آراء ومقالات

الصهاينة والممانعون ودولة المستضعفين

 

تماما كأوراق الخريف
المتساقطة، عرت أحداث غزة نظام الممانعة والصمود والتصدي في دمشق, وفضحت دولة
المستضعفين المزعومة في طهران.

خلال ثمانية أيام من
المواجهة الاسرائيلية ضد حركة حماس في غزة, هذا السيناريو الجديد الذي تم وضعه
وصياغته بمنتهى الدقة والعناية في دهاليز وأقبية كهنة طهران الدمويين, والذي لاحظ
العالم كله خلاله ان الاسرائيليين”الصهاينة”و”أعداء الامة العربية والدين
الاسلامي”, قد قتلوا وخلال أكثر من 1500 غارة جوية 160 فلسطينيا, أما نظام
“الممانعة” و”الصمود والتصدي” و “حامي الديار”
و”الشرف العربي”, فقد قتل خلال نفس المدة أيضا أي ثمانية أيام 817
مواطنا سوريا, والفرق بين الحالتين كبير وشاسع كالفرق بين الايمان والكفر او الليل
والنهار, حيث أن الاسرائيليين قتلوا اناسا ليسوا من أبناء شعبهم, أما النظام
السوري فقد قتل ويقتل وبدم متجمد”وليس باردا فقط”أبناء شعبه وتحديدا
العرب منهم لأن للكرد كما نرى حالة تكاد تكون حيادية لمعنى في قلب الشاعر!

ونتساءل: هل كان
بإمكان بنيامين نتنياهو أن يقوم بنفس الامر مع الاسرائيليين? كلنا يعرف أن ذلك من
رابع المستحيلات ولايمكن أن يقوم به أي رئيس وزراء اسرائيلي من أي صنف ولون وتيار,
فللمواطن الاسرائيلي حرمته ومكانته, وليس يؤخذ بسعر النعاج كما هي الحال مع النظام
السوري وكذلك نظام ولاية الفقيه الذي يبدو ماكنة إعدامه تعمل بكل حيوية ونشاط من
أجل الدفاع عن الله ورسوله والقرآن, كما يزعم هذا النظام في تبريره لحملات الاعدام
الجارية!

والحقيقة أن اولئك
الذين يتنافحون شرفا وغيرة في الدفاع عن النظام السوري, قد لاتهتز لهم شعرة من
وراء معرفة هذه الحقيقة لسبب بسيط وواضح وهو أن من يدافع عن النتانة والجيف ليس
إلا مثلها تماما وطبقا للقاعدة المعروفة شبيه الشيء منجذب إليه!

دولة المستضعفين وأم
قرى القرن العشرين كما يطلق على نظام ولاية الفقيه الاستبدادي القمعي في طهران,
والتي هي بنفسها صاحبة سيناريو غزة الدموي تأليفا وإخراجا, لايبدو أن هذا
السيناريو الاجرامي ورغم بشاعته وبربريته بإمكانه أن ينقذ رأس الاسد من مقصلة
التاريخ, إذ أن لكل شيء حسابه ولكل طريق وجهته, وأن الهدنة التي وقعت بين اسرائيل
وحماس والتي سيحافظ الطرفان عليها لأسباب متباينة”مالم تكن هناك مبادرة
شيطانية أخرى تطل من تحت العمائم”, هي غير هدنة العيد التي لم يوافق عليها
ملالي إيران ولاراقت للأسد الكسيح المعاق, ومن المهم جدا أن يتمعن ويدقق كل ذي
بصيرة بما جرى في غزة خلال 8 أيام المواجهة ويقارنها بأختها في سورية الدم والمآسي
وعندما يخرج بحصيلة عن معدن وماهية الممانعين العروبيين المزيفين والكهنوتيين
الدجالين المتاجرين بدماء ومصائر الشعوب!

*كاتب عراقي

nezarjaff@gmail.com

المصدر: جريدة السياسة

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى