آراء ومقالات

مدخل إلى فحص الكلام الأحوازي بشأن مشكلة السياسة 13/20

(قراءة أسباب عدم التحول من المجتمع العشائري الديني التقليدي إلى المجتمع الوطني
الجديد)

 

وإذا تفحصنا كذلك ميثاق (( الجبهة العربية 
لتحرير الأحواز))، ونفس الأمر بالنسبة ((للمجلس الوطني  لتحرير الأحواز)) عام 1982 في الكويت طبع قبرص،
نجدها كلها سارت على نفس الطريق ترتيب مواثيق بروح  استنساخية لم تجد طريقها في وعي اصحاب الشأن أنفسهم
، أقصد من السياسيين الأحوازيين. ولا يفوتنا هنا دون أن نسجل ملاحظة تفرضها علينا الدقة
والأمانة وهي أن الجبهتين أعني (الجبهة الوطنية لتحرير عربستان، وجبهة تحرير عربستان)
كتب لهم ميثاق  متناسق و واضح في المعاني والترتيب
حتى إننا ساورنا الشك بأن المكتوب  بأيادي غير
أحوازية والدليل عندنا هو  أن ما كتب بعدهما
في مواثيق التجمعات السياسية  الأحوازية لا
يرتقي أي منها وميثاق كل من الجبهتين، فميثاق الجبهة الوطنية لتحرير عربستان هو أكثر
تماسكاً و وضوحاً  وتبويباً على صعيد المعنى
أو المحتوى الإيديولوجي من كل ما صدر عن التجمعات الأحوازية  ليومنا حتى إنه أكثر تبويباً من  ميثاق (( حركة حزم ))  صدر عام 2010م، وهو أخر ميثاق سياسي صدر حسب علمنا
حتى اليوم، فنزيد ونقول بأن العبارات والأسلوب اللغوي و المفاهيم السياسية التي تملأ
رسائل شيوخ العشائر كما جاء القول أعلاه تُعد أفضل من كل مقالة يدعي اليوم 2012 أصحابها
بأنها فكرية
.

 إذاً ماذا يعني  لنا
كل هذا ؟ أجيب بالقول إن الأمر ليس هو مسح الطاولة كما يقولوا أو افراغ محتوى كل التجمعات
وعملها، كلا، إننا لا نريد أن نخرج عن أصل موضوعنا رغم الفوضى التي يجدها من يتابع
تاريخ السياسة عندنا وقد ألمحنا وميزنا بين نجاح التحول الوطني على صعيد الثقافة و
فشل التجربة الحزبية، أي موضوعنا هو مقومات الفكر السياسي الوطني الأحوازي بناءه بعناصره
الرئيسية الثلاثة في مرحلة الدعوة الوطنية            و ليس الحكم و نسميها عملية إنتاج الوعي
الوطني وهي
:

1-  النظرية الوطنية الخالصة دون العشائرية

2-  التنظيم وفق الكفاءات و التخصص في الوظائف لبناء ونشر الثقافة
الوطنية وليس الوصول للحكم  في مرحلة الدعوة

3-  القواعد الجماهيرية فن التعبئة وهو مسار يؤدي إلى التحول
من المجتمع التقليدي إلى المجتمع الوطني
 

فالفكر الوطني حسب وجهة نظرنا التي صياغتها لا تأتي من فراغ أو انشاء  كلام رومانسي هرباً من مواجهة الواقع أو هرباً من
أمر ما يزودنا فيه الفكر من  كشف العيوب والأخطاء،
بل  إنها 
تعتمد  على  واقعنا في الأمس واليوم  على أن الفكر الوطني هو المقدمة الأولى التي لايمكن
دونها أن يكون تحول مجتمعي، وهو الذي يحتاج إلى أكثر من أن نجمع جملة عبارات بدوافع
غير موضوعية ننشئ منها اسم دون مسمى على أنه تنظيم سياسي أو مركز ثقافي . وهل لنا حاجة
أن نصيغ المكرر هنا على أن مفهوم الوطنية الذي ندور في فلكه على أقل تقدير بقى كما
تركناه مجرد اسم دون مسمى أو تعريف وأصبح  عند
من يتكلموا عن السياسة شيء للزينة مألوُف بالعاطفة ملازم لها وليس مؤلف بأداة الفكر
كباقي المفاهيم كما رأيناه عند مواثيق المجموعات السياسية الأحوازية
.

نحن لا نريد أن نذهب بالقول إن الميثاق وحده فقط حامل كل الدلالة على الحركة
السياسية كلا، ولكن فيما يخص الحركات الأحوازية ربما لا خيار  أمامنا سواه والسبب ليس لدينا منها أشياء مكتوبة
عن مشاكلنا تقوي خطابها وتجمع لها أنصاراً وتمارس تعبئة الجماهير، ان هذا كان مفروضاً  القيام 
فيه و بذل الجهد  في سبيله حتى يتحول
تدريجياً وعي الجماهير مما هو سائد إلى تشكيل المجتمع الوطني الجديد بمكوناته  وهل نحتاج أن نؤكد على أن  مجتمعنا ربما يحتاج إلى التغيير الثقافي أكثر من
العناصر الأخرى أو في أقل تقدير هو المقدمة 
والأساس الذي تطوع العناصر الأخرى لخدمته ومنها تلك التي تسيطر عليها الدولة
الإيرانية كان لها عليها اشراف أو تقبض عليها ،الإ الفقر الثقافي الوطني لا نستطيع
تحميل الدولة الإيرانية كل المسؤولية ، فمن يقول بهذا يجهل  أبسط الأمور أما السبب هو أن إيران ليست مهمتها
إنتاج الوعي الوطني الأحوازي، إنما إضعافه ومناهضته  وأن هذا أمر منطقي  أن فعلت غير هذا تكون  ليست إيران القومية، مثلما عدم نشر الثقافة الوطنية
ومقومات الفكر وعدم تحولنا التدريجي نحو المجتمع الوطني يعني ليست لدينا حركة وطنية
أصيلة أو لنقول  ظهرت مجموعات  أحوازية سياسية  وقد قدمت شهداء وتضحيات كثيرة و في مراحل تاريخية
مختلفة و الإنكار لهذا هو الجهل بعينه مثلما 
القول بأنها شكلت حركة وطنية  أصيلة
خارج فضاء العشيرة  من داخل تعاليم الوطنية.
إن مهمة الحركة الوطنية بالدرجة الأولى  تُحولّ
الفرد من ثقافة العشيرة والدين إلى الثقافة الوطنية تخلصه من ذلك الشعور ولكن هنا المفارقة
من يقوم بهذا المهمة وهي فكرية كمقدمة أولى تنتج مقدمة ثانية وهي فرد جديد يفكر وينتج  وهذه الثانية 
تنتج  فرد صالح تنظيماً وسياسياً يساهم
في التحول للمجتمع الوطني أو نسميها  الإدارة  السياسية 
والجماهير ولنسجل جملة ملاحظات هي تمثل واقعنا  تؤكد بشكل أو أخر غياب الحركة الوطنية الأحوازية
ونقصد من الحركة ما تظهره من ثقافة مغايره لما هو موجود  في المجتمع العشائري الديني
.

إن العلاقة بين الأحوازيين بعضهم مع بعض غير واضحة في الجانبين  جانب من يمارسوا العفوية السياسية، فالرابطة غير
واضحة ليس فقط اليوم، بل إنها كانت كذلك خلال العقود الماضية بين الاجيال أما الجانب
الأخر المجتمعي بين المواطنين الأحوازيين تبقى الرابطة و العلاقة لا تشكل قطب الوطنية
محورها بقدر ما النظام العشائري أما ظهور مجموعات في المجتمع الأحوازي فان العلاقة
بينها غير واضحة لذلك بسرعة تتشرذم ولا تتوسع لتصبح كتلة وطنية مجتمعية تقوم مقام الطلعية
و النخبة مهمتها إدارة الحركة و التخطيط للعمل و تأسيس الخطاب على مقاصد وممارسة أعمال
وفق قواعد.إن هذا الأمر ينطبق على العلاقة مع إيران على صعيد الأفراد و المجتمع ونظام
الحكم / الدولة
.

وخلاصة القول إننا نتجول داخل وعي عفوي غير منظم ولا واضح فيه المبدأ المركزي
أو القطب ولا هنالك وضوح في فهم العلاقة بين المواطنيين الأحوازيين و بعدها إقامة علاقة
بالإيرانيين وفق خطاب فكري يضع حدودها و معانيها،إن مهمة النخبة الفكرية و السياسية
إنتاج مفاهيم تقوم بديلا عن الوعي العفوي القائم عندنا انها عملية بناء فكر سياسي وطني
أحوازي جديد يصلح أن يكون مهتم بشأن المشاكل الأحوازية، إن كانت المشاكل تخصنا ذاتنا
أو تخص الأخر الدولة الإيرانية كذلك الوضع الإقليمي و الدولي من حولنا وأن هذه المشاكل
الثلاثة ليست سهلة و لا ثانوية، بل هي تقرر مصير 
واقعنا السياسي إجمالاً وتحتاج مستوى سياسي عالي من الفهم و التعامل وهذا لا
يكون الأ داخل فكر سياسي أحوازي واضح،وأقول إننا لا ندعي لأنفسنا هنا أن نضع رؤية متكاملة
و جاهزة قابلة للتطبيق أو أنها مرجعية فكرية سياسية كلا ،إن من يدعي هذا جاهل لأن الأمر
أكثر صعوبة و تعقيداً و أن هذا ندركه قبل غيرنا،بل إننا كل ما نقصد و نرمي إليه هو  وضع خطوة و طرح  رأي نبيّن فيه للقارئ مدى عمق الفراغ  و الفوضى مع الجهل الذي تعاني منه ثقافتنا بشكل
عام و وعينا السياسي بشكل خاص و ربما نغامر و نتجه بالكلام نحو وضع رؤية تطال تاريخنا
المعاصر و أن هذا حق لنا بشأن فهمنا لمشكلتنا الأحوازية ننظر فيها حسب فهمنا
.

اتجاه الاستنساخ والترقيع سيطر على وعي ثلاثية أجيال أحوازية حاولوا ممارسة
السياسة بوحي منها في أقل تقدير منذ عام 1942م ومنذ ذلك الوقت (بداية  التاريخ المعاصر) وإلى يومنا هذا أصبحنا أسرى هذا
الوعي بكل تناقضاته و فشله حتى إنه  أصبح (سلطة
وهمية ) لا يستطيع الفرد منا الخروج منها،حيث إن شواهدنا و الإثبات على ما نقوله تتجلى
أمامنا و نلمسها في مجتمعنا بكل تفاصيلها و نقرأها في تاريخنا، فهي دلالة لا مجال للشك
فيها لكثرتها و فائض الشواهد عنها أن هذا الوعي غير صالح ولا نافع و علينا أن نتجاوزه
،ونرى أن البقاء تحت سيطرته لا يقدم لنا كمجتمع أحوازي اليوم و لا في المستقبل أداة
مواجهه مشاكلنا  التاريخية والمجتمعية المختلفة
و المتشابكة وهل نستطيع الإنكار أننا حاولنا كمجتمع مرات عديدة أن نواجه مشاكلنا السياسية
بهذا الوعي السلاح وما أكثر المحطات التاريخية (رفعنا شعار الكفاح المسلح أو الكفاح
حتى التحرير، ورفعنا شعار الثورة الشاملة وبناء الدولة الأحوازية، وقبلها وبعدها اتجهنا
نحو طلب الحل داخل الدولة الإيرانية الحكم الذاتي وأرجاع حقوقنا الوطنية، وطلب تضمين
حقوقنا الوطنية في الدستور الإيراني، بعدها العمل في إطار الدستور، الإندماج والمشاركة
في العملية الإصلاحية السياسية الإيرانية، مع رفع شعار اللامركزية في الحكم وحق تقرير
المصير) غير أن النتيجة  كانت واحدة  تكرر نفسها طوال ستة عقود  وهي الفشل مع تعميق يوم بعد أخر (ثقافة الكراهية
و التناحر بين من يمارسوا بعفوية السياسة ،إذا عندنا أزمة ليس مصدرها  شحة أسماء ،بل إن مصدرها والخلل فيها يكمن في السلاح
الوعي السائد و الذي يطلب منا التحول إلى الغائب الأكبر وهو الفكر السياسي الوطني المجتمعي
الذي لم يعلن بعد عن ولادته في الثقافة الأحوازية و يتأسس فيها تاريخيا.ً

 نعم  عندنا كلام عن
كل تلك المفاهيم بشكلها الشفوي أو الإنشائي ولكن لم ترتقي ومستوى أن يطلق عليها تنظيم
سياسي أو اتجاه فكري ، ونقول  إن كل جيل يظهر
أو فئات  من المجتمع  يقوموا 
بحشر ما يسمعوا  و هنالك قولاً بأن التاريخ
لا يعيد نفسه  في التجارب الفريدة  و لكن يعيد نفسه في القضايا المجتمعية ، وهذا شاهدنا  أن القومية نشأت عندنا  كعاطفة 
ورومانسية سياسية من خلال سماع  الجيل
الأحوازي الثاني  عنها من أذاعة صوت العرب المصرية،
واليوم يحصل  عندنا نفس الأمر  بشأن 
(( السلفية )) صحيح أن الدعوة متاحة للجميع والناس أحرار تختار الفكرة التي
تؤمن فيها و تعبر من خلالها  عن نفسها و لكن
صحيح أيضاً أن للدعوة و التغيير شروطا يجب أن يفهمها  من يتجه نحو التغيير و أن  هذا  يشمل  طرح الشعار القديم عند غيرنا والمتأخر الجديد عندنا
أعني الإسلام هو الحل ، ونضيف يجوز استيراد أسماء و أدوات منزلية و لكن هل من الممكن  أستيراد و شراء مجموعة من المثقفين لشعبنا وأليس  القصد من 
الدعوة و نشرها  أن تأخذ مكانها في  ثقافة المجتمع؟ وخصوصاً أن كل مفهوم ودعوة دون رجال
فكر يظهرون من نفس المجتمع  الذي تحتاجه  الدعوة، أقول دون هذا الأمر الأخير لا يحالفها الحظ
في أن تنتج وتنجح وتصبح ثقافة في المجتمع ومنتشره بين أبنائه
.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى