التحليل الاسبوعى

قمة وارسو

تكرار لحلول سابقة أم تبني لرؤية جديدة

 

في خضم الأحداث المتسارعة التي تحاصر نظام الملالي في طهران، والتي تنذر بسقوط مدوٍ له، بعد أن على وتجبر وعاث في الأرض مفسداً، نجد مَنْ يستصعب أمر سقوطه، ويراهن على بقائه بتفسيرات متباينة، ليس أفضلها الرهان – حسب قناعاتهم – على قوته العسكرية… المعلن منها والمستتر، التقليدي منها أو الحديث… أو بالرهان على مكانته الإقليمية وعلاقاته الدولية التي تقسم العالم إلى حلفين، تجعل للدولة الفارسية مكانة في قطبٍ من أقطابها. ليتسع المجال للتكهنات التي غالباً ما تكون أمنيات اعتقادية تجنح إلى الخيال والخرافة.
ونجد في المقابل من يراهن على هذه الأحداث ويبشر بحدوث تحولات سياسية جذرية تسدل الستار على عصر الملالي ومحو آثاره الكارثية على المنطقة بأسرها. وهم في ذلك صنفان: صنفٌ يؤكد على التحول القادم ولكنه لا يعوِّل كثيراًعلى نتائجه في إنصاف الشعوب غير الفارسية، بل يتبنى فكرة أن البديل جاهز ومدخر منذ زمن وفق مخططات تُبقي وتُعمق هيمنة أطراف دولية على الإقليم بأسره. تماماً كما كان الحال عندما تم تبديل نظام الشاه بنظام الملالي. إنطلاقاً من فكرة أن إيران نقطة هامة من نقاط الإرتكاز التي تساعد على بسط الهيمنة والتحكم في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي لا مجال للتفريط فيها بالإلتفات والإصغاء إلى مظالم الشعوب ودعاوى الحقوق والعدالة والإنصاف… ما لم تضمن هذه الدعاوى قدرة على تحقيق المصالح لتلك القوى الإقليمية والدولية.

بينما يرى الصنف الثاني الذي يتفق مع الأول في حدوث التحول، أن النتائج ليست خاضعة لآلية ثابتة ومحكمة نتوقعها أو نسقطها لتفسير المقدمات التي تؤدي إلى التغيير. بل أن المصالح الدولية نفسها تجدد دائماً في وسائلها وأساليبها.. وأن التجارب في نظر هذا الصنف لا تكرر إذا كان المرجو هي نتائج مختلفة تتناسب مع واقع غير ثابت ومصالح متجددة بتجدد الزمن. فعليه فإن الإعتماد على الأغلبية العرقية ذات الهيمنة الثقافية والسياسية تاريخياً، في تصريف الحكم وتسييره، لم يعد محبذاً، لإفرازاته السلبية التي تهدد المصالح بحدوث ثورات، تكون مبررات حدوثها أكثر وأقوى من عوامل الإستقرار. فعليه فإن القراءة الصحيحة لواقع الكيان الإيراني، يفرض على أصحاب الشأن وأصحاب المصالح، إعادة التقييم لتاريخ هذا الكيان وإمكانية إستمراره مستقبلاً على نفس الصيغة القديمة والمرفوضة من الغالبية العظمى من المكونات التي تنضوي ضمن هذا الكيان.
إنطلاقاً من هذه القناعة، لوحظ في السنوات الأخيرة تحركات، من قبل بعض التنظيمات التابعة للشعوب غير الفارسية، تسعى لإثبات نفسها على الساحة الدولية والإقليمية، وتسوق لرؤيتها التي تحفظ حقوق شعوبها كما تضمن الأمن والاستقرار الإقليمي… والأهم في الأمر أن هذه التنظيمات القومية تتحرك بتنسيقٍ فيما بينها ضمن اطار عمل مشترك قائم على تقوية المشتركات التي تجمعها، والأهداف التي تضمن حقوق شعوبها.

هذا الإطار التنسيقي الذي التأم بتنسيقٍ كانت ضابط ايقاعه حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، والذي تجلى ذلك في مؤتمر الحركة في بروكسل في مطلع 2018. ومنذ ذلك الحين وهذا التنسيق، يقتحم مواقع جديدة، ويحقق تقدماً في مساعيه، مكنه من طرح البديل المغاير للنظرة السابقة، إلى درجة أنه يمكننا القول بكل ثقة: بأن الإطار التنسيقي وإن ولد متأخراً إلا أنه ولد عملاقاً بطرحه، وأنه أصبح رقم يصعب تجاوزه، لإحداث أي تغيير يمس المستقبل السياسي للشعوب غير الفارسية.

في هذه الأيام وتحديداً في يومي 13-2019/02/14 سيعقد لقاء القمة الذي دعت له الولايات المتحدة الأمريكية للنظر في قضايا الشرق الأوسط وتشكيل حلفٍ لمواجهة الإرهاب الإيراني. سبقت هذا اللقاء إجراءات صارمة من قبل الولايات المتحدة، ودول الإتحاد الأوروبي، تجرم نظام الملالي على دعمه للإرهاب وقيام أذرعه الإرهابية بتنفيذ جرائم الإغتيالات في مدن الإتحاد الأوروبي. الأمر الذي أوجب فرض عقوبات بصيغٍ مختلفة من قبل بعض الدول الأوروبية، فضلاً عن حزمة العقوبات التي أعلنت عنها الولايات المتحدة الأمريكية، لرفع مستوى الضغط على الدولة الفارسية.

سوف تعقد حركة النضال العربي وشركائها من قوى الشعوب غير الفارسية، في اليوم الذي يسبق لقاء وارسو أي في اليوم 12-02- 2019 موتمراً، دُعيت إليه معظم القوى السياسية والمدنية الممثلة للمتضررين من الإرهاب الإيراني، للتداول فيما بينهم و لرفع مذكرة تتضمن مطالبهم إلى قمة وارسو.

وعليه فإن خلاصة القول، تتلخص في إن الجميع، قبيل لقاء قمة وارسو على قناعة بأن التغيير قادم، وأن التجارب السابقة، والصيغ المجربة لن تتكرر، وأن القدرة لمخاطبة المجتمع الدولي متاحة أكثر من أي وقت مضى، وأن نضال الشعوب غير الفارسية يفرض نفسه لتبني حقها في تقرير مصيرها…

 

حركة النضال العربي لتحرير الأحواز

11-02-2019

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى