آراء ومقالات

سوريا.. من يوقف النزيف..والتقسيم؟

ينزف الجسم السوري بغزارة
مما يهدد حياة سوريا للأبد إن لم يجر تدارك ذلك بسرعة بعدما اخذ النظام بالخيار الأمني
وأدار ماكنة الحرب التي تحصد الأخضر واليابس وقد أدى عمق الجرح السوري واستمرار نزيفه
الى تلوث واسع حين عبرت إلى سوريا قوى عديدة مختلفة الأجندات والاتجاهات بعضها وراءه
دول وأجهزة استخبارية وبعضها الآخر يمثل تنظيمات أصولية أو ارهابية ومتطرفة بإسم الجهاد
والمجاهدين.

من حق الشعب السوري أن
يقاوم وأن يصل بثورته إلى النتائج التي تبقى على وحدة التراب السوري وتمنع انهيار سوريا
وتقسيمها ومن حقه» أي الشعب السوري «بكل ممثليه وتلاوينه السياسية والعرقية والمذهبية
والثقافية أن يدين التدخل الخارجي أياً كان شكله فالسوريون قادرون وحدهم أن يحسموا
أمورهم اذ أن التدخلات الخارجية تزيد أزمتهم تعقيداً وقد تأخذهم بعيداً عن الخلاص.

قد يسقط الأسد خلال أيام
أو اسابيع نتاج لما تطورت اليه الأوضاع ولكن ليس بالضرورة أن تتوقف الحرب الداخلية
أو يتوقف اطلاق النار وهناك تجربة العراق والصومال وبلدان أخرى ..سقط الشخص وبقي النظام،
وبقي الصراع عليه مستمراً.

الخشية التي عبّر عنها
الملك عبد الله الثاني مبكراً ومنذ السنة الأولى من بدء الأزمة السورية على شكل رؤية
للملك عن الصراع في سوريا ان سقوط الأسد لا يعني الكثير وانما لا بد من تغيير النظام
وهذا التغيير يراه الأردن بأسلوب مختلف عما تراه مجموعات أخرى اقليمية ودولية فالأردن
يرى ضرورة معرفة ما ستؤول اليه الأوضاع في سوريا أي من سيحكم سوريا وهذا شرط من شروط
النجاة وليس دفع سوريا إلى الهاوية وجعلها نهباً لقوى متصارعة تفرض أجنداتها وتصوراتها
على حساب الشعب السوري ومستقبله.

الملك كان قبل أكثر من
سنة وعلى مسمعنا في بيته قد حذر من ذلك وها هو يلهم المجتمع الدولي أثناء زيارته الأخيرة
لبريطانيا هذه الرؤية ويرى ضرورة انقاذ سوريا مما يخطط لها أو تدفع له وضرورة فضح بعض
الخطط المغطاة او تلك الجهات التي تضغط على الأردن للتدخل في سوريا بصورة تتعارض مع
التصور الأردني الذي رغب الأردن أن يظل واضحاً لقد لعب الأردن دوراً في تبصير اطراف
اقليمية لخطورة الحريق السوري واستطاع أن يكسب الموقف السعودي المزيد من الاعتدال والرؤية
الصائبة وكذلك موقف دولة الإمارات العربية الواضح حيث تكون هذه الأطراف الثلاثة ومعها
اطراف دولية بدأت تتفهم الوضع السوري بصورة مغايرة ومن هنا يأتي تروي الادارة الأمريكية
الجديدة (إدارة أوباما الثانية) لخطورة الاندفاع في الأتون السوري والتحفظ على امداد
المعارضة بأسلحة نوعية أو قبول تدفق قوى متطرفة مثل تنظيم «النصرة» أو غيره.

الأردن يرى أن سوريا لا
بد أن تحافظ على هويتها العربية وملامحها التقدمية التي تعكس طبيعة شعبها وان يجري
الابتعاد بها عن الحروب الطائفية أو بيعها برسم طائفي تعمل عليه دول وجهات في المنطقة
ضمن محور جديد فيه تركيا ومصر وقطر وتقوده فرنسا.

هناك خطورة من جر سوريا
الى حرب طائفية وصراع طائفي أوتصفية حسابات طائفية في الإقليم كما جرى في جر العراق
من قبل إليها وكان ما كان لأن هذه الأجندة التي بدأت تتكشف والتي تلبس لباس الاسلام
السياسي ومنظماته تكشف عن خطط رهيبة حيث تنخرط دول لا علاقة لها بذلك وإنما بمهام وتكاليف
محددة ومدمرة.

سوريا الان ان لم ينهض
العرب وخاصة محور السعودية الأردن الإمارات وتحريك العرب الاخرى المحايدة والصامتة
والبعيدة فإنها سوف تذهب إلى التقسيم..دولة للأكراد في الشمال والشمال الشرقي في منطقة
الجزيرة لتلبي مطالب دولية ودولة درزية في الجولان تحت الابط الاسرائيلي وتمتد إلى
السويداء وأخرى علوية في الساحل الشرقي ورابعة سنية على شكل كنتونات..وبالتالي تسقط
سوريا وتبقى اسرائيل التي تنفذ هذه الأجندات لصالحها هي الأكبر والأكثر نفوذاً..لهذا
ظل الأردن في المنطقة الرمادية من سوريا وظل يقرأ ويحلل وليبصر مخاطر استمرار القتال
والنزف السوري.

alhattabsultan@gmail.com

 

المصدر: الرأي الأردنية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى