آراء ومقالات

من يصنع القرار في إيران..!؟

 الكثير من العرب المهتمين بالشأن الإيراني وخاصة الجانب السياسي منه يعتقدون
أن الجمهورية الإيرانية الإسلامية تمارس أفضل أنواع الديمقراطية ويعتقدون أن الحياة
السياسية فيها مزدهرة، لا تشوبها شائبة أبداً وإنما هي الأكثر تقدماً بين دول العالم
وخاصة منطقة الشرق الأوسط، وتأتي هذه الرؤية عند المواطن العربي من خلال السياقين التاليين:

1 – المعلومات
المتوفرة عن إيران عند العرب شعوباً وأنظمة ومؤسسات هي معلومات مغلوطة ومزورة، لأنها
تفلتر وتنقى من قبل المؤسسات الإيرانية ذات الشأن ومن ثم تصل إلى العرب، لذلك تُجرد
طريقة نقل المعلومات من صفة الحيادية والمهنية وتدخل في إطار الأدلجة والانحيازية لصالح
المشروع الإيراني، وهذا أسلوب توجه معتمد لدى الجمهورية الإيرانية الإسلامية يسيطر
عليه الحرس الثوري ومؤسساته الدينية والاقتصادية والسياسية…

2 – روّج لهذه
المعلومات المغلوطة والمغلفة بالطابع الديني في الوطن العربي وتم تبنيها من قبل شخصيات
ومؤسسات عربية لا تتمتع بالروح الوطنية، فأصبح شغلها الشاغل هو التطبيل والتزمير للأفكار
الإيرانية ومشروعها حباً بالتومان وعبادة له(طبعاً عند الفرس البعض من يعبد النار)،
رغم أن التومان الإيراني عفن في شوارع طهران.

عادة في الدول التي تطبق الديمقراطية وتراعي حقوق الانسان توجد فيها الكثير
من المدارس الفكرية التي تنشر افكارها بين الجماهير وتوسع قواعدها الشعبية بحرية تامة
وبعيداً عن المضايقات والقيود المفروضة. أما في إيران التي تتمظهر بالإسلام وتتشدق
«بالديمقراطية « الفريدة من نوعها في العالم، نرى وبكل وضوح ازدواجية المعايير والانحياز
في جميع تصرفاتها وقراراتها الداخلية والخارجية، حيث إنها من خلال اضطهادها للقوميات
غير الفارسية التي تقبع تحت حكمها وازدرائهم يمكن القول إن وحشيتها تجاه هذه القوميات
تفوق وحشية الكيان الصهيوني في تعامله مع العرب الفلسطينيين.

الأمثلة التي تتحدث عن الحياة السياسية المغلقة في ايران كثيرة و متنوعة بداية
من علاقات السلطات الإيرانية مع الشعوب غير الفارسية حيث تعتمد أسلوب الاقصاء وعدم
الاعتراف بها مروراً بمصادرة الحقوق السياسية ومنع أي نشاط سياسي خارج عن عباءة الولي
الفقيه ونهاية بالنشاط السياسي الشكلي الذي لا يحتوي على مضمون ديمقراطي وتقدمي ولا
يستند على شكل عقلاني متعارف عليه عالمياً، حيث تعتمد معظم القوى السياسية في الجمهورية
الإيرانية الإسلامية على مشرب فكري واحد وتتشرب منه القيم السياسية والدينية وتتأطر
ضمن توجهاته وتدين بالولاء لولي الفقيه.

أصبحت غالبية هذه القوى السياسية مجموعات اقتصادية ودينية ضاغطة تهدف إلى جني
المكاسب والتأثير على القرارات لا من أجل المنافسة على تولي الحكم وإنما تظهر سياسياً
وتنشط في فترة الانتخابات وغالباً ان الكثير من هذه القوى السياسية ينتهي عملها السياسي
فور انتهاء الفترة الانتخابية.

لذلك لابد من الإشارة وبإيجاز عن خفايا النظام في الجمهورية الإيرانية الإسلامية
وخاصة بعد سقوط نظام طالبان في أفغانستان عام 2001 م وسقوط نظام البعث في العراق عام
2003 م، بعد هذه الاحداث المهمة التي حدثت في المنطقة أثرت على الساحة الداخلية الإيرانية
ومهدت الطريق امام الحرس الثوري للتحول إلى دويلة داخل دولة، فإضافة على قدراته العسكرية
والسياسية والاستخباراتية وارتباطه المباشر مع الولي الفقيه أصبح يملك مؤسسات اقتصادية
عملاقة ومهمة في إيران ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا حيث تشير الاحصائيات من دوائر
حكومية في ايران أن الحرس الثوري يسيطر على 70 بالمائة من ثروات البلاد.

الحرس الثوري خلال العقود الثلاثة الماضية مر بسلسلة مراحل يمكن تصنيفها كالتالي:

أولاً: إنشاء و تشكيل الحرس الثوري على أسس الجيوش المحترفة .

ثانياً: التوسع الاقتصادي والسيطرة على مفاصل الحياة الاقتصادية في جمهورية
إيران الإسلامية .

ثالثاً: وضع السياسات وصناعة القرار من خلال سيطرته على رئاسة الجمهورية والبرلمان(مجلس
شوري إسلامي) وكذلك غالبية الوزارات ومن خلال ارتباطه المباشر مع الولي الفقيه.

رابعاً: أدلجة الدولة وإعادة بناءها والتحكم بمفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية
والسياسية .

خامساً: صناعة المرشد(ولي الفقيه) وتهيئة الشخصيات المناسبة لاستلام هذا المنصب
في حال حدوث حالة معينة للمرشد.

 لكن رغم هذه الحقائق في إيران وطريقة
الحكم فيها هل من المجدي أن يترقب الموطن العربي خليفة أحمدي نجاد ويتساءل عن الشخص
الذي من الممكن أن يستلم هذا المنصب في إيران ونوعية الحكومة المقبلة وما هي توجهاتها
في الجمهورية الإسلامية الإيرانية…!!؟ ويا ترى هل هي اصلاحية أم على نفس المنهج الذي
كان عليه أحمدي نجاد. علماً أن الاصلاح في إيران ولد ميتاً.

 

المصدر: جريدة الرأي
الأردنية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى