أكبر المتضررين من التلوٌن الإيراني

تغيّر مستمر في المواقف،
لا ثبات ولا استقرار في السياسة الإيرانية. عدوة أمريكا وربيبتها إسرائيلوتشتمهما بعد
كل صلاة. وتقف إلى جانب أمريكا في خندق واحد ضد طالبان أفغانستان المسلمة، وضد العراق
العربي المسلم أيضا وتتفاخر بموقفها المشين هذا!تدعي إيران إنها دولة إسلامية بامتياز
وصدعت رؤوسنا من كثرة تبجحها بهذا. وفي نفس الوقت لم تنبس ببنت شفة تجاه ما يحصل في
الشيشان مثلا لأنها على علاقة نفعية مع روسيا وفي المشروع النووي الذي تعمل فيه روسيا
مصلحة فارسية عليا. دولة شيعية هي لكنها تقف إلى جانب أرمينيا غير المسلمة في حربها
ضد أذربيجان المسلمة والأكثر تشيعا من إيران نفسها!دولة مسالمة هي وتحب جيرانها وتريد
لهم الخير وتتمنى لهم الرقي والتطور والاستقرار، لكنها ترسل إشارات المحبة والسلام
عبر تصريحاتها الفجة ومناوراتها الاستفزازية وتصريحات مسؤوليها الاستعلائية أي على
طريقتها الخاصة. إذن إيران مثيرة للجدل ومتناقضة ولا يمكن التنبؤ بمواقفها، هذا ما
يمكن استنتاجه في الوهلة الأولى.

كلّا. إيران ليست متناقضة
أو غير مبدئية كما يظن البعض، بل منسجمة جدا مع نفسها. هي هكذا من قديم الزمان. ولو
تابعنا قليلا تصرفات المسؤولين الإيرانيين نجد أن التلوّن في السياسة الإيرانية لا
يخرج عن كونه قوميا فارسيا عنصريا. لكنه يتلون حسب الظروف بألوان ثلاثة لا غير. لونان
مزيفان تغيّرهما الدولة الفارسية متى ما شاءت. اللون المزيف الأول إسلامي واللون المزيف
الثاني شيعيطائفي والثالث فارسي عنصري وهو لونها الثابت والحقيقي. كي نأمن شر إيران
يجب علينا ألا نراها إلا بلونها الحقيقي، اللون القومي الفارسي. ولا ننجذب إلى أي من
لونيها الزائفين. إيران أثبتت منذ قرون إلى يومنا هذا إنها ليست فقط لا تريد الخير
للعرب بل تضمر الشر لهم. وما هذان اللونان إلا مصيدة وخدعة لمن تغريه المسميات أو ذاكرته
قصيرة فلا يستطيع الرجوع عبر مخيلته إلى الوراء قليلا.

عندما تعلن إيران أنها
عدوة أمريكا وإسرائيل تريد بذلك الضحك على المسلمين والعرب بالذات كي تخترقهم تنفيذا
لأهدافها المعلنة الواضحة باستعادة أمجاد فارس المزعومة. وعندما تدعم الشيعة وتعتبرهم
رعاياها في الدول الأخرى لها أهدافها الخاصة أيضا.لهذا عندما تأكدت إيران من إنشاء
قاعدتها الطائفية في لبنان صرح حينها سفيرها في بيروت قائلا: ها نحن وصلنا إلى البحر
الأبيض المتوسط ما لم يستطع الشاه -مللك إيران قبل نظام الملالي-الوصول إليه. إذن المتضرر
الأكبر من يعتقد أن هذا الدعم الذي تقدمه إيران بلا حدودأومن أجل سواد عيون الشيعة
أو المسلمين العرب. فهي تدعمهم طالما يشكلونخطرا على بلدانهم ويمنعون تقدمها وينفذون
المشروعالفارسي المعادي للعرب وأمنهم واستقرارهم،وطالما يسبحون ضد التيار. وتدعم بعض
التيارات الإسلامية مادام هذا الدعم سيخلق فتنة وتفرقة بين أبناء الوطن الواحد.

 في النهاية يمكننا وصف إيران بالحرباء. رغم أن الحرباء تغيّر لونها كي تبقى
على قيد الحياة وكي تتلاءم مع محيطها. لكن إيران تغيّر من لونها كي لا يعيش الأخرون.
فتلوّن إيران ليس من أجل الانسجام والوئام مع الأخرين بل من أجل التهامهم والقضاء عليهم.
والمتضرر الأول هم العرب جميعا والأكثر تضررا من العرب تلك الفئات التي رهنت نفسها
خدمة للمشروع الفارسي بعلم أو دون علم. ومن أجل اختبار إيران ما على هذه الفئات إلا
العودة إلى أحضان أوطانها والانسجام مع مكوناتهاالاجتماعية. عندها سنرى كيف ينقلب حب
إيران للشيعة والمسلمينإلى كره شديد وسنكتشف ذاك الكم الهائل من الحقد الدفين منذ ما
يقارب 1400 عام أو ربما أكثر إلى كل ما هو عربي بغض النظر عن دينه وملته أو مذهبه وطائفته.

المصدر: العرب الان