آراء ومقالات

الاسد وخامنئي … وبينهما أوباما!

 

لا أكتم أنني عاجز عن رؤية
بصيص ما لحل عادل وواقعي للمعضلة السورية، التي تحولت، كما يقول الراشد، لحرب إقليمية
كبرى. 

لم تعد الحالة مجرد ثورة
على نظام متعسف دموي، بل هي اليوم حرب إيرانية بامتياز، جنبا لجنب مع النظام السوري.
وهي حرب بمشاركة قطر والسعودية والعراق وحزب الله والقاعدة، تسليحا وبشريا وتمويلا
ودبلوماسيا واستخباريا، و دون أن ننسى الدور التركي الفاعل. أما إذا  نفذت دول كفرنسا وبريطانيا وعود تقديم السلاح لفرقاء
معينين في المعارضة، أي من العلمانيين، فهذه الحرب ستتخذ أيضا طابعا دوليا قد يتسع
لا محالة. 

ما يجري مزيج أو مركب مرعب
من الحسابات والمصالح والخيارات، فيما ينهمر الدم السوري بلا انقطاع، وتستمر أفواج
السوريين بمغادرة البلاد، ويزداد تفكك البلد والانهيار الاقتصادي وخطر الصدامات المذهبية
والدينية والعرقية.

إن إيران هي الدولة الأكثر
تدخلا لحد اعتبار القضية قضيتها هي وأمنها هي، بعد أن تحولت سوريا عندها لمحمية، أو
فلنقل لإحدى المحافظات الإيرانية.

 إنها هي التي تقود حرب الإبادة ضد الشعب السوري، بحرسها الثوري ومخابراتها
وأموالها والمليشيات العراقية واللبنانية التابعة لها، جارة معها حكومة نوري المالكي
الذي ما فتئ يهدد بحرب طائفية.

على مدى سنوات، كان من
رأيي أن رأس أفعى مشاكل المنطقة هو في طهران، وان تساهل إدارة اوباما ويدها الممدودة
لطهران باستمرار هما من وراء تعنت نظام الفقيه والإمعان في الغطرسة وتحدي المجتمع الدولي
وتهديد امن المنطقة. لو كان قد تم كبح غطرسة إيران وردعها بموقف أميركي قوي كموقف ريغان،
عندما أنذر إيران حول الرهائن الأميركيين فرضخت أمام الإنذار الجدي؛ أقول لو تحقق ذلك
لما جرؤ الأسد على التمادي في الاستهتار بالأرواح، ولسقط في وقت مبكر لو أصر على الاستهتار.
ولكن أوباما يواصل سياسة النعامة، خصوصا بقدر ما يتعلق الأمر بإيران. فإذا مدت نفوذها
البحري العسكري للمحيط الهادي وزادت من قوتها البحرية وأقامت قاعدة في المياه الباكستانية
وهددت باب المندب، قامت إدارته بتقليل الخطر والتهوين منه. ولا يزال اوباما مهووسا
بعقدة بوش الابن، المتهم عنده بداعية حرب، في حين قد اختار لنفسه دور حمامة سلام وملاك
رحمة- ولكنها رحمة تشجع قوى وأنظمة العنف والتطرف والعدوان. وفي الأزمة السورية اختار
اوباما الانتظار من بعيد مع أن هيلاري كلينتون 
ووزير الدفاع السابق بانيتا ورئيس وكالة المخابرات السابق كانوا مع تسليح انتقائي
للمعارضة[ أي حسن اختيار لمن تعطى الأسلحة]. وها هو كيري يصرح بأن أوباما ” يشعر
بقوة أن الحل الفوري ليس التمكين من مزيد من القتل.” وأضاف كيري أن أوباما يعتقد
أن الأفضل ” محاولة إبلاغ الرئيس الأسد بان هناك حلا.” لكن ما هو هذا الحل!!
وكيف الطريق لوقف القتل المرعب غير إنهاء حكم الجزار وردع سادته في إيران؟!

أن أي موقف غربي جديد يأتي
متأخرا، دون أن نعني أنه لن يكون مؤثرا. فالسعودية وقطر تمولان وتسلحان الإسلاميين،
والقاعدة اخترقت الحدود ممثلة في جبهة النصرة وبقوة مسلحة يعتد بها ومدربة على عمليات
التخريب. و قد وقعت بالفعل مناوشات  بين عناصر
مليشيات عراقية ولبنانية شيعية وبين سلفيين قرب ضريح السيدة زينب. واحتمالات الصراع
الطائفي تقوى. وللمعارضة رئيس معلن هو من الإسلاميين. والسؤال هو عن مدى قوة ونفوذ
الفئات العلمانية المؤمنة بالديمقراطية بين المعارضة المدنية والجيش الحر، والتي تقول
الأنباء بان فرنسا وبريطانيا تنويان تقديم أسلحة متطورة لها.

أجل، إن رؤيتي مشوشة عن
آفاق المسار السوري، ولكن هواجسي كثيرة وقلقي بالغ. وحزني كبير لمآسي السوريين وخصوصا
المهاجرين.

 

المصدر: إيلاف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى