العلاقة السرية بين إيران وإسرائيل
ما يُعلن كل يوم من تهديدات عدة من قبل إيران ضد إسرائيل وما يقابلها من تهديدات معاكسة من إسرائيل ضد إيران هو جزء من السياسة التي يفرضها الواقع وتفرضها الظروف الحالية والتي تتطلب أن تبقى المنطقة في توتر مستمر،
وزاد على تأكيد عدم صحة مثل هذه الإعلانات التردد الدولي الكبير وعدم قيام أي ردة فعل ضد ما يحدث اليوم في سوريا والتي تدعم النظام فيها بقوة إيران وأذنابها في المنطقة مثل حزب الله.
وإن كانت إيران تقف خلف سوريا وأمريكا تقف خلف إسرائيل فهذا يؤكّد أنه لا يُرجى أن يتحسّن الوضع أو أن يتم استبدال النظام في سوريا ما لم تكن هناك تسوية تأتي في إطار العلاقة السرية بين الحلفاء، والكل يعلم أن أمريكا ومنذ سقوط نظام صدام في العراق واعتقاله ومحاكمته قد قامت بتسوية أخرى لتقديم العراق لإيران على طبق من ذهب فأصبح العراق اليوم معبراً آمناً لكل الإمدادات الإيرانية للنظام السوري الحالي.
والتعاون بين إسرائيل وإيران لا يخفى على الكثير؛ فقد أكّدت صحيفة يديعوت احرونوت تورط شركة (ألوت) “الإسرائيلية”، المعنية بإنتاج التقنيات التكنولوجية في تزويد إيران بمعدات استخباراتية لتعقب شبكات الإنترنت في إيران وأوضحت أن الحديث يدور حول معدات تكنولوجية عالية التقنية، تمد الدوائر المعنية في طهران بمعلومات موثّقة حول نشاط شبكات الإنترنت، وقالت الصحيفة: إن وسيطاً دنماركياً قام بنقل هذه المعدات إلى إيران. وهو أمر ليس بالجديد ففي ثمانينات القرن المنصرم دوّت فضيحة كبرى لدولة العمائم السوداء، وهي ما عرفت وقتها بفضيحة “إيران جيت” أو “إيران كونترا”، حيث كُشف للعالم أجمع أن سيلاً من الأسلحة وقطع الغيار كانت تُشحن من أمريكا عبر إسرائيل إلى طهران أثناء الحرب العراقية الإيرانية.
كما أشار مؤلف كتاب (التحالف الغادر، أسرار التعاملات بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة) الكاتب الأمريكي “تريتا بارسي” وهو أستاذ في العلاقات الدولية في جامعة “جون هوبكينز” وخبير في الشأن الإيراني، بنتيجة مهمة في كتابه وهي أن هناك علاقة بين المثلث الإسرائيلي- الإيراني- الأمريكي تقوم على المصالح والتنافس الإقليمي وليس على الأيديولوجيا والخطابات والشعارات التعبوية الحماسية، وأكّد أنه على عكس التفكير السائد، فإن إيران وإسرائيل ليستا في صراع أيديولوجي بقدر ما هو نزاع إستراتيجي قابل للحل. وهو نفس الأمر الذي أكَّده الصحفي “نادر كريمي” الخبير في الشؤون الإيرانية الإسرائيلية، المعتقل حالياً في أحد السجون الإيرانية، حيث بيَّن في حوار له مع “العربية.نت” أن طهران ترتبط بعلاقة سرية حميمة مع إسرائيل، وذلك من واقع مقابلات يقول إنه تمكّن من إجرائها مع عناصر من الموساد استمرت 20 ساعة، ومع المخابرات الإيرانية “الاطلاعات”، مؤكّداً أن الحرب بين طهران وتل أبيب لا تتجاوز الحرب الكلامية، قائلاً: “إن الحرب الكلامية والعنتريات التي تخوضها طهران ضد تل أبيب أوهمت المسلمين أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ألد أو على أقل تقدير أحد ألد أعداء إسرائيل وأهم حماة الفلسطينيين أو أحد أهم حماتهم في العالم”…، كما يشير الكاتب البريطاني الشهير “باتريك كوكبورن”، المحلّل بصحيفة “الإندبندنت” البريطانية، أن مثل هذه التهديدات المتكررة من إسرائيل ضد إيران نجحت في تهميش القضية الفلسطينية وخصوصاً ما يتعلق بالمستوطنات الإسرائيلية.
إن الروافض في إيران يجتمعون اليوم مع اليهود على هدف واحد وهو العداء للإسلام، كما أن السياسة لعبة قذرة فهي تحوّل الصديق إلى عدو والعدو إلى صديق بين يوم وليلة اعتماداً على المصالح، ومصالح أمريكا وإسرائيل اليوم وكل يوم تتركز في التحالف مع القوي فهم يحرصون على مصالحهم قبل كل شيء ويمكنهم أن يتحالفوا مع الشيطان إن وجدوا ذلك في مصلحتهم بغض النظر عن أي شيء آخر.
ولعل ما يحدث في سوريا اليوم هو فرصة ذهبية لبقاء التوتر في المنطقة وخصوصاً في الترويج لحرب أهلية قد يتسع نطاقها لتصبح حرباً مذهبية تدعمها إيران من جهة وتدعمها دول أخرى كل ذلك لتبقي أمريكا وإسرائيل أدوات السيطرة في يدها.
المصدر : صحيفة الجزيرة