آراء ومقالات

دموع التماسيح

 

لم تعد تنطلي علينا هذه الأكاذيب. تباكت المعارضة الإيرانية وتباكى الكثير من
الفرس ممن في نفوسهم غايات على جزء من الأحواز الذي يسمونه بالفارسية خوزستان. لم يبق
مجرم إلا وصار يذرف الدموع من أجل هذه البقرة الحلوب أو منجم الذهب والمجوهرات أو شريان
الحياة لإيران الفارسية كما يسمونها الفرس. نعم هكذا هي صفات المستعمرين حتى تعبيراتهم
لا تخلو من روح الطمع والجشع والاستغلالية. بقرة، حلوب، منجم، ذهب، مجوهرات وحياة للفرس،
أين حياة الشعب العربي الأحوازي في هذا؟

حدث هذا قبل أيام فقط عندما صرح مسؤول إيراني إن سورية محافظة إيران الخامسة
والثلاثون وإنها أهم من خوزستان (القسم الشمالي من الأحواز) للفرس. ربما أخطأ مهدي
طائب رئيس مقر عمار الاستراتيجي لمكافحة الحرب الناعمة في إيران بنظر البعض من الإيرانيين
عندما قارن بين النصف الشمالي من الأحواز وسورية. لكنه في الحقيقة لم يخطئ حيث لم يقارن
سورية بمنطقة أخرى من إيران بل قارنها بما يشبهها شعبا وأرضا ووضعا. وما أكثر أوجه
الشبه بين الأحواز وسورية اليوم.

كما إنه ليس أول من يتحدث عن الأحواز باعتبارها ليست إيرانية بل مستعمرة وغالية
فقط بثرواتها. ولابد وأن تعود يوما الى أصحابها الحقيقيين وهم عرب الأحواز سكان هذه
الأرض منذ القدم من مضيق هرمز (باب السلام) إلى عيلام. فقبله أيضا في بدايات الثورة
الإيرانية عندما كان جمع من رجال الدين يناقشون وضع الأحواز ويتآمرون على الشعب العربي
الأحوازي في منزل خميني المرشد آنذاك، طل عليهم أحمد خميني حيث كان يسمع أصواتهم مرتفعة
وقال لهم لمَ كل هذا الصراخ، أو هل تعتقدون إن الأحواز ستبقى لكم إلى الأبد؟ عندها
رد عليه أبوه خميني: اخرس ولا تتحدث في هذا الموضوع ثانية.

 

الفرس جميعا حكاما ومعارضين يعلمون جيدا إن الأحواز ليست سوى مستعمرة وأفعالهم
اليومية تدل على هذا. في الآونة الأخيرة ازدادت وتيرة الإعدامات بحق نشطاء الأحواز
رغم أنها لم تتوقف منذ بدء الاحتلال. ندد بها العالم دولا ومنظمات رسمية وغير رسمية
وطالب إيران بوقفها. لكن المعارضة الفارسية كجميع الفرس داخل إيران، كانت بعيدة كل
البعد عما يدور في الأحواز بل كانت تتشفى بما يحصل لأبناء الأحواز. لأن المستعمر لا
يهمه سوى الثروات.

بينما خرج الفرس علينا من كل حدب وصوب عندما قال أحدهم إن سورية أهم لهم من
خوزستان (القسم الشمالي من الأحواز). والطريف والغريب في نفس الوقت إن رضا بهلوي حفيد
محتل الأحواز هو أيضا ودون حياء أصدر بيانا يندد من خلاله بما تفوه به مهدي طائب. متناسيا
إنه وعائلته يتحملون مسؤولية كبرى تجاه الشعب العربي الأحوازي. وما يملك من ثروة اليوم
هي أموال الأحواز المسروقة التي هربتها عائلته إلى البنوك الأجنبية قبل سقوط حكم العائلة
عام 1979.

أما لسان حال الأحوازيين والعرب الشرفاء و هم السواد الأعظم من الأمة يقول:
لا تتباكوا على الأحواز فلن تنطلي علينا أكاذيبكم هذه. نحن نعلم إن هذه دموع تماسيح.
فالأحواز حبيبة وغالية علينا نحن العرب كما نعتز بسوريا أيضا. فهذه وتلك أرض عربية
واحدة استطعتم في غفلة من الزمن أن تدنسوها، لكنكم لا تستطيعون البقاء فيها إلى الأبد.
ولا حاجة لنا بكم لا حكامٍ ولا معارضين.

المصدر: العرب الآن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى