«بالمشبرح».. الإيراني أهم من السوري!
كعقد انفرطت حباته وتتساقط
سريعا الحبة تلو الأخرى، يفضح النظام السوري عن وجهه وتستمر الفصول المختلفة في كشف
سلسلة لا تنتهي من الخدع والأكاذيب التي بنى عليها حكمه وروج لها سنين طويلة. والآن
ها هو يقدم للعالم دليلا جديدا على أولوياته وأهدافه. فالنظام الذي «فاوض» الجيش الحر
عبر وساطات تركية وقطرية لإطلاق 48 إيرانيا كانوا بقبضة الثوار مقابل آخرين موجودين
لدى النظام في السجون، وأعطى أولوية لإطلاق الإيرانيين دون التطرق إلى إطلاق أعداد
كبيرة من «شبيحة» و«جند النظام» المأسورين لدى الجيش الحر والنظام يبدي موقفا علنيا
وواضحا بشأنهم، فهو «يرفض» التحاور مع «جماعات إرهابية» بحسب ما يقول.
وهذه الصفقة الأخيرة تركت
صدى سلبيا كبيرا في السوريين الموالين للنظام والداعمين له وهم الذين عبروا بمرارة
شديدة عن غضبهم وحزنهم وإحباطهم واستيائهم من الإفراج عن إيرانيين بينما أولادهم وإخوانهم
وبعضهم من أخلص الرجال الضباط في الجيش النظامي لا يزالون في قبضة الجيش الحر.
وليس سرا اليوم أن مجموعة
الإيرانيين هذه هي في واقع الأمر مجموعة من الحرس الجمهوري الإيراني ومن فرقة مدربة
على العمليات الخاصة، وأتت إلى سوريا لمساعدة النظام في عملياته الأمنية المختلفة لقمع
الثورة والقضاء عليها، وتم الترويج إعلاميا بشكل هزلي ومضحك طبعا غير مقنع أن هذه المجموعة
أتت إلى سوريا «للحج»! المباحثات السرية لإطلاق سراح المجموعة الإيرانية عقدت لمدة
ثلاثة أشهر متتالية بحضور ممثلين عن تركيا وقطر وإيران والنظام مع ممثل للواء «أبو
البراء» إحدى كتائب الجيش الحر وكانت تعقد هذه المفاوضات بفندق بقلب دمشق.
إيران مارست ضغوطا هائلة
على نظام بشار الأسد للدخول في مباحثات فورية مع الجيش الحر لإطلاق سراح مواطنيها قد
يكون ذلك لأن إيران باتت تدرك أن النظام يعيش أيامه الأخيرة ولا تضمن إمكانية إجراء
صفقة لإطلاق مواطنيها لاحقا وهو احتمال كبير جدا في ظل الأوضاع المتدهورة للنظام.
وشبه المتابعون هذه الصفقة
مع ما يتم بين إسرائيل والفلسطينيين، فهذه الصفقة شهدت إطلاق 48 إيرانيا مقابل ألفين
من السجناء السوريين مع تحفظ النظام السوري ورفضه لإطلاق سراح 3 شخصيات محورية ورمزية
ضمنهم وهم: طل الملوحي وحسين هرموش وشبلي العيسمي مع العلم أن النظام حرر الألفي معتقل
دون قيد أو شرط وهي سابقة تسجل للثورة السورية والجيش الحر تؤكد أن النظام الأسدي يحكي
شيئا في خطاباته وبياناته واجتماعاته ويقوم بعمل شيء آخر خلف الكواليس مع العلم، وضرورة
التركيز، بأن النظام السوري أعطى أولوية واضحة جدا وصريحة جدا للإيرانيين الذين هم
أهم لديه من اللبنانيين السبعة المعتقلين في حلب لدى الجيش الحر والتابعين لحزب الله
وأهم من أرتال الشبيحة السوريين، وأن الإيراني «أهم» من اللبناني والسوري لدى النظام.
النظام الأسدي حدد «ملامح»
الفترة القادمة ولن يتردد في تزكيتها، إنه يعتبر المرحلة القادمة هي مرحلة «بقاء» و«مصير»
ويراهن بالتالي على البعد «الطائفي» لهويته وهذا المد والفكر «كفيله» له هي إيران وحدها
وخصوصا بعد ما «سقط» قناع العروبة والمقاومة المزيف ولم يعد أحد مقتنعا بهذه الأكذوبة
الرخيصة.
ولهذا الرهان ثمن مضاعف
لأنه كفيل بتمزيق البلاد والمنطقة بتأجيج عواطف ومشاعر جاهلة تكتوي بها المنطقة بين
فترة وأخرى وكأنها موعودة مع العذاب المتجدد. صفقة أسرى إيران التي رعاها نظام بشار
الأسد هي فصل جديد لمسلسل الأوهام والأكاذيب الذي بني عليه. ولكن تستمر الآية الكريمة
صالحة لتفسير ما يحدث في سوريا: «ليميز الله الخبيث من الطيب».
المصدر: جريدة الشرق
الأوسط