هجمة ضد البحرين والتصدي الخليجي
اعتدنا كثيراً أن تصدر تصريحات عن بعض السياسيين أو حتى المسؤولين الرسميين
في حكومات مثل إيران والعراق ضد البحرين، دون أن يكون هناك إجراء حازم تجاههم، فالإجراءات
لا تتجاوز الاستدعاء الدبلوماسي، أو إصدار بيانات الإدانة فقط.
ولكننا في الوقت نفسه لم نعتد كثيراً أن نرى تضامناً خليجياً إزاء أي تهديد
أو هجمة تتعرض لها إحدى دول مجلس التعاون الخليجي. وهذا ما حدث مؤخراً، عندما صدرت
التصريحات المسيئة للبحرين من النائب ميشال عون، فلم نواجه فقط استدعاء للقائم بأعمال
السفير اللبناني في المنامة، وإنما تابعنا موقف دول مجلس التعاون الخليجي التي قدمت
احتجاجاً لدى السفير اللبناني في الرياض على مثل هذه التصريحات.
عدم العمل ضمن منظومة الدبلوماسية الخليجية لثلاثة عقود مضت هي التي أنتجت لنا
تطاولاً وتجاوزاً وإساءة من دول الجوار ضد دول مجلس التعاون، فكثيرة هي الدول التي
آمنت بأن الاعتداء أو الإساءة ضد دول المجلس لن تكون لها ردة فعل مضادة تستحق الانتباه.
وهو الوضع يختلف تماماً عندما تغيرت السياسة وصار هناك نشاط دبلوماسي مشترك من المنظومة
الخليجية.
متى ما عملت دول مجلس التعاون بشكل مشترك ضد الإساءات سيكون هناك حاجز واضح
يمنع ظهور مثل هذه التصريحات المسيئة. وهي ليست الخطوة النهائية، بل نحن بحاجة لنشاط
دبلوماسي أكبر يتعامل مع دول المجلس ككتلة سياسية لها ثقلها الإقليمي والدولي.
بعض الدول مثل الولايات المتحدة فرضت عقوبة على حكومة البحرين قبل نحو عامين،
وحظرت عليها استيراد السلاح الأمريكي. لو كان هناك موقف خليجي مشترك آنذاك تجاه هذه
المسألة لاختلف الوضع تماماً، ولراجع أعضاء الكونغرس مواقفهم ألف مرة قبل أن يتم الموافقة
على قرار حظر تصدير الأسلحة للمنامة. وهذه الفكرة لم تستوعبها دول المجلس جيداً آنذاك،
ولكن من الواضح أن هناك تقبلاً كبيراً لها على المستوى الرسمي. وهو سياق يجب الحفاظ
عليه، وإلا لن يكون لدول المجلس أي نفوذ في النظام الدولي تماماً.
لو قررت دول المجلس خفض مستوى العلاقات على مختلف المستويات، وليست الدبلوماسية
فقط مع أي بلد من شأنه أن يسيء لدول مجلس التعاون لكانت التعاطي الإقليمي والدولي مع
القضايا الداخلية الخليجية مختلفاً عما شاهدناه، وما نشاهده اليوم.
يلاحظ خلال الفترة الحالية حجم التقارب الخليجي – الفرنسي – البريطاني، بالمقابل
هناك تباعد خليجي – أمريكي معروفة أسبابه ومبرراته. ولا أعتقد أن واشنطن ستقف دون حراك
إزاء هذه الحالة في العلاقات البينية مع دول مجلس التعاون.
المصدر: صحيفة الوطن البحرينية