آراء ومقالات

«شيطنة» إيران

 

في لقاء مع محطة «بي بي
سي»، وغداة اعلان دولة الامارات اكتشاف خلية وصفتها دولة الامارات الجديدة بـ»الارهابية»،
قال الدكتور عمر الحسن مدير مركز الخليج للدراسات الاستراتيجة، إنه من المؤكد أن الدولة
المشار اليها في البيان هي ايران، وقتها لم تكن دولة الامارات قد أفصحت في بيانها عن
هوية من وصمتهم بالارهاب. المذيع ناقش الاكاديمي والباحث الحسن عن امكانية ان يكون
«الارهابيون» من تنظيم القاعدة وأشباهه  «عنزة»
فرد الحسن: بأنه حتى في هذه الحالة فايران هي المتهم، حيث ثبت أنها تخترق القاعدة
«ولو طارت»، الامارات اختارت ارهابيين من خارج اللون الشيعي ومن خارج القاعدة أيضا
هذه المرة، ولا ادري هل ما تزال اتهامات الاكاديمي الحسن قائمة، أوليس للشيطان في كل
شر حظ ونصيب؟

أما مركز امية للبحوث والدراسات
الاستراتيجية، فقد عقد مؤتمرا في القاهرة حول «المشروع الايراني في المنطقة العربية
والاسلامية»، لم يدع اليه أي متعاطف او محايد حيال ايران ومشروعها، وخرج المؤتمر بعد
ثلاثة أيام بتوصيات، تشبه اعلان الحرب ولكن من قبل «باحثين» و»اكاديميين» أو هكذا يفترض
أن يكونوا، فقد نص البيان الختامي للمؤتمر على ما يأتي:  «وقد أجمع المؤتمرون في نهاية بيانهم الختامي على
ضرورة التصدي لخطر هذا المشروع»، ثم وجد هؤلاء سببا لنهوض العرب فـ»أوصوا بتدشين مشروع
عربي جامع لمواجهة المشروع الإيراني التوسعي»، ثم تجاوز هذه المقدمات الى لب المقاصد،
فأوصى بعدم «صرف النظر عن خطورة المشروع الإيراني، بتسليط الضوء على خطر المشروع الإسرائيلي
المُجمع على عداوته، فكلا المشروعين يعمل على تقويض المجتمعات العربية لصالح الهيمنة
الخارجية»، هكذا إذاً! فالشعب الايراني الذي يجاور العرب ويخالطهم منذ فجر التاريخ،
يماثل وقد يتفوق لاحقا على الكيان الاسرائيلي في المعاداة. المؤتمر زاد وأفاض بأن اعلن
حربا -ليس هو بحجم بعضها- لتقويض النظام الايراني فأوصى بـ»وجوب مناصرة الأقليات الدينية
والقومية في إيران ودعم حقوقها المشروعة، وخصوصاً عرب «الأحواز» والتواصل معهم في مواجهة
قمع النظام الإيراني لهم، وحثّ الشيعة العرب الرافضين المشروع الإيراني على تفعيل حراكهم
السياسي؛ رفضاً لهيمنة نظام ولاية الفقيه
».

المؤتمر المذكور ضم اتراكا
سمح لهم الاطار الجديد للقومية العربية والمتغير دائما أن يدلوا أيضا بدلوهم في سوق
البيان العربية، ويسهموا بقسمهم، وهؤلاء لم ينهجوا نهج علامة الترك الشيخ محمد زاهد
الكوثري رحمه الله على مثل هذه الروح العنصرية في كتابه « الترحيب بنقد التأنيب»، وما
نقله من أن «عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ دخل الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَرَأَى
حِلَقَ الْعِلْمِ وَالذِّكْرَ، فَأَعْجَبَ بِهَا، فَأَشَارَ إِلَى حَلْقَةٍ، فَقَالَ:
لِمَنْ هَذِهِ الْحَلْقَةِ؟ فَقِيلَ لِعَطَاءٍ وَنَظَرَ إِلَى أُخْرَى، فَقَالَ: لِمَنْ
هَذِهِ؟ فَقِيلَ: لِمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَنَظَرَ إِلَى أُخْرَى، فَقَالَ: لِمَنْ
هَذِهِ؟ فَقِيلَ: لِمَكْحُولٍ، وَنَظَرَ إِلَى أُخْرَى، فَقَالَ: لِمَنْ هَذِهِ؟ فَقِيلَ:
لِمُجَاهِدٍ وَكُلُّ هَؤُلاءِ مِنْ أَبْنَاءِ الْفُرْسِ الَّذِينَ بِالْيَمَنِ، فَرَجَعَ
إِلَى مَنْزِلِهِ، وَبَعَثَ إِلَى أَحْيَاءِ قُرَيْشٍ فَجَمَعَهُمْ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ
قُرَيْشٍ، كُنَّا فِيمَا قَدْ عَلِمْتُمْ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِهَذَا الدِّينِ، فَحَقَّرْتُمُوهُ حَتَّى غَلَبَكُمْ
أَبْنَاءُ الْفُرْسِ، فَلَمْ يَرُدَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ،
فَإِنَّهُ قَالَ: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ
الْمَلِكِ: «مَا رَأَيْتُ كَهَذَا الْحَيِّ مِنَ الْفُرْسِ، مُلِكُوا مِنْ أَوَّلِ
الدَّهْرِ، فَلَمْ يَحْتَاجُوا إِلَيْنَا، وَمَلَكْنَاهَا فَمَا اسْتَغْنَيْنَا عَنْهُمْ
سَاعَةً
».

ان خيوط «شيطنة ايران»
في المنطقة اكتملت نسيجا لا يكاد يتآلف على شيء الا على هذه القضية، وذلك بعد دخول
بعض المتمنعين ممن اصطلى قبلا و-ربما ما يزال- بنار الاقصاء، وتهم «الشيطنة» الى فرقة
العازفين
.

إلا أن هذه الحالة على
هياجها وصخبها، وما تنذر به من مخاطر جسيمة، اصبحت اكثر هشاشة في المنطق، وضعفا في
الاقناع، وجبنا من المخالفة والحوار، مع كثرة المجازفة في الاتهام والمغالاة في الوصف،
التي غالبا ما تكون دون حدود أو قيود، وتجاوز حدود العقل والمنطق الى لغة المبالغة
والصياح التي كان يفترض فيها أن تكون بضاعة ما قبل «الربيع العربي»،  لكن الحال هو الحال، والدب يقفز داخل القفص ذاته،
ولم يئن أوان التغيير الحقيقي، الذي يكون أول ما يكون في الفكر
.

المصدر:  صحيفة السبيل

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى