آراء ومقالات

اتفاق وشيك بين ايران والغرب

ايران التي تعاني من العقوبات
الدولية قلقة للغاية على استمرار نظام الملالي ان استمرت تلك العقوبات الخانقة لذا
قررت اخذ هدنة والاستسلام الموقت الجبري للمطالب الغربية بوقف تخصيب اليورانيوم والتخلي
الاجباري عن تصنيع القنبلة, والتخلي موقتا عن احلامها في الهيمنة والنووي عماده, لان
المشروع النووي ليس بغرض نهضة الشعب الايراني, بل هو لترسيخ الحكم واستقراره وتمكينه
وتوسعه وتمدده, فدعك من حكاية الشيطان الاصغر والاكبر والممانعة والمقاومة  التي هي خزعبلات وتكتيكات, المهم والاهم هو تمكين
النظام وتوسعه وتمدده اقليميا لاقامة المشروع الاقليمي المهيمن عليه من قبل آيات الله.
فالنووي لا يمكن ان يوجه لا نحو الشيطان الاصغر او الشيطان الاكبر, بل هو اداة ابتزاز
للجيران على الطرف الاخر من الخليج العربي. يريد الايراني من تلك الدول ان تركع وتخضع
له باقدارها ومقدراتها وثرواتها لانه يرى نفسه وصيا  قيما عليها من حقه الهيمنة والسيطرة, بشرا وحجرا
ونفطا وغازا.

هم مرغمون على تأجيل طموحاتهم
النووية لان الهزائم تترى واوراقهم لم تعد تجدي.

هم يعلمون ان انتاجهم النفطي
خفض ولم تتأثر اسواق النفط لان روسيا الحليفة استغلت الموقف ورفعت انتاجها النفطي الى
نحو عشرة ملايين ونصف المليون برميل يوميا, والمملكة السعودية اعلنت بحكم انها لن تسمح
بأن يعاني العالم من شح النفط ولا بارتفاعه الحاد ومن ثم ستغطي اي نقص, ولكن روسيا  قامت بالواجب وضربت بعرض الحائط الصداقة مع ايران
وبالتخالفات الموهومة معها وضربتها في الصميم وتحملت هي العبء الاكبر عن السعودية وملأ
الدب الروسي  جيوبه  غير مبال بافلاس اقتصاد حليفه الايراني!

العالم بات يعرف ان اوراق
ايران للهيمنة على الخليح والشرق الاوسط تتراجع وتتبعثر فحليفه السوري على وشك السقوط,
وحتى سقوطه فلا دور فاعل له, بل هو المفعول به من شعبه الثائر عليه, وحليفه في العراق
يواجه صعوبات عنيفة اذ اتضح له ان تحالفه وخضوعه مع طهران غير كافيين لحكم العراق وانه
غير قادر على الحكم وحده وبمفرده, فالسنة والاكراد ضاقا ذرعا بممارساته المعادية للديمقراطية
المستهدفة الانفراد بمصائر الحاضر والمستقبل لهذا الشعب المكلوم المثخن بالتجارب الديكتاتورية
المتطلع إلى الحرية والتحرر في كل مناحي حياته,

وان حليفه وصنيعته »حزب
الله« كما لاحظ الكثير من الدارسين والمحللين الغربيين  تبدل الحال والاحوال, فعلى مدى معظم فترات العقد
الماضي كان الحزب  يحظى بوضعية تتيح له الغرور
والزهو, لكن بعد مرور  اكثر من عشرين شهراً
على الانتفاضة الشعبية في سورية التي تهدد باسقاط نظام الأسد, وقطع خطوط الإمداد ل¯
“حزب الله”, وترك التنظيم محاطاً بأغلبيات ساحقة من المسلمين السنة, فإن
الحركة تواجه ضغوطاً لم يسبق لها مثيل, ويبدو أن قائدها حسن نصر الله الواثق من نفسه
عادة, ينتابه القلق في الوقت الحالي كما لاحظوا انه “رغم أن خطاباته لا تزال تعكس
التظاهر المعتاد بالشجاعة, إلا أن في ظهوره الأخير لا يبدو أن نصر الله هو كما كان
سابقاً. كما لاحظوا الامر الأكثر إثارة للدهشة أن عالم الدين الممشوق القوام الذي يرتدي
العمامة أصبح أكثر بدانة, وربما كان أسلوب الحياة في الملاجئ المحصنة وما يصاحب, ذلك
من غياب التمارين الرياضية قد أثر على الشيخ الذي كبر في السن. أو ربما يتناول نصر
الله الكثير من الطعام بسبب الاضطراب والضغط. من هنا فان الخضوع الايراني للعقوبات
الدولية املته ضرورات اقليمية ومحلية مباغتة عاجلة خطيرة تهدد كيان النظام الايراني
وتهدد بقاءه واستمراره وسقوط مشاريعه, ولكن كان لابد له -لكي لا يظهر كذلك امام الشعب
الايراني المكتوي بالفقر والتهميش والاقصاء وحرمانه من ثرواته – من خطوات تمهيدية تجعل
الهزيمة نصرا والخضوع اجتياحا والركوع فتحا الهيا. ومن تلك الخطوات التمهيدي, اولا:
اجرت ايران خلال الايام الاخيرة مناورات عسكرية 
بحرية واسعة النطاق. وثانيها: تجريب محاولة جديدة لشق موقف أوروبا عن موقف الولايات
المتحدة, لمواصلة كسب الوقت للتعامل مع الدول الغربية بعد فشل كل المحاولات السابقة,
ومحاولة تأليب بعض الفئات ضد حكوماتها في اليمن والبحرين وفتح حرب اعلامية ضد السعودية,
ومع كل ذلك ستفتح ايران موقع بارشين العسكري وستقبل بالرقابة الدولية الصارمة على منشآتها
النووية مقابل تخفيف ثم الغاء العقوبات الدولية الصارمة عليها. وستعلن لشعبها انتصارها
النووي !

* خبير مصري بالشؤون السياسية والستراتيجية

mahmoudhanafia@gmail.com

 

المصدر: جريدة السياسة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى