#أحوازنا – سيندم العرب لو خذلوا الثورة العربية الأحوازية
في عالم السياسة في الشرق القديم، تبدو كل الأوراق متداخلة، وكل المشكلات والملفات التاريخية موضوعة على طاولة البحث ومشهرة بشكل كامل، وتشكل القضية العربية الأحوازية المنسية واحدة من أهم القضايا والملفات الإقليمية التي يتجنب النظام السياسي العربي, الجماعي والفردي, التقرب منها إلا فيما ندر، رغم أن قضية حرية الأحواز لم تعد مجرد حلم طوباوي كما يراه البعض من المتخاذلين, وإنما هي أمر ميداني واقع ومتجسد وعبر عن نفسه بظهور حركات التحرر الوطني الأحوازي المختلفة، وتصاعد صوت الشعب العربي الأحوازي من خلال طلائعه الشبابية التي إنبثقت من وسط جحيم المعاناة و الإحتلال الإستيطاني لتنطق بصوت عربي مبين و تعلن الدفاع عن هويتها الحضارية وكينونتها القومية رغم كل محاولات الطمس والآلغاء والإجتثاث المستمرة بحماسة وتخطيط, وحتى وحشية, منذ أكثر من تسعة عقود كانت حافلة بالدماء والدموع والتضحيات.
لعل أغرب الأمور في ملف القضية العربية الأحوازية هو تنكر رافعي الشعارات القومية العربية من أهل الأحزاب والجماعات السياسية لها، فالمؤتمر القومي العربي, مثلا, وهو المؤسسة النخبوية لبعض المثقفين العرب الداعين للوحدة القومية أداروا ظهورهم تماما لقضية تحرر الشعب العربي الأحوازي, وأنحازوا في مفارقة مثيرة للسخرية للدفاع عن رؤى ومنطلقات النظام الفاشي المعمم الإيراني الكافر بالفكر القومي العربي والمعادي لكل ماهو عربي والمصر على فارسية الأحواز, بل ويتمدد للمطالبة العلنية بضم مملكة البحرين إضافة الى حديثهم المعروف والمنشور عن تبعية العراق وعائديته لهم منذ أيام الأكاسره.
كما إن ما يسمى المؤتمر القومي الإسلامي الذي يضم أيضا جماعات إرتزاقية تمارس التدجيل القومي وتسير في ركاب أنظمة الفاشية والاستبداد, هو في صف النظام الإيراني، أما الجامعة العربية فرغم اعترافها المبكر بحق التحرر الأحوازي عام 1964 بسبب شعارات المرحلة الناصرية! إلا أنها على المستوى الميداني محلك سر, ولا تمتلك أي رؤية ولا ترغب في أي قرار, ولم تعد تشير للقضية الأحوازية ومعاناة الشعب العربي المحتل هناك, ولم تستنكر حتى حملات الإعدام وتوسيع المشانق هناك! وأكتفت من الغنيمة بالصمت الرهيب.
كما أن غالبية العالم العربي بعيدا من المنطقة الخليجية لا يعرف شيئا إسمه القضية الأحوازية إلا فيما ندر، فالجزائر مثلا تقيم علاقات راسخة وقوية مع النظام الإيراني, ولم يتحدث الإعلام الجزائري عن موضوع حرية و ثورة الأحواز أبدا رغم أن الشعب الأحوازي يناضل كما ناضل الشعب الجزائري ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي, وبصيغ وأساليب نضال الشعب الجزائري نفسها ويجابه بعنف ودموية مفرطة تماما كما فعل الإستعمار الفرنسي ضد الشعب الجزائري.
ويبدو ان الإعلام الأحوازي الثوري مقصر في هذه النقطة تحديدا! أما النظام الإرهابي السوري فرغم هويته البعثية القومية المعلنة وشعارات الوحدة العربية المرفوعة دوما, إلا أن تآمره الفظ على الثورة الأحوازية قد بلغ أبشع نهاية من خلال تسليم المناضلين الأحوازيين لمقصلة النظام الإيراني ليثبت ذلك النظام إرهابيته وإجرامه وطائفيته وبعده التام عن الفكر القومي الذي يرفع شعاراته دجلا و نفاقا ورياء.
الأحوازيون الأحرار يناضلون في ظل أصعب ظروف يمكن أن تتخيلها أي حركة مقاومة وطنية فمجال تحركهم الحيوي والستراتيجي محدود للغاية، كما أن المساندة الإعلامية العربية لهم في أقصى نقطة متدنية، والعزلة المضروبة حول أخبار وتطورات الأوضاع الميدانية في الأحواز هي أكبر بكثير من كل ماهو متصور، رغم أن حقائق الستراتيجيا والجعرافية والتاريخ والمصالح القومية تقتضي المباشرة فورا بدعم الشعب العربي الأحوازي من خلال رؤية جماعية عربية أو خليجية تحديدا في ظل تنامي الأطماع الإيرانية الهادفة لإسقاط أنظمة المنطقة.
الإيرانيون لايبالون من العرض العلني والصريح لستراتيجيتهم بينما العالم العربي يطل خجولا أو مترددا عن اتخاذ أي قرار.
قضية حرية الأحواز هي كما أكدنا وقلنا أكثر من مرة انها أخطر سلاح عربي مهمل يمكن استعماله في مواجهة حروب الطائفية والإرهاب التي تهدد المجتمعات والأنظمة العربية، كما أن الشعب العربي الأحوازي بحاجة للدعم الإعلامي والسياسي وما يرافقه لتعزيز مواقعه ولضمان النصر والتحرير بأقل وقت ممكن، فحرية الأحواز قادمة حتما وإن رغمت أنوف ورغم كل حملات التشكيك ومهما بلغت التضحيات المادية والبشرية، فالشعب العربي الأحوازي قد بلغ نقطة الإنفجار النهائية التي لاعودة عنها أبدا ، وهو ماض لتحقيق مشروعه الاستقلالي مهما بلغت التكلفة!، وعلى العالم العربي إلتقاط الفرصة التاريخية قبل أن يلوت وقت مندم… الأحوازيون بدعم العرب أو بغيره ماضون للتحرير فرقاب شبابهم المتدلية على أراجيح الأبطال ليس عبثا ولا هباء, وسيندم العالم العربي أبشع ندم و سيبكي كما بكى أبو عبد الله الصغير على ضياع غرناطة والأندلس! فلا تكرروا المأساة وهبوا هبة جماعية لرفع راية الحرية والعروبة فوق ذرى الأحواز السليبة التي تتهيأ ليوم عرسها التحرري، وما النصر إلا من عند الله.
داود البصري
كاتب عراقي
dawood.albasri@hotmail.com
المصدر: السياسة الكويتية