنين.

سابقاً على فضحِ وانكشافِ وثيقةِ أبطحي، كانت خطواتُ التهجيرِ ماثلةً للعيان، حينَ تحولت الأحوازُ ساحةَ حربٍ، يستعرضُ فيها الإيرانيون قوتَهم، في حربهم ضد العراقِ وأهلهِ، وبذريعةِ منعِ تقدمِ العراقيين، جرى تلغيمُ الأرضِ الأحوازية، وعلى مساحاتٍ تتجاوزِ نقاطَ التماس، وفي خطواته هذه، تهدمت بيوتُ الأحوازيون، وتحت وعودِ الاحتلالِ الإيراني بإعادةِ إعمارِ ما خرّبتهُ الحرب، توجَّه أحوازيون نحو مناطقَ أخرى في الأحوازِ وخارجه، في نزوحٍ كثيفٍ، وعلى مراحلَ مختلفة، خلالَ حربِ عقدِ الثمانينياتِ من القرنِ العشرين.

أعلى نسبِ النزوحِ كانت نحو الشمالِ الفارسي، وأكثفُ التجمعاتِ تلكَ التي توسطت مدينةَ خراسان، في بيوتٍ ارتجلها الأحوازيون المهاجرونَ من المناطقِ القريبةِ من خطوطِ النارِ في الأحواز.

ولم تكد هذه الحربُ تضعُ أوزارها، حتى جاءت ذريعةُ فكِّ الألغام، لتمنعَ الأهالي من العودةِ إلى بيوتهم، وكان هذا ضمنَ نفس المخططِ التهجيري، والذي كشفتهُ لاحقاً وثيقةُ أبطحي.

أضيفت إلى عواملِ التهجيرِ المُتعمَّدة، عملياتُ تجفيفِ الأهوارِ، ومحاولةِ الإيحاءِ للأهالي بأن المكانَ باتَ خطراً عليهم، وهكذا اشتدت حركةُ النزوحِ الأحوازي من جديد، وهذه المرة ، كانَ النزوحُ نحو أطرافِ المدنِ الأحوازية، لتزدحمَ هذه الأطراف، بسكنٍ عشوائي، يحملُ معهُ، غربةَ الأحوازي في وطنه، فأهل الأهوارِ لهم نمطهم الخاصُّ في الحياةِ والعيش، وبعد أن كانوا يعتمدونَ على الصيدِ وتربية الماشيةِ، وبعض الزراعاتِ، أصبحوا يبحثونَ عن عملٍ لا يجدونَ إليهِ سبيلا، إلا من كانت له حرفةٌ تُعينُهُ على دفعِ أجرةِ البيتِ الجديد.

على أنّ كشفَ مخططِ تهجيرِ الأحوازيين، لا يجدُ إشاراتِهِ فحسب في كلِّ ما سبقَ ذكرُه، فإجراءاتُ الاحتلالِ الإيراني، لسلبِ الأحوازيينَ أراضيهم، استنفذت كلَّ السبل، فمساحةُ الأرضِ التي كانت تسمى بالأرضِ الأميريةِ، والتي كانت غير َمسجلةٍ باسم السكانِ ممن عمروها من العربِ البدو، هي مساحةٌ كبيرةٌ، عمدَ الفرسُ إلى سلبها، خلال ما عُرفَ بقانونِ الإصلاحِ الزراعي، في أربعينياتِ القرنِ العشرين، وهكذا أصبحَ للأرضِ التي يعيشُ عليها سكانٌ عربٌ ، تحولوا من البداوةِ إلى الحضرِ، أصبحَ لها مُلّاكاً من الفرسِ الذين لم تطأ أرجلهم الأحوازُ من قبل، ليأتي هؤلاء زمن حكم الملالي، فيطالبونَ سكان الأرضَ التي قُسّمت حصصاً بينهم، بإخلاءِ هذهِ الأرض، أو المطالبةِ بشراءِ أهلها لها من جديد.

لكن تجلياتِ خطواتِ التهجيرِ، تظهرُ في إهمالِ كافةِ مستلزماتِ العيشِ في الأحواز، إهمالِ الصحةِ والتعليمِ، وإهمال الطرقِ التي تتسببُ بحوادثِ سيرٍ هي الأعلى في عمومِ ما يُسمى جغرافيا إيران السياسية، كلُّ ما سبقَ يعتبرُ مؤشراتٍ واضحةٍ على دفعِ الأحوازيينَ دفعاً نحو الهجرةِ والنزوحِ من أرضهم وبيوتِهم، تمهيداً للاستيلاءِ عليها كاملةً ، بعدَ استيلائهم على نفطِها ومياهِ أنهارها.

وبرغمِ كلِّ هذه المخططاتِ الراميةِ لإفراغِ الأحوازِ من أهلها، إلا أن أهلها يقاومونَ بكلِ الوسائلِ، وهم مستمرونَ في تمسكهم بأرضهم، رغم كل الصعوباتِ ، وكلُّ جيلٍ أحوازي، يتشبثُ بالأحواز ويزدادُ إيماناً بعروبتها، وفجرها الآتي.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى