التحليل الاسبوعى

سجال حول نتائج مؤتمر وارسو ومخرجاته قبل وأثناء وبعد انعقاده

 

يوم الخميس الماضي اختتمت أعمال مؤتمر وارسو الذي دعت إليه الولايات المتحدة الأمريكية، واختتمت معه السجالات الإعلامية، بين مؤيدي النظام في طهران ومعارضي عقد المؤتمر من ناحية، ومن ناحية أخرى مؤيدي عقد المؤتمر لوضع حدٍ للنشاط الإرهابي الذي يُتهم النظام الإيراني بإدارته على نطاق واسع. لتتحول هذه السجالات بعد المؤتمر من طور التكهنات، إلى مرحلة تحليل نتائج المؤتمر وقراءة القادم على ضوء مخرجات المؤتمر.. تختلط فيها المواقف بين من يشيد بنتائج المؤتمر ويعتبرها  نقلة نوعية لتصعيد المواجهة وتضيق الخناق على نظام الملالي، وبين من يقلل من نتائج المؤتمر، ويرى أنها مجرد توصيات تفتقر إلى آليات واقعية لتنفيذها… ومواقف أخرى متأرجحة تقترب أو تبتعد من هذا الموقف أو ذاك..

ولكن الأهم في الأمر كله، هو وقع نتائج هذا المؤتمر على الطرف المعني بالدرجة الأولى، وهو النظام الإيراني، الذي لم يخفي تخوفه من المؤتمر لمجرد الدعوة لانعقاده بهذا الزخم الدولي، والذي يعني انعقاده فيما يعنيه، أنه شبه اتفاق  دولي على تصنيفه بأنه نظام يعتبر المهدد الأول للأمن والسلام حول العالم، ليس برعايته للمنظمات الإرهابية، فحسب، بل بمنهجه الفكري، و بسلوكه وجرائمه المثبتة… الأمر الذي سوف يؤدي إلى تضافر الجهود الدولية لعزله، وتشديد العقوبات المفروضة عليه. وهذا ما ذهب إليه نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس، عندما أكد بأن المشاركين في المؤتمر أجمعوا على اعتبار النظام الإيراني الداعم الأول للإرهاب العالمي.

النظام في طهران كان يتمنى، أن تصدر عن المؤتمر قرارات تتبنى  المواجهة المباشرة لإسقاطه، لأن في ذلك ما يدعو إلى التعاطف معه، من بقية الدول التي تنأى بنفسها وتتخذ الحياد من الموقف برمته، بالإضافة إلى تلك التي تحالفه أو تتعاطف معه. ولكن توَصُلْ المؤتمر إلى مخرجات تساعد على تضيق الخناق على الإقتصاد الإيراني المنهك أصلاً، بالتنسيق الملزم بين أعضاء حلف وارسو، خيبت أمانيه وأبطلت استفزازاته قبل المؤتمر، التي بدت وكأنها إستدراج المؤتمرين، لإتخاذ قرارات الحسم العسكري. ولكن ما صدر عن المؤتمر هو إعلان صريح عن نهاية حلم لم يكتمل، عن نهايته كمنظومة وجدت لتتمدد حاملةً أحلامه وأطماعه. نهاية لا تثير ضجيجاً، سوى صرخات الإستغاثة التي ستصدر منه.

 

فنحن في هذه السانحة لن نتحدث عن السيناريو المتوقع لسير الأحداث على ضوء مخرجات مؤتمر وارسو، حتى لا نقع في التكهنات التي تفسر بأنها محض أماني. ولكن يقيناً فإن المتوقع من حلف وارسو الجديد أن يستثمر في مواجهته لهذا النظام، جميع العوامل والظروف المتاحة لإنجاح أهدافه، وذلك بأن لا يكون الأمر مقتصراً على عضوية الحلف فقط، بل عليه أن يأخذ في الاعتبار جميع المتضررين من هذا النظام، الذين لا يملكون الصفة الرسمية التي تمكنهم في التمثيل في مثل هكذا تحالف، وهم الشعوب غير الفارسية، أكثر المتضررين من نظام الملالي في طهران، بالرغم من أن هذه الشعوب كان لها الدور الحاسم في إسقاط نظام الشاه، والتمهيد لقدومه كبديل توسمت فيه خيراً. فهي أي (الشعوب غير الفارسية في إطار الدولة الفارسية)لا تستجدي المواقف أو إبداء التعاطف معها، بل تري المعركة معركتها لأنها صاحبة المصلحة في زوال هذا النظام الطائفي الذي مارس ضدها الإضطهاد الديني، والفصل العنصري، وحاربها في مصادر رزقها، واستهدف هويتها العرقية والثقافية، ونهب ثرواتها…

من المؤكد أن الرهان على الشعوب غير الفارسية في الداخل عبر منظماتها السياسية بالتنظيم والتوجيه، أقوى وأسرع في تحقيق النتائح، لأن الدوافع الذاتية لهذه الشعوب مهيئة، لا سيما وأنها تشكل أكثر من 70% من السكان. وهي تناضل منذ عقود لتحقيق العدالة التي تضع حداً لمعاناتها وتوفر لها الحياة الكريمة، وهي تطمح أن تتاح لها فرصة تمليكها حقها في تقرير مصيرها، فهو حقٌ عادل تكفله القوانين الدولية. ليكون مدخلاً عادلاً لمعالجة جميع قضايا منطقة الشرق الأوسط.

إجمالاً فإن نتائج المؤتمر، تندرج ضمن الطموح المتوقع لمؤيدي انعقاده. لأنها اتسمت باعتماد الممكن تنفيذه، بما يتوافق مع الواقع الدولي والإقليمي، فمن كان يروج بأكثر مما كان، ربما صدق عليه الحكم بأنه يأتى ضمن دعاية النظام لرفع السقف المتوقع من المؤتمر إلى الحد الذي تكون فيه الخيارات دون الحسم العسكري هي خيارات مخيبة للآمال، وبالتالي يسهل إعتماد حكمهم على المؤتمر بأنه فاشل. نترك الحكم لقادم الأيام.. فيقيني بأننا سنكون ضمن الحل كقوة فاعلة لتحقيق نتائج المؤتمر. ولسنا خارجه لنقيم ونصدر الأحكام من بعد وكأن الأمر لايعنينا.

 

حركة النضال العربي لتحرير الأحواز

16-02-2019

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى