التحليل الاسبوعى

الماجدة الأحوازية جوهرة…دونها السيوف والرماح….

يحتفل العالم فى المعمورة قاطبةً، عام بعد عام، مع حلول اليوم الثامن من شهر آذار مارس، بيوم المرأة العالمى تخليداً للنضالات التاريخية التي خاضتها المرأة من اجل الانعتاق والتحرر من التقاليد الاقطاعية البالية والاستغلال الطبقي والتمييز الاجتماعي وانتهاكات حقوق الإنسان في المجتمعات الرأسمالية. بهذه المناسبة التي أوجدتها، نضالات المجتمعات الانسانية إلى إرساء دعائم الحق والعدالة والقضاء على مظاهر الظلم والاستقلال الإنساني، تشارك المرأة الأحوازية جميع النساء فى العالم في إحياء هذا اليوم، لما يمثله من أهداف سامية متفق عليها.
من الأهمية بمكان الاشارة لمعاناة تكبدته ولا زالت المرأة الأحوازية في ظل الإحتلال الفارسي لبلادها، ونضالاتها فى الحاضر وتطلعاتها فى المستقبل. فقد عانت المرأة الأحوازية لاعتبارات عدة، استُهدفت عرقياً في انتمائها العربي، استهدفت ثقافياً بمحاربة لغتها وعاداتها في اللبس والتواصل، استهدفت في قيمتها كامرأة عربية العفة جمالها، والطُّهرُ حجابها، وتاج العزَّة وقارها… المرأة أساس تقوم عليه أركان المجتمع المعافى.
وهكذا فى ظل الاحتلال الفارسي كان من الطبيعي أن يُفرض على المجتمع الأحوازي فوق أرضه، حالة من الصراع الوجودي الذي جرد المحتل له كل إمكانات الدولة. عازماً على إزالة كل ما من شأنه أن يحول دون بقائه في الأحواز…معتمداً شعار (تجفيف البحر من الأحياء) أي أحواز بلا أحوازيين .. إما طوعاً بالتَفْريس، أو قهراً بالإبادة… لم يدخر الفرس جهداً لإنجاح مشروعهم القومي على حساب الشعب العربي الأحوازي. إلاَّ أن أحلامهم ومشاريعهم ذهبت أدراج الرياح بعد أكثر من تسعة عقود من الكر والفر، تعددت فيه الجبهات وتنوعت فيه أساليب المعتدي في الهجوم، وإبداعات الشعب في الصمود والمقاومة… ولم تكن جبهة المرأة الأحوازية أقل شأناً من جبهات المقاومة الأخرى، حيث أبلت بدورها بلاءً حسناً في مقارعة العدو. فانتزعت مكانة يفخر بها كل أحوازي. فالمرأة باعتبارها هدفاً إستراتيجياً، يسهل بضربه، هدم قيم أي مجتمع قائم وتفكيك بنيته… أو هذا ما يريده العدو… لذلك كانت الأولوية في خضم نضال الشعب العربي الأحوازي، تأمين هذه الجبهة .. بفهمها وتحصينها وصيانتها…
أوضح الشاعر حافظ إبراهيم أهمية دور الأم للمجتمع في هذا البيت البليغ حين قال وأوجز: الأم مدرسة إذا أعددتها ، أعددت شعباً طيب الأعراق
ومن غير المنطق فهم دور المرأة الأحوازية دون الأخذ في الإعتبار حزمة القمع المصوبة عليها اجتماعيا وثقافيا، وقوميا… تحاصر حركتها ، تحجب أفقها، تكبح ردود فعلها حيال هذا القمع. فهي تنتمي لشعب كله فريسة لأسوأ أنواع الاحتلالات في التاريخ البشري.
فالمجتمع الأحوازي بحكم طبيعته القبلية من المتوقع فيه ضيق المساحة المتاحة لحركة المرأة ، ومحدودية دورها وانحصاره في الإنجاب وتربية الأطفال ، وإدارة شؤون المنزل. وهذه الأدوار الهامة التي لا غنى عنها للمجتمعات الصحية، إلاَّ أنه لم يكن من الصواب إهمال هذه المهام دون رعاية، حتى لا تكون كابحاً لحركة المرأة ومقيداً لدورها… فانطلاقاً من هذه النظرة الإستراتيجية، كانت هذه المهام إستثنائية بالنسبة للمرأة الأحوازية بحكم واقع الإحتلال البغيض الذي تعددت ميادين انتهاكاته على مدى تسعة عقود. فأصبح للمرأة الأحوازية نصيباً كبير في حفاظ الأجيال الأحوازية على هويتهم الثقافية و كيانهم العربي… الوضع الخاص لشَعبها وبلدها تحت الإحتلال وضعها على المحك ، فكانت أهل لذلك. فبرز دورها الوطني في أحلك الظروف وأصعبها ، ليس بالاكتفاء بالحركة داخل المساحة المسموحة لها إجتماعيا بل بجهودها لكسر القيود بجميع أشكالها .. ليَتناغم دورها في نضال الشعب العربي الأحوازي وهو ينفض عن كاهله عبء الاحتلال.. فكانت أم تهدي الوطن أجيالا يتناوبون في حمل الرسالة، وكانت ألأخت والزوجة والإبنة التي الهبت في أبطال الأحواز العزَّة والذود عن الشرف، كانت المقاتلة الجسورة في أداء مهامها…
ولعل الحديث عن نضال المرأة الأحوازية حديث ” ذو شجون ” لتشعُبه وثرائه.. فمن الطبيعي أن يقودنا الحديث عنها، إلى تقليب صفحات العزة والفخر عن الأسيرات البطلات اللواتي ضحين بحريتهنَّ أعواماً خلف أسوار السجون محرومات من أطفالهنَّ في أعمار الرعاية الأولى… وتفادياً منا من نسيان إسم من تلكم البطلات، نكتفي بذكر أشهرهن وعميدتهن البطلة التي قضت خلف القضبان أكثر من ١٣ عاماً صامدة صابرة محتسبة…الأسيرة فهيمة البدوي زوجة البطل الشهيد علي المطوري قائد كتائب محي الدين آل ناصر الجناح العسكري لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز. وأم ابنته التي ولدتها وهي أسيرة في أقبية المعتقلات الفارسية. المربية الفاضلة فهيمة بدوي هي قدوة بما سطرته من إيثارٍ وتضحية… لها و لرفيقاتها العزة والفخار… و لشهداء الأحواز المجد والخلود…
ماجدات بلادي لم يكن يوماً في وارد تفكيرهم، الثامن من مارس، هنَّ أمهات يُرضعن الوطنية للنَّاشئة .. مناضلات يُطاولن قامات الرجال .. هن بسمة أمل يُزِلنَ ما تَغَشَى أفُقَنا … لم و لن نعترض على الاحتفال ، ولكن أي احتفال تحتاجه النساء بعد أن قال فيهم أفضل بني البشر صلى الله عليه وسلم أمك ثم أمك ُثم أمك ثم أبوك … المتحكمون في عالم اليوم بشركاتهم ومنتجاتهم و إعلامهم ومن يسمون دعاة التحرر، يريدون حرية الوصول إلى المرأة ، ونريد نحن بعاداتِنا وقيمنا، حرية المرأة كجوهرةٌ مصونة، نفخر وتفخر بمكانتها التي دونها السيوف والرماح … ويَظَلنَّ أمهَاتُنا أقرب إلينا من الآباء ، ويَظلُ الوطن بنسائه ورجاله هما نحمله جميعاً.

حركة النضال العربي لتحرير الأحواز

09-03-2019

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى