اغتيالات العراق و تنشيط الخلايا الإيرانية الساكنة؟
حملة الاغتيالات الإرهابية الجبانة التي طالت عددا من الشخصيات السياسية والعشائرية
في العراق والتي ستتوالى وتستمر بكل تأكيد وسط تخطيط إجرامي وإرهابي وإستخباري مبرمج
, ماهي إلا خطوة أولية في برنامج تصفوي وإرهابي كبير تقف خلفه الأحزاب الطائفية التي
تصر على الإستحواذ على مصير الشعب العراقي وفق نظرية “ما ننطيها” المالكية
الوقحة والتي سبق لأمين عام حزب الدعوة نوري المالكي ان أعلنها علنا وعلى رؤوس الأشهاد
في موقف كان يعبر عن حقيقة النوايا التسلطية لهذا الحزب الفاشي الفاشل العميل وصاحب
البرنامج الهادف إلى احتواء العراق أو السيطرة عليه أو تدميره بالكامل , وهو ما يحصل
حاليا وحيث باتت تتحدد وتتراءى لكل ذي بصيرة حقيقة السيناريوهات الإرهابية المرعبة
المخططة للعراق والتي تقف خلفها مخططات وأحابيل المخابرات الإيرانية ووكلائها في الشرق
القديم , من الواضح إن المشهد العراقي في ظل التسابق المحموم للقوى الطائفية قد وصل
اليوم إلى مفترق طرق حاد توضحت معالمه من خلال إطلاق حكومة حزب “الدعوة”
للخلايا الإرهابية الطائفية المرتبطة بالنظام الإيراني و المنسقة معها من أجل تنفيذ
حلقات السيناريو الإرهابي الذي كشف عن حقيقته و بجلاء المعمم الإرهابي الصفوي واثق
البطاط قائد عصابة ما يسمى “حزب الله” الذي هدد بالنزول للشارع واطلاق حملة
إغتيالات ضد القوى العراقية الحرة وهو ماحصل بالضبط من خلال إغتيال شيخ مشايخ عشائر
الجبور في الموصل وهي إحدى نقاط الحراك الشعبي الثوري العراقي الساخنة , وفي إغتيال
النائب عفتان العيساوي في الفلوجة من خلال عصابات “القاعدة” المرتبطة بالحرس
الثوري و”فيلق القدس” , إضافة إلى حملات الإغتيال المقبلة التي ستقوم بها
عناصر تنظيم “عصائب أهل الباطل” وهم الجناح الإرهابي السري لحزب المالكي
وحيث يحتفظ بهم في صراعه ضد التيار الصدري إن خرج عن النص وشذ عن الخط الطائفي المعروف
, إضافة إلى القوات الخاصة و الميليشيات السرية التابعة لحزب “الدعوة” الذي
يخوض اليوم معركة البقاء و المصير الواحد مع جماعته في الشام ومع الفرق الإرهابية الإيرانية
في الشرق القديم بأسره , لرئيس الحكومة العراقية و الذي يكرر السيناريو نفسه لأخطاء
بشار الأسد في إحتقار الجماهير وتصعيد الأزمات و تعقيد الحلول , خبرات ميدانية كبيرة
في العمل السري ومستمدة من تاريخه العملي كمسؤول عن الجناح العسكري للحزب أيام الحرب
بين العراق و إيران , ثم كعنصر إرهابي عامل في حملات الإرهاب الإيرانية الأولى في الشرق
الأوسط من أمثال عمليات تفجير السفارة العراقية في بيروت عام 1981 والأميركية في بيروت
أيضا عام 1983 وكذلك دوره الفاعل مع الخلايا الأولى ل¯ “حزب الله” المنشقة
عن حركة “أمل” في ضرب القوات الفرنسية والأميركية في بيروت عام 1983 , إضافة
إلى دور حزب الدعوة المفصلي في تفجير السفارة الأميركية في الكويت و منشآت وطنية كويتية
أخرى أواخر عام 1983 , من دون أن نتجاهل أو نتناسى المحاولة الأثيمة لإغتيال أمير الكويت
الراحل الشيخ جابر الأحمد (رحمه الله) في مايو 1985 .
إنها ملفات خزي وعار و جريمة محفوظة في إرشيف الإرهاب الدولي و لن يسقطها التقادم
أبدا رغم أن النفاق الدولي قد حول الإرهابيين رجال دولة فاشلين , فالطبع يغلب التطبع
, ومن شب على شيء شاب عليه , والمالكي مثل صدام لا يمكن أن يعيش من دون أزمات وكوارث
ففيها وحده يجد نفسه وتزدهر ملكاته وإمكانياته من دون شك إن لجوء الجماهير العراقية
المنتفضة لرفع سقف مطالبها العادلة والشرعية نحو ضرورة إستقالة رئيس الحكومة إنقاذا
للبلد من شر قد إقترب , هو من الأمور التي تجعل حزب “الدعوة” لايلوح بأغصان
الزيتون ولا بسعف النخيل , بل بالكواتم وفرق الموت التي ستحاول إصطياد كل قادة العراق
الأحرار , ما يعني بلغة السياسة الميدانية إقامة تخندقات و تحصينات وردود فعل ستؤدي
بالضرورة لإشعال الموقف الداخلي ولربما لتفجير حرب طائفية أهلية شنيعة كبديل عن تحقيق
مطالب الجماهير , وهي مطالب معلنة وواضحة وصريحة وغير قابلة للتفاوض , حرب الإغتيالات
و الغدر ستتصاعد بكل تأكيد , فالذي يصف جماهير شعبه بالنتانة و الفقاعات لايمكن أن
يرعوي للحق وينحاز للمنطق أبدا , ومن رضع من أثداء المخابرات الإيرانية و السورية لايمكن
أبدا أن يلجأ لسلاح تفكيك الأزمة من خلال الإنصياع لمطالب الجماهير , بل سيعمد إلى
تكريس التوتر وزرع الفوضى و إشعال العراق ثم يتحدث عن تآمر دولي وأقليمي !! وهي قصة
باتت معروفة وخدعة باتت مكشوفة , الخلايا السرية الإرهابية الإيرانية في العراق تعيش
اليوم حالة تنشيط واضحة المعالم , وتتهيأ لممارسة دورها الإرهابي المعلوم , وقد نفذت
بعض المهمات وهي بصدد تنفيذ مهمات أخرى وترقبوا إغتيالات لشخصيات عراقية كبيرة ومؤثرة
, فسيناريو حزب “الدعوة” الإرهابي بائس ومكشوف , ولكن للأسف فإن الخيارات
تتجه نحوه بكل قوة في ظل الإستقطابات الطائفية الحادة التي رسمت مشهدا عراقيا بائسا
ينحو نحو الجحيم , العراق والشرق على كف عفريت , والمعجزة وحدها هي من سينقذ الموقف
, فويل للعراق وشعبه من شرور الطائفيين و القتلة و العملاء , ويكيدون كيدا و أكيد كيدا
فمهل الظالمين إمهلهم رويدا , سيهزم الإرهاب و أهله , وسينتصر الشعب الحر , وتلك سنة
الكون , ولم تجدوا لسنته تبديلا.
كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com
المصدر: جريدة السياسة