السعودية والإمارات.. و«الفئة الضالة»
هذا خبر خطير، ومؤشر على
أن قادم الأيام صعب، والخبر هو إعلان السلطات الأمنية الإماراتية عن إلقاء القبض على
خلية إرهابية من «الفئة الضالة» كانت تخطط للقيام بأعمال إرهابية في الإمارات نفسها،
والسعودية، وبعض من «الدول الشقيقة»، واللافت في الخبر هو إعلان الإمارات أن الكشف
عن الخلية تم بتنسيق مع السعودية.
نقول إن التنسيق السعودي
– الإماراتي لافت لأنه للتو أقرت القمة الخليجية في البحرين الاتفاقية الأمنية المعدلة
بين دول مجلس التعاون الخليجي. وكما كتبنا أمس، فلا بد من وجود تنسيق أمني مشترك بين
دول الخليج، وعلى أعلى المستويات، وهو أمر حيوي من أجل أمن الخليج، وها هو الإعلان
الإماراتي يؤكد أهمية التعاون. كما أن إلقاء القبض على الخلية الإرهابية يقول لنا إن
خطر الإرهاب لم ينته في منطقتنا، وتحديدا الخليج، وإنه لا مناص من التنسيق والتعاون.
فالإعلان الإماراتي يقول: «إنه بالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة بالمملكة العربية
السعودية، تم إلقاء القبض على خلية منظمة من الفئة الضالة من مواطني البلدين كانت تخطط
لتنفيذ أعمال تمس بالأمن الوطني لكلا البلدين وبعض الدول الشقيقة».
وتعبير «الفئة الضالة»
يطلق عادة في السعودية على تنظيم القاعدة، مما يعني أن ليلنا طويل مع هذا التنظيم الإرهابي
وليس كما اعتقد البعض في المنطقة وخارجها، بأن الربيع العربي كان إيذانا بانتهاء «القاعدة»،
وأنه كان يضخم دورها وحجمها من قبل الحكومات العربية. والحقيقة الماثلة أمامنا، سواء
من إعلان الإمارات عن إلقاء القبض على هذه الخلية، أو ما أعلن في تونس، أو المغرب،
وما يجري في ليبيا، وما يحدث في اليمن، هذه الحقيقة تقول لنا إن «القاعدة» موجودة،
ونشطة، وتريد تحقيق أكبر قدر ممكن من الجرائم الإرهابية، وليس في سوريا، كما يردد الغرب،
بل بين ظهرانينا، فـ«القاعدة» الحقيقية في سوريا هي الأسد ونظامه!
وعليه، فإن إعلان الإمارات
عن إلقاء القبض على الخلية الإرهابية يقول لنا عدة نقاط مهمة؛ الأولى هي أهمية التنسيق
الخليجي، لأن أمن الخليج واحد. والثانية أنه ما دام ليس هناك استهداف حقيقي لكل محركات
التطرف، من قول، وفعل، سواء بالدعم المالي، أو التحريض، واستسهال استصدار الفتاوى،
فإنه لا أمل في النجاح في محاربة الإرهاب، فكل ما تم ضد الإرهاب أمنيا يعد أمرا مميزا،
لكن المعركة الفكرية ليست بالمستوى نفسه، فما زال هناك الكثير مما يجب فعله. والأمر
الثالث، الذي لا يقل أهمية، فهو: إذا كانت السعودية قد سدت بشكل مذهل كل مصادر التمويل
لتنظيم القاعدة، والإمارات لا تتساهل إطلاقا مع التطرف، فهنا لا بد من التساؤل: من
الممول لتلك الخلية؟ ومن أين حصلت الخلية على المعدات التي بحوزتها، بحسب ما صدر في
البيان الإماراتي الرسمي؟
من المهم أن يطلع الرأي
العام على تلك المعلومات، فمثلما نقول إن هناك تقصيرا في الحرب الفكرية على «القاعدة»،
إلا أن هناك أيضا ممولا ماليا لم يتوقف قط عن تمويل «القاعدة»، والأهداف واضحة جلية،
وهي ضرب أمن الخليج العربي كله، والكشف عن التمويل يعد جزءا من محاربة التطرف بمنطقتنا
من دون شك.
المصدر: جريدة الشرق الأوسط