آراء ومقالات

مدخل إلى فحص الكلام الأحوازي بشأن مشكلة السياسة 16/20

(قراءة أسباب عدم التحول
من المجتمع العشائري الديني التقليدي إلى المجتمع الوطني الجديد)

 

إذاً لا معنى  للمناصرة والدعم من جميع أبناء الوطن  لبعضهم البعض حسب ما تزودنا فيه القبيلة، إن هذا
الدعم والمناصرة نجد أصله وفصله تزودنا فيه بشكل مترابط ومنسق فكرة الوطنية وطالما
قلنا وكتبنا أن البعض ربما يقرأ ولكن لا يجتهد في الفهم ويميز بين معنى القبيلة ومعنى
الوطنية ويكتفي بالأسم أو ما نسميه الوعي الشكلي للمتعلم الأحوازي .نعم إن الشعور العشائري
والمصلحة المجتمعية الضيقة في ظل غياب (معاني الوطنية) هي أسباب رئيسية كانت تقف وراء
التشرذم والضعف على صعدين العمل على  الأرض
والصعيد الأخر وهو الأهم العمل الجماعي عن التجمعات السياسي، أليس السياسة هي فعل اجتماعي
؟ ونضيف أن هذا الشعور يمثل وعي الأغلبية من شعبنا الأحوازي إما عند الطليعة أو المجموعات
التي تظهر هنا وهناك ربما يكون أقل حدة ولكن عندما تدخل المنافسة والمصالح الضيقة أو
المناصب الوهمية يغلب الشعورأو اللاشعور العشائري المجتمعي على الوعي الوطني ويغلب
عنصر العشائري الجهوي على عنصر الكفاءة في نهاية الأمر وما أكثر الشواهد التي تساعدنا
على إثبات ما نقول ولكن يطول المقام عندها .

ثالثاً:
وهنا  لا بد أن نسجل ملاحظة مهمة لكي لا نمارس
السكوت وهي أن مفهوم الوطنية خارج فضاء العشائرية ربما تمثل في واقعنا نسبياً عام
2005 عند الطليعة والمجموعات الوطنية بعد أن تبلور وعي وطني لاباس فيه، ألا أن هذا
الوعي لم يتحول بعد إلى شعور جماعي متماسك ورابطة متميزة وقوية على صعيد الفكرة ليكون
بمثابة كتلة وطنية تاريخية لها طموحات ومقاصد واضحة تكافح من أجلها وتبذل وتضحي كذلك؛
حيث إن تضحيات مجموعة خاصة دون مساعدة وتركها تواجه الصعوبات لوحدها دون مقومات أخرى
تحميها وفي المقدمة منها حاضنة المجتمع، ووفرة 
المال الفائض المهدور في مجتمعنا كما حددنا في مكان أخر في هذه الفقرة، إضافة
إلى ظهور المصالح الفئوية والتي ظهرت قبل أحداث 2005 بين المجموعات السياسية  تجربة الوفاق، وهنا نسجل ملاحظة  سريعة  حتى
لا يظن القارئ أننا مارسنا السكوت بالنسبة للوفاق، فنقول بأن الوفاق كفكرة  تحولت من النضال لأجل مقاصد مجتمعية وثقافية وسياسية
في فترة الإصلاحات وهي تصب في التحول المجتمعي (أليس برنامج الوفاق المكتوب المنافيست
بمكوناته الأربعة يحمل ويدعو لذلك كما نبين ذلك أكثر في القسم الثاني)، ولكن بدل من
ذلك اتجهت المجموعات السياسية نحو كسب المال والمناصب وأن الصراع حصل بوحي من ذلك وليس
كما يحاول البعض يقول إن الصراع كان فكرياً كلا، إن من يحمل فكرة لا يتجه نحو البحث
عن الربح الذي فقده هنا فيذهب إلى هناك للخصم يجد ما خسره (أنظر التناحر والانقسام
في تجربة الوفاق الأنتخابية بعد عام 2003 م وهي حالة تسمى  الفساد لأهل السياسة ودعاة التغيير عندما تحصل أدنى
فرصة  لكسب المال والمنصب للتقرب من السلطة
وإن كانت بسيطة يتخلوا عن كل ما كانوا  يكافحوا
من أجله فيصيبهم  التشرذم والأنقسام
). وهل  الذين بايعوا من ولاة البلدية وولاة المحافظية كان
الدافع فكري في تجربة أنقسام الوفاق قبل أحداث نيسان 2005 وأليس في السياسة كل من يدخل
مع السلطة الحاكمة لا يصبح عندها معارض، بل يصبح مدافع عن الأخطاء التي ترتكبها السلطة  وأليس موقفنا (صاحب هذه السطور) في نقد تجربة الوفاق
منذ البداية عام 2000م ينطلق من هذا الفهم الذي يجهله الكثير ؟ وأليس الفساد وانفراد
مجموعة بعينها بالمال دون غيرها كان وراء هجوم الثوار الذين جاؤوا من مختلف الإقاليم
الإسلامية وحاصروا المدينة التي كان فيها الخليفة الثالث  عثمان بن عفان وأنتهى الأمر بقتله مما أدي ذلك إلى
ما عرف بالفتنة الكبرى، حيث إن المسلمين  بعد
ذلك الحدث تفرقوا وأنقسموا إلى مذاهب وفرق 
سياسية  متناحرة حتى إن مقولة التكفيرظهرت
عندما أطلقها الخوارج أثر ذلك ؟ واليوم أليس دوافع الثورات العربية إضافة إلى طلب الديمقراطية
والكرامة تتقدمها قضية تفشي الفساد والكسب 
لمجموعات الحاشية ورجال السلطة ومن هم 
معهم  حكومات المقاولات ؟ أما العمل
المؤسسي الثقافي  ليس فقط لا يجلب إليه الكثير
فهو يستهلك المال وينتج وعي ببطء وهو من طبيعته لا يقدم منافع مجتمعية مباشرة  لأصحاب فكرة التوظيف لكل شيء وبالتالي أن تعثر تجربة
الحركة تقف وراءها جملة أسباب كثيرة يطول المقام بنا هنا للخوض في شرح وتحديد تلك الأسباب
.

رابعاً:
إذاً قراءة الشعور العشائري وتسميته (بالخطر على الوطنية) من جانبنا ليست هي قراءة
لأجل التسلية أو النفور من العشيرة، كلا، إن الدافع لنكون صرحاء يتمثل في مدى تأثير
ومحاربة العشائرية للفكرة الوطنية الأحوازية والتي تحتاج إلى شبه إجماع عليها في المجتمع
وعند المجموعات السياسية ودون ذلك تبرز الصراعات وأن الشواهد عندنا على الصراعات لها
فائض كبير لا ينبض ومحاولة العناد والهروب من باب الإنكار أو السكوت عنها لا يفتح لنا
طريقاً للبحث عن حلول لها و لا يساهم من جهة ثانية  في تقليل عدد من يدخلوا بوعي أو دونه فيها، ونرى
هنالك ثلاثة عوامل وراء ذلك الأول- الصراع الداخلي الأحوازي- الأحوازي، وبوحي من الشعور
العشائري وأن هذا الأخيركامن في وعينا (الجماعي الظاهر أو المكبوت) ولقرون وظهوره
(( العشائري )) بالتعبير المعاصر أو (( العصبية )) وفق تعريف أبن خلدون كعلاقات وروابط
هو شعور لم يضعف وينعدم لصالح (العلاقات والروابط الوطنية الأحوازية) لا عند من يتكلموا
السياسة ولا عند الجماهير، فهو فقط يتلون ويظهر بأشكال مختلفة عند الجميع حسب المنافع
أو الضغوط المجتمعية فيظهر بحلة السياسة، أو ضعف مصلحة العشيرة أو المجموعة السياسية
أو الفئة المنفعية. العامل الثاني- الصراع على الموقع المعنوي والمجتمعي ويؤدي هذا
إلى السعي للتصفية والتخلص لدرجة القتل ومجاله يكون مرة  داخلي- داخلي ويسبب تشرذم وتمزق ومرة التوسل بالأداة
تكون خارجية وهوما يسمى ( الخيانة ) وكلاهما كما يقول العرب لهم نظائر وشواهد في تاريخنا
الأحوازي المعاصر ويقف وراء هذا العمل الظلم والفقر فينتج  حقداً داخلياً وسط المجموعات السياسية وهو ناتج
من  حقد جماعي مجتمعي نسميها ثقافة الكراهية،
وهناك مفارقة أحوازية وهي أن من المعروف أن التصفية والتخلص من الطرف المنافس الداخلي
السياسي لا تكون في مرحلة الدعوة أو النضال، إنما يحصل كل ذلك عند أستلام الحكم ، فيتحول
الحكم الفعلي إلى عشائري عائلي فئوي أو ما يسمى الاستبداد أو الدولة العشائرية مقابل
الكفاءة والمواهب، إذاً من الجهل فهم السياسة والكلام عنها دون حضور قطبها العشائري
عندنا .

ليست عندنا أية رؤية  تنتمي إلى عصرنا هذا بالفطرة والعشائرية  رغبنا أن نستعيد بعض من حقوقنا وتمثل ذلك في رفض
نظام الحكم والسلطة (حكم رضا خان شاه إيران (1925-1942) الذي بدوره قام على تضعيف هيبة
الشيخ  وتقليص نفوذ العشيرة اقتصادياً، فكانت
التجمعات العشائرية والشعور العشائري يقوم بدل الوطنية كمفوم صالح لعصرنا، فشلت في
مهدها أن تضع خطوة على نشوء عقيدة جماعية  في
السياسة. وإن ما حصل في مجتمعنا  بقاء منفعة
الشيخ وأبناء العشيرة أولاً وأخراً ولم يتطور نحو وعي يشكل (فكر سياسي وطني) وأن الشواهد
التي تؤكد قولنا هذا كثيرة، وهنا لا نريد أن نكرر ما نقله وكتبه بتفاصيل الكاتب العراقي
علي نعمة الحلو عن (التجمعات العشائرية) في فترة حكم رضاخان بهلوي شاه إيران وخلاصة
وجهة نظرنا هي: عدم تأثير فعل التجمعات العشائرية في مواجهة رضا خان كونها لا تنبع
من مصلحة جماعية، بل إن مقصدها مصلحة ضيقة لمجموعة بعينها . لم يحصل تغيير في وعي الأجيال
اللاحقة  الصراعات الداخلية الأحوازية – الأحوازية
في مرحلة الدعوة  نشبت فانتجت  التشرذم وإعادة الفشل  ورسخت التخلّف.إن وعينا الأحوازي هو هو (فالتصّحر
الثقافي) والبدواة لم تنتج عندنا سوى أجيال تدعي السياسة وتمارس نفس الوعي العشائري
العفوي برومانسية قومية من داخل القلب وبأسلوب إنشائي وتدعي لأنفسها النخبوية دون إنتاج
و بذل جهد فكري يعطي دور ومعنى للنخبة. إن هذا يعني غياب سمة العصر عند الشعوب والمجتمعات
الحديثة والمعاصرة والسياسة لا معنى لها دونه، وأعني الفكر السياسي، (فالفكر السياسي
الوطني الأحوازي شيء أخر لم يولد بعد كفكر).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى