آراء ومقالات

نشاط إيران في الوقعية بين حكومات الخليج والإسلاميين

تسعى طهران لأن تكون مكانتها في المنطقة الأولى بين البلدان ,وذلك عن طريق إنفاق أموال طائلة لدعم أنشطة عملائها المدربين في قُم والمتشربين أيديولوجية ولاية الفقيه في الخليج العربي التي تعد بمثابة قواعد دعم خارجية لسياساتها. لكن واقع الأمر تاخذ هذه السياسة في المنظور الإيراني من أجل زعزعة الأمن في البلدان المجاورة وخاصة الخليجية من خلال الوقيعة بين الإسلاميين والحكام ثم إزاحة الأحزاب والحركات الإسلامية الوطنية المخالفة لها في تلك الدول ,وتغلغل عملائها الصفويين في صفوف الأولى للنظام بدل منهما.

1

ويقود هذا التصور، طهران لدعم الحركات الإسلامية الراديكالية عبر أنحاء الشرق الأوسط لإبقاء جذوة العنف الطائفي , وذلك لتقويض نفوذ الحركات الإسلامية المعتدلة والوطنية في الدول العربية ,وخاصة الخليج العربي وإعادة تشكيل البيئة الإقليمية بطريقة موائمة للمصالح الإيرانية وصقل المقدرات الشيعية الثورية للنظام داخلياً وخارجياً.

تطبيقا لهذه الإستراتيجية وبعد وفاة الخميني، تبعت الأنظمة الصفوية الحاكمة في إيران “تصدير الثورة” وأدرجت هذا الإستراتيجية في السياسة الإيرانية بناء على ماكتب علي شريعتي, أو بالأحرى الثورة الحمراء التي اتخذت من سياسة خاتمي و”الانفتاح الثقافي” و”حوار الحضارات” مرتكزاً لها. لذلك أصدرت مؤسسة تنظيم و نشر تراث الخميني في طهران كتابا جديدا بعنوان “تصدير الثورة كما يراه الإمام الخميني”، يشرح فيه عن كيفية التعامل مع دول الجوار وخاصة الخليج العربي. واقع الأمر أن هذا الإستراتيجية تتماشى مع الخطة الخمسينية الإيرانية كما سيتضح لنا فيما يأتي:

في عام 1997م وعقب تسليم محمد خاتمي مقاليد الحكم في ايران، كشفت وثيقة سياسية إيرانية سرية عرفت باسم “الخطة السرية أو الخطة الخمسينية”، تناولت الوثيقة خطة إيرانية للتعامل مع دول الجوار مقسمة على 5 مراحل، كل مرحلة تستغرق 10 سنوات، وذلك من أجل الوصول للسيطرة والهيمنة على المنطقة من خلال الوقيعة بين العلماء والإسلاميين من جهة والانظمة الخليجية من جهة أخرى. ويذكر من أهم بنود الخطة الخمسينية، فقرة حول تخريب العلاقة بين القوى الإسلامية السنية وحكوماتها وأنظمتها، عبر تحريض العلماء على المفاسد القائمة وتوزيع المنشورات باسمهم ووقوع أعمال مريبة وإثارة الاضطرابات بسبب ذلك، ثم تحريض الدولة عليهم. والذي يراد التوصل إليه هو إثارة أهل السنة على الحكومات حتى تقمع تلك الحكومات أهل السنة. ثم ضرورة العمل على إيقاع القطيعة والعداوة بينهما، وتقدم القوى الشيعية والمتحالفة مع إيران للوقوف مع الحكومات والأنظمة، فيتحقق لهم ما يلى:

– سوء ظن الحكام بكل المتدينين من أهل السنة وكل أنشطتهم.

– نمو الحقد والعداء بين الطرفين.

– ضياع مكانة أهل السنة وسلطتهم المادية والمعنوية.

– إحجام الحكام عن المساعدة في نشر الدين.

– سيطرة عملاء الشيعة على مقاليد الأمور.

– زيادة سخط أهل السنة على الحكام بسبب نفوذ عملاء الشيعة.

واستطاع النظام الإيراني، تنفيذ الكثير من ذلك بدقة من خلال اختراق تنظيم القاعدة وأشباهه من التنظيمات ، والتي قامت بمهاجمة الدول العربية والعالم، حيث أصبح “الإرهاب” – ومايسمى بالإرهاب السني حسب زعم الإعلام الغربي – هو العدو رقم واحد للدول العربية والعالم، خاصة مع تواطؤ الإعلام العلماني في هذه الدول بتضخيم الأمور وربط التنظيمات المتطرفة بالحركات الإسلامية الوطنية والمعتدلة والتغطية على أي أعمال إرهابية مماثلة من القوى الشيعية. وأصبحت العلاقة متوترة بين الأنظمة الحاكمة العربية وبين العلماء والاسلاميين، واختلطت الأوراق، وفقدت البوصلة التي تشير على الخطر الإيراني، ونجحت إيران في مسعاها, حيث تعتبر إيران الحركات الإسلامية المعتدلة والوطنية في الخليج العربي، الخط والمقاومة الأولى في مواجهة نفوذها في تلك البلاد.

ملخص نـص الــرسالة لتصدير الثورة الشيعية الصفوية وضرب الحركات الإسلامية، فيما يلي :

“إذا لم نكن قادرين على تصدير ثورتنا إلى البلاد الإسلاميـة المجاورة فلا شك أن ثقافة تلك البلاد سوف تهاجمنا وتنتصر علينا. ولهذا فإننا وضعنا خطة خمسينية، لنقوم بتصدير الثورة الإسلامية إلى جميع الدول المجاورة؛ لأن الخطر الذي يواجهنا من الحكام الـوهــابيين وذوي الأصول السنية أكبر بكثير من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب؛ لأن هـــــؤلاء (الـوهـابيين وأهل السنة) يناهضون حركتنا وهم الأعداء الأصليون لولاية الفقيه.

وتقول الوثيقة : إذا استطعنا أن نزلزل كيان تلك الحكومات بإيجاد الخلاف بين الحاكم والعلماء الإسلاميين، ونشتت أصـحـــاب رؤوس الأموال في تلك البلاد ونجذبها إلى بلادنا، نكون بلا ريب قد حققنا نجاحاً باهراً وملفتاً للنظر.

وتقول الوثيقة : مراحل مهمة في طريقنا:

أولاً: من واجب مهاجرينا العملاء المكلفين في بقية الدول:

أ: شراء الأراضي والبيوت والشقـق، وإيجاد العمل ومتطـلـبات الحياة وإمكانياتها لأبناء مذهبهم.

ب: العلاقة والصداقة مع أصحاب رؤوس الأموال والأفراد الذين يتمتعون بنفوذ وافر في الدوائر الحكومية.

ثانياً: يجـــب حث الناس (الشيعة) على احترام القانون وموظفي الدولة، والحـصــــول على تراخيص رسمية للاحتفالات المذهبية ,وبكل تواضع وبناء المساجد والحسينيات. وفي النصف الثاني من هذه الخطة العشرية يجب بطريقة سرية وغير مباشرة استثارة علماء السنة والوهابية ضد الفساد الاجتماعي والأعمال المخالفة للإسلام الموجودة بكثرة في تلك الـبــلاد، وذلك عبر توزيع منشورات انتقادية باسم بعض السلطات الدينية والشخصيات المذهبـيـــة من البلاد الأخرى، ولا ريب أن هذا سيكون سبباً في إثارة أعداد كبيرة من تلك الشعــــوب، وفي النهاية إما أن يلقوا القبض على تلك القيادات الدينية أو الشخصيات المذهبية أو أنهم سيكذّبون كل ما نشر بأسمائهم ,وسوف يدافع المتدينون عن تلك المنشورات بشــــــدة بالغة. وهذه الأعمال

2

ستكون سبباً في سوء ظن الحكام بجميع المتدينين في بلادهم؛ وهم لذلك ســـوف لن يعملوا على نشر الدين وبناء المساجد والأماكن الدينية السنية، وسوف يعتبرون كل الخطابـــــات الدينية والاحتفالات المذهبية السنية أعمالاً مناهضة لنظامهم، وفضلاً عن هذا سينمو الحقد والنفرة بين العلماء السنة والحكام في تلك البلاد؛ وحتى أهل السنة والوهابية سيفقدون حماية مراكـزهــم الداخلية ولن يكون لهم حماية خارجية إطلاقاً. وتعتبر هذه الفقرة من أهم مراحل الخطة لتصدير الثورة.

ثالثاً: وفي هــــــذه المرحلة حيث تكون ترسّخت صداقة عملائنا لأصحاب رؤوس الأموال والموظفين الكـبار، ومنهم عدد كبير في السلك العسكري والقوى التنفيذية ,وهم يعملون بكل هدوء ودأب، ولا يتدخـلــون في الأنشطة الدينية، فسوف يطمئن لهم الحكام أكثر من ذي قبل، وفي هذه المرحلة حـيــث تـنـشــأ خلافات وفرقة وكدر بين أهل الدين السنة والحكام, فإنه يتوجب على بعض مشايخنا المشهورين من أهل تلك البلاد أن يعلنوا ولاءهم ودفاعهم عن الحاكم، ويبرزوا التشيع كمذهب لا خطر منه عليهم.

رابعاً: في المرحلة الرابعة سيكون قد تهيأ أمامنا دول بين علمائها الاسلاميين وحكامها مشاحنات، والتجار فيها على وشك الإفلاس والفرار. وإذا عمل عملاؤنا بيقظة فسيمكنهم أن يتـبــوؤوا كبرى الوظائف المدنية والعسكرية ,ويمكننا بسهولة بالغة أن نشي بالمخلصين الإسلاميين لدى الحكام على أنهم خونة؛ وهذا سيؤدي إلى توقيفهم أو طردهم واستبدالهم بعناصرنا. ولهذا العمل ذاته ثمرتان إيجابيتان:

أولاً: إن عناصرنا سيكسبون ثقة الحكام أكثر من ذي قبل.

ثانياً: إن سخط أهــــــل السنة على الحكم سيزداد بسبب ازدياد قدرة الشيعة في الدوائر الحكومية، وسيقوم أهــــــل السنة من جراء هذا بأعمال مناوئة أكثر ضد الحكم.

خامساً: وفي العشرية الخامسة فإن الجو سيكون قد أصبح مهيأ للثورة؛ وفي هذه الفترة سنقترح عـبـــر شخصيات معتمدة ومشهورة تشكيل مجلس شعبي لتهدئة الأوضاع، وسنساعد الحكام في المراقبة على الدوائر وضبط البلد؛ ولا ريب أنهم سيقبلون ذلك، وسيحوز مرشحونا وبأكثرية مطلقة على معظم كراسي المجلس، وبذلك سوف نستطيع تصدير ثورتنا الإسلامية إلى بلاد كثيرة.

الإعلام وتسويغ المشروع الإيراني

ويعتبر الاعلام العالمي والعربي من أهم اداة تطبيق هذه الخطة، حيث جعل أهل السنّة والجماعة بمثابة خطر محدق في نظر الحكام في دول العربية وخاصة الخليج العربي, بدءا بتعريف الحرب على الإسلام باسم الحرب على الإرهاب، بينما يطمس هذا الإعلام، الحقائق عما يجري من احتلال لبلاد المسلمين وقتلٍ لأهله، وإن ذكرت فهي مبتورة ومحرفة ومشوهة ، إلا أن الأمر مختلف تماما فيما يتعلق بإيران وعملائها، حيث تزخر القنوات الشيعية الصفوية والإيرانية الرسمية وغيرها بالأخبار وتسارع الى وضعه حسب أجندة إيرانية ,وتتعامل حسب الخطة السرية للوقيعية بين الإسلاميين والحكام في الخليج العربي لتسيير البلاد إلى الخضوع تحت السيطرة الإيرانية، كي يحلّوا الشيعة الصفويين محل أهل السنة والجماعة. وأصبح الشيعي الصفوي في الخليج العربي مطلق الحرية بالكلام ,فيسب ويلعن ويطعن في مقدساتها من غير أي تقييد أو منع ، أما إن تكلم مسلم وأراد الدفاع فقط اتهم على الفور بالطائفية ومنع من الكلام..(شبكة الدفاع عن اهل السنة)

على إثر هذه الخطة أصبحت مواقف عملاء إيران من الشيعة في إطار توافقي تجاه علاقاتهم بالحكام والأنظمة العربية في الخليج العربي. ففي الكويت، تسجل المؤشرات علاقة وطيدة بين المتنفذين والأقلية الشيعية (أمثال محمود حيدر). وقد انحاز النواب الشيعة للوضع القائم وخلافا للمعارضة في مطالب بانتخاب حكومة شعبية بديلاً للحكومة المعينة من قبل أمير البلاد. وقد انتقلت العلاقة بين “الحاكم من آل الصباح” وتيارات شيعية رئيسية من التوتر إلى التحالف بعد 2008، وانتهى هذا الإشكال بانتقال الكويتيين الشيعة المعارضين تقليدياً للنظام إلى التحالف معه – حسب الخطة الخمسينية الإيرانية – ، الأمر الذي تجلى في الوقوف مع رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد الصباح طوال خمس سنوات من الهجوم السياسي ضده من قبل المعارضة الإسلامية بقيادة مسلم البراك. واستطاعت الجماعات الشيعية الصفوية تغيير نظرة النظام الحاكم في الكويت تجاه الشيعة, حيث تغييرت نظرة الحاكم نحو التحرك الشيعي الصفوي، وان كانت قد رأت فيها تهديداً لحالة الاستقرار في المجتمع وأمن البلاد، خاصة حينما دخل العامل الايراني في المعادلة، وبرزت المطالب ذات الطابع المذهبي التي أثارت الإسلاميين من أهل السنة.(موقع الاخبار)

وبدأت مرحلة تنفيذ الخطة الإيرانية ونادى بها السياسيون الشيعة في الكويت في:

– جعل يوم عاشوراء يوم عطلة رسمية في البلاد.

– إدخال المذهب الاثني عشري في المدارس وكليات الشريعة للسنة والشيعة على السواء.

– حذف إشارات في المناهج التعليمية تشير للشيعة على انهم غير مؤمنين.

– منح رخص بناء حسينيات بآلية سريعة ودون تحديد للعدد.

– أثار بعض الشيعة مطالبات لتغيير منهج الثقافة الإسلامية التعليمي ,حيث طالبوا بالغاء مواد تعليمية تتحدث عن الخلفاء الراشدين. – معارضة المرجع الشيعي باقر المهري وكيل المرجعيات الدينية في الكويت فكرة إقامة فيدرالية خليجية.

ويعتبر التحالف الإسلامي الوطني أحد العاملين لتلبية المصالح الإيرانية ,ويلعب أعضاء التحالف دورا كبيرا في الضغط على الحكومة الكويتية كيلا تتبنى خطا مناهضا لإيران خليجيا ,وتقوم على أساس مواجهة الإسلاميين المخالفين للنظام الإيراني.

المصدر : موقع المثقف العربي

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى